ستبقى سنة "2013" بالنسبة للرياضات الجماعية الممارسة باليد (سلة, يد, طائرة) عالقة في الأذهان ليس بانجازاتها الرائعة, بل بضعف نتائجها المسجلة في كل المنافسات الدولية التي شاركت فيها المنتخبات و الأندية الجزائرية بمختلف أصنافها. وقد أكدت هذه المنتخبات و الأندية المشاركة في مختلف المنافسات المدرجة ضمن رزنامة السنة المنقضية و التي ينبغي نسيانها بسرعة, التدهور الواضح للرياضة الجزائرية التي لم تكن متعودة على الظهور الشكلي في المنافسات ذات المستوى العالي. كرة اليد: الانعكاسات السلبية "لأزمة عميقة" رياضة كرة اليد التي كانت تفتخر بالحصول على أجمل سجل للرياضة الجزائرية بكل أنواعها, فقدت الكثير من هيبتها على الصعيد الدولي. فباستثناء لقب عربي للأندية لا يغني و لا يسمن من جوع فازت بها فتيات المجمع البترولي في دورة متواضعة جرت بالمغرب, فان الخرجات الأخرى لممثلي الكرة الصغيرة الجزائرية لم تكن في مستوى سمعة هذه الرياضة التي عرفت "أزمة داخلية " دامت موسمين قبل أن تجد الحل بعد "التدخل الصارم" للهيئة الدولية للعبة التي قامت بالغاء الجمعية العامة الانتخابية الاولى للاتحادية الجزائرية . هذه الأزمة أثرت سلبيا على تمثيل كرة اليد الجزائرية على الساحة الدولية التي بدأت بمشاركة متواضعة في مونديال-2013 باسبانيا, حيث اكتفي السباعي الجزائري للأكابر بالمركز السابع عشر بعد تسجيله لفوزين و تعادل واحد و اربع هزائم. بعد أشهر قليلة, أبانت التشكيلة الجزائرية خلال الألعاب المتوسطية التي احتضنتها مدينة مرسين التركية وجها شاحبا, حيث احتلت المراتب الأخيرة في منافسة محدودة المستوى والتي لا تعكس سمعتها. لا سيما و أنها توجت باللقب المتوسطي لدورة 1987 باللاذقية (سوريا) على حساب المنتخب الفرنسي الذي أصبح فيما بعد من أحسن المنتخبات العالمية في هذه اللعبة. من جهتهن أكدت لاعبات كرة اليد تقهقر الكرة الصغيرة الجزائرية من خلال أدائهن المتواضع في الألعاب المتوسطية الأخيرة بمرسين و احتلالهن المركز الأخير, ثم الأداء الباهت في مونديال-2014 بصربيا, حيث اكتفين بانتصار واحد في سبع مباريات, جعلهن يحتللن المركز 22 من أصل 24 منتخبا مشاركا. نفس الخيبة سجلتها الأصناف الصغيرة حيث جاء منتخب أقل من 21 سنة للذكور في المركز الأخير لمونديال هذا الصنف و هي أسوأ نتيجة له في تسع مشاركات عالمية. أما صنف الشبلات اللائي كان من المفروض أن يشاركن في البطولة الافريقية 2013 بالكونغو, إلا أنهن انسحبن من المنافسة قبل أسبوع واحد عن انطلاقتها. لدى الأندية, انقذ المجمع البترولي للسيدات ماء الوجه بحصوله على الكأس العربية في الوقت الذي اكتفى فيه فريق الذكور, صاحب الرقم القياسي في عدد الألقاب في عهد مولودية الجزائر سابقا, بالمركز الثالث. الكرة الطائرة: تقهقر مخيف للعبة... حتى رياضة الكرة الطائرة, لم تسلم من لعنة النتائج السلبية وبالخصوص على مستوى الكبريات اللائي حققن اسوأ مشوار لهن منذ أكثر من عشريتين على الصعيدين القاري و العالمي. التشكيلة النسوية التي توجت باللقب القاري عام 2009 و وصيفة بطل افريقيا (2011) و صاحبة الميدالية الذهبية في الالعاب الافريقية لمابوتو (2011), أنهت البطولة القارية-2013 في المركز الأخير بعد انهزامها في كل مبارياتها, وهي وضعية لم تكن زميلات فاطمة الزهراء عكازي متعودات عليها. بعدها سنحت للنخبة النسوية فرصة حضور أكبر تجمع عالمي و ذلك في منافسة الجائزة الكبرى للرابطة العالمية التي تشارك فيها احسن المنتخبات العالمية من القارات الخمسة. في هذه المنافسة, خسرت اللاعبات الجزائريات كل المقابلات و عددها تسعة بنفس النتيجة (3-0) في المحطات الثلاثة التي جرت في كل من تركيا و صربيا و الصين تايبي ليأتين على اثرها في المركز العشرين و الأخير. هذا الاخفاق جاء نتيجة "التشبيب الجذري" الذي اعتمدته الهيئة الاتحادية بعد الخلاف الذي نشب بينها و بين بعض اللاعبات الدوليات اللائي لم يكن راضيات عن عدم مشاركة المنتخب النسوي في العاب مرسين المتوسطية. نفس الخيبة سجلها المنتخب الجزائري للذكور الذي هيمن على اللعبة قاريا و عربيا خلال سنوات 80 و 90 , لكنه كان بعيدا عن مستواه المعهود خلال هذه السنة مثلما تؤكده مشاركته في الموعدين المتوسطي و الافريقي. ففي مرسين التركية تمكن لاعبو المدرب الوطني مراد سنون من الفوز على ايطاليا (3-2) دون أن يضمن لهم هذا الفوز التأهل للمربع الذهبي, في الوقت الذي احتلوا فيه المركز ما قبل الأخير في بطولة افريقيا للأمم بسوسة (تونس) بعد تسجيلهم لأربع هزائم بنفس النتيجة (3-2), و إكتفوا بفوز واحد على المنتخب الييبي المتواضع. وزادت الطين بلة لدى الأصناف الصغيرة التي أخفقت في كل المنافسات التي شاركت, وخاصة في بطولة افريقيا للأشبال التي احتضنتها مدينة سطيف في بداية السنة, حيث احتل المنتخب الجزائري للذكور المركز الرابع و الأخير بعد هزيمة مذلة أمام رواندا. وحتى الأواسط (ذكور) تلقوا نفس المصير امام رواندا في موعد تونس التي احتضنت البطولة القارية لهذا الصنف. و كانت الفرصة سانحة للمنتخبات الشبانية لاكتشاف المستوى العالي من خلال مشاركتهم في مختلف البطولات العالمية للشبلات و الأواسط (ذكورا و اناثا) حيث اكتفت الشبلات بفوز واحد على حساب نيجيريا (3-2) في موعد برنو التشيكية, مما مكنهم من احتلال المركز السابع عشر من اصل 20, بينما خسر الأواسط و الوسطيات كل مقابلاتهم في موعدي تايلندا و المكسيك. نفس الاخفاق سجلته الكرة الطائرة الجزائرية على مستوى الأندية التي عجزت حتى في اجتياز الدور الأول على غرار أهلي برج بوعريرج الذي اكتفى بالمركز التاسع في البطولة القارية التي احتضنتها مدينة بنغازي الليبية في شهر أبريل الماضي. وكان مشوار الفتيات أفضل بكثير, حيث بلغ النادي النسوي للمجمع البترولي الدور النهائي قبل ان يخسر امام العملاق الكيني نادي السجون (2-3), الذي اقصى في الدور ما قبل النهائي, الممثل الجزائري الثاني مشعل بجاية (0-3). كرة السلة: عودة محتشمة على الساحة القارية... كرة السلة الجزائرية التي غابت لمدة طويلة عن الساحة الافريقية, قد عادت أخيرا للمنافسة بمناسبة اجراء بطولة افريقيا للأمم 2013 بكوت ديفوار. وقد أثر نقص المنافسة الدولية للتشكيلة الوطنية التي خاضت آخر بطولة افريقية لها عام 2005 بالجزائر, على مستوى هذه الرياضة التي يبقى انجازها الكبير مرتبة ثانية في طبعة 2001 بالمغرب الذي سمح له بحضور العرس العالمي في امديانابوبيس الأمريكية. وقد تأهل المنتخب الجزائري للموعد الايفواري الأخير بفضل التأهل المباشر للمنتخب التونسي, حامل اللقب الافريقي لدورة 2011, وغياب موريتانيا و ليبيا عن تصفيات المنطقة الأولى مما سمح لمنتخبي الجزائر والمغرب بالتاهل لهذه الدورة. ولم يمنع المستوى العالي لهذه البطولة لاعبي المدرب الوطني فايد بلال بتحقيق مفاجأة صغيرة على حساب مصر الذي تأهل فيما بعد للمباراة النهائية أمام أنغولا, قبل أن يمحو هذا الانجاز بهزيمة امام المغرب في الدور ثمن النهائي بعد ان كان الفوز في متناوله. وكان زملاء اللاعب توهامي متقدمين في النتيجة بفارق 6 نقاط في الدقيقة الأخيرة من المباراة قبل أن يهدوا الفوز بصورة غربية, ويضيع منهم التأهل للدور ربع النهائي خلال الوقت الاضافي الذي كان من المفروض الا يلعبوه. من جهته نجح المنتخب النسوي في التأهل للمرحلة النهائية للبطولة الافريقية 2013 بمابوتو بعد اقصائه في الدور التصفوي للمنطقة منتخب تونس. التشكيلة النسوية التي خاضت لقائي الذهاب و الاياب بتونس, خسرت المباراة الاولى (43-52) قبل أن تحدث المفاجأة في الثانية (72-58), وتتأهل بأعجوبة لموعد مابوتو بفارق النقاط. مشوار الفريق الجزائري كان متواضعا في هذه الدورة بسبب المستوى العالي للمنتخبات النسوية الافريقية على غرار أنغولا و السنيغال, حيث اكتفى بفوز واحد على حساب الزمبابوي. على مستوى الأندية, عاد شباب قسنطينة حامل اللقب الوطني للمنافسة القارية بعد غياب التمثيل الجزائري لأكثر من عشريتين. ففي موعد سوسةبتونس, احتل ممثل الجزائر المركز الخامس من أصل 12 فريقا وهو مشوار مشرف بالنظر لقوة الأندية الحاضرة, ولو أنه كان قادرا على بلوغ المربع الذهبي. في المقابل, خيبت لاعبات المجمع البترولي كل الآمال بانهزامهن بقاعة حرشة (الجزائر) في نهائي البطولة المغاربية امام نادي شرطة المرور التونسي, في حين خسر اولمبيك الجزائر, المباراة الترتيبية من أجل المركز الثالث امام الممثل التونسي الثاني نادي الوطن القبلي, وهو ما يعكس جليا تراجع مستوى السلة النسوية في الجزائر. والخلاصة أن حصيلة الرياضات الجماعية لسنة 2013 تبقى الأسوأ بلغة الأرقام خلال العشريتين الأخيرتين, مما يتطلب من الجهات المعنية حلول جذرية على المستوى القاعدي واعادة بعث التكوين من أجل تدارك هذه الوضعية في أقرب الآجال.