ينتظر أن تنطلق اليوم الاحد بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا أول محادثات سلام مباشرة بين طرفي النزاع في جنوب السودان بعد تأجيلها لأيام للوصول إلى اتفاق يوقف الإقتتال المستمر منذ ثلاثة أسابيع في الوقت الذي تتواصل فيه الإشتباكات المسلحة بين الطرفين والتي تركزت حول مدينتي بور وجوبا. وكانت الوساطة الإفريقية قد بدأت مشاورات منفصلة بين الوفدين يوم الجمعة الماضي تحضيرا لجولة التفاوض اليوم برعاية دول مجموعة الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق إفريقيا "إيجاد" وبمساندة من وسطاء آخرين. وكان من المقرر أن تعقد المحادثات المباشرة امس السبت ولكنها فشلت بسبب أمور تتعلق بجدول الاعمال وفقا لما ذكر مسؤول بالهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق إفريقيا فى وقت سابق. وتهدف هذه المفاوضات إلى وضع حد لنزاع أوقع آلاف القتلى وتسبب في نزوح نحو مائتي ألف شخص في أكثر من 15 يوما من الإضطرابات في هذا البلد الذي إنفصل حديثا عن السودان سنة 2011 وينشط المتمردون فيه بصورة خاصة بالمناطق الشمالية الغنية بالنفط وفي الشرقية منه. ويرأس حكومة وفد جنوب السودان وزير الخارجية السابق نيال دينق بينما يرأس وفد المتمردين الموالين لمشار النائب السابق للرئيس سلفاكير ميارديت والمتهم بقيادة التمرد تعبان دينق الحاكم السابق لولاية الوحدة الغنية بالنفط وعاصمتها بانتيو. وكانت اللقاءات السابقة قد توصلت إلى إتفاق الجانبين مبدئيا على وقف إطلاق النار غير أنه لم يشر أي منها إلى موعد التنفيذ في ظل تواصل الاشتباكات بين الطرفين. وكان تعبان قد جدد في اديس ابابا الدعوة التي وجهها كمشار لإطلاق سراح سياسيين بارزين ورفع حالة الطوارئ للتي اعلنها من قبل سلفاتكيير في ولايتين في البلاد. تواصل القتال يقلص الآمال من إحتمال التوصل إلى إنهاء العنف قريبا وبينما يستعد جانبي النزاع لعقد مفاوضات مباشرة اليوم باديس ابابا تتواصل الإشتباكات بين قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان الموالي للرئيس سلفاكير والمتمردين الموالين لريك مشار النائب السابق للرئيس والتي تركزت على وجه الخصوص حول بلدة بور الاستراييجية والعاصمة جوبا. وأفادت تقارير اخبارية اليوم أن عمليات إطلاق نار كثيف وبشكل عشوائي شهدتها مدينة جوبا إثر مواجهة تمت بين دورية للجيش في الناحية الغربية للمدينة مع قوات تابعة لرياك مشار. وردت قوات من الشرطة والجيش فور سماع الاشتباكات في تلك المواجهة بإطلاق نار كثيف وبشكل عشوائي مما أثار حالة من الهلع. وكان رياك مشار قد قال لوسائل إعلام إن قواته تشتبك مع قوات الرئيس سلفاكير ميارديت غربي العاصمة جوبا وأنه يعتزم السيطرة على العاصمة لأنها مركز الحكموأضاف أن مقاتليه استولوا على أربع مناطق على تخوم العاصمة ويتجهون حاليا إلى جوبا. وكانت من جهتها قوات جيش سلفاكير قد أكدت يوم الخميس أن الجيش يتقدم نحو مدينتي بور وبانتيو موضحا ان قواته انسحبت من المدينة ضمن عملية انسحاب تكتيكية وهي اليوم تتقدم من جديد نحو المدينة. ترحيب دولي ببدء المفاوضات التي قد توقف تفاقم الاوضاع الانسانية وبعث إنطلاق مفاوضات السلام بين طرفي النزاع في جنوب السودان آمالا في الأوساط الدولية التي رحبت بالمباحثات لاحتمال إمكانية وضع حد لتفاقم الاوضاع الانسانية للمدنيين. وحثت في هذا الشأن الولاياتالمتحدة الأطراف المتصارعة على تحقيق تقدم " سريع وملموس" في إنهاء صراعاتها من خلال محادثات مباشرة مؤكدة على عدم وجود حل عسكري لهذا الصراع. وجاءت مناشدة المتحدثة باسم وزارة الخارجية مارى هارف في بيان لها على أنه " يتعين على الأطراف المعنية إستغلال هذه المحادثات من أجل تحقيق تقدم سريع وملموس بشأن وقف الاعتداءات ووصول المساعدات الانسانية ووضع المعتقلين السياسيين". ومن جهتها أثنت بريطانيا على لسان الوزير بوزارة الخارجية للشؤون الإفريقية مارك سيموندس ببدء عملية مفاوضات السلام رسميا مؤكدة أن "الموقف في جنوب السودان يبقى مقلقا للغاية سيما مع إرتفاع كبير في عدد الضحايا من المدنيين". وقال الوزير ان "المملكة المتحدة بجانب الشركاء الدوليين وخاصة الولاياتالمتحدة والنرويج سيواصلون دعم هذه العملية أتمنى أن تساعد هذه المحادثات في إيصال السلام لجميع شعب جنوب السودان". أما دولة إثيوبيا التي تحتضن المفاوضات فقد أعرب وزير خارجيتها تيدروس أدهانوم عن أمله في أن تنجح هذه المفاوضات المباشرة نحو السلام في جنوب السودان مضيفا أن "يستحق السلام والتنمية لا الحرب نحن ممتنون لأعضاء وفدي المفاوضات للتقدم الذي أحرز اليوم". وتزايدت التحذيرات من المنظمات الانسانية من تفاقم الاوضاع المدنيين وقال رئيس البعثة الانسانية للأمم المتحدة في جنوب السودان توبي لانزر ان سكان بور باتوا يواجهون وضعا يزداد كارثية المياه والطعام والادوية بدأت تنفذ والظروف الصحية تتدهور. يذكر أن حوإلى 1000 شخص لقوا مصرعهم بينما شرد ما يصل إلى 190 الف شخص آخر منذ اندلاع مصادمات دموية بين الاطراف المتصارعة فى جوبا عاصمة جنوب السودان فى 15 ديسمبر وامتدت إلى اجزاء أخرى فى البلاد.