أنهى الوزير الأول عبد المالك سلال اليوم السبت زيارة العمل التي قادته إلى تونس و التي توجت بالتوقيع على عدد من البرامج التنفيذية المتعلقة بمجالات التربية و السياحة والعمل والثقافة في إطار الدورة ال19 للجنة المشتركة الكبرى الجزائرية-التونسية و التي تمخضت أيضا عن قرارات هامة متصلة بتنسيق التعاون الأمني و تنمية المناطق الحدودية. و من أهم هذه القرارات اتفاق الجزائر و تونس على تثمين مستوى التعاون القائم بينهما في المجال الأمني و العسكري و التأكيد على صبغته الإستراتيجية مع الدعوة إلى مواصلة المشاورات الثنائية بخصوص مشروع الاتفاق في المجال الأمني. أما التعاون الثنائي في المجال الاقتصادي فقد تميز بتحديد الفاتح من مارس المقبل لدخول الاتفاق التجاري التفاضلي الموقع بين البلدين سنة 2008 حيز التطبيق. كما كان التعاون الجمركي حاضرا من خلال اتفاق الطرفين على تسهيل انسياب حركة المسافرين و البضائع من خلال العمل على تأهيل المنافذ الجمركية بين البلدين و مواصلة التعاون للقضاء على التهريب و تبادل المعلومات حول تهريب الأموال. أما فيما يتعلق بالطاقة فقد توصل البلدان إلى الاتفاق حول تزويد المدن الحدودية بالغاز الطبيعي الجزائري لا سيما ساقية سيدي يوسف و طبرقة و عين درهم كمرحلة أولى. و كانت الجزائر و تونس قد أعربتا على لسان رئيسي جهازهما التنفيذي عن تطلعهما إلى التأسيس لمرحلة جديدة من العمل المشترك "في إطار علاقات متوازنة و متكافئة" بين الطرفين. وفي هذا الإطار شدد السيد سلال على ضرورة الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية بين البلدين ب " الاعتماد على الواقعية كأسلوب في العمل و الاستناد على الموضوعية كقاعدة في التقييم و المصلحة المشتركة كأساس للتعاون". و أكد الوزير الأول في هذا الصدد أن البلدين "مطالبين أكثر من أي وقت مضى باتخاذ خطوات جريئة لإرساء علاقات تعاون قوية و المضي قدما نحو المزيد من التكامل و الشراكة الإستراتيجية". من جانبه اعتبر رئيس الحكومة التونسي مهدي جمعة أن حصيلة مسيرة التعاون بين البلدين "جديرة بالتنويه و التقدير" حيث يعود الفضل في ذلك إلى "صدق الإرادة السياسية المشتركة و ما تحلت به كل الأطراف المعنية من الجانبين من التزام لتحقيق البلدين في التضامن للتصدي للمخاطر التي يوجهانها". و أكد أيضا بأن الدفع بالعلاقات الثنائية إلى مستوى التكامل و الشراكة الإستراتيجية "يستوجب من الجزائر و تونس بذل المزيد من الجهود في سبيل تنمية المناطق الحدودية و العمل على توفير أسباب النماء و الأمن للشعبين". و على صعيد آخر أشاد رئيس الجهاز التنفيذي التونسي بما حققته الجزائر من نمو اقتصادي و اجتماعي بقيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. كما عبر عن اعتزاز بلاده بوقوف الجزائر إلى جانب تونس في هذه المرحلة التاريخية لمصيرية التي تمر بها من خلال دعم مسار تحولها الديمقراطي. و كان السيد سلال قد شارك أمس الجمعة في الاحتفالية التي نظمتها تونس بمناسبة المصادقة على دستورها الجديد حيث مثل رئيس الجمهورية في هذا الحدث. و في كلمة ألقاها أمام أعضاء المجلس الوطني التأسيسي و قادة و مسؤولي البلدان الشقيقة و الصديقة التي حضرت الاحتفالية أكد الوزير الأول عبد المالك سلال وقوف الجزائر إلى جانب جارتها تونس "في السراء و الضراء" و ذلك "إدراكا منها لوحدة المصير" مسجلا مباركتها للجهود التي يبذلها هذا البلد من أجل التأسيس لعهد جديد من الحرية و الاستقرار. كما نقل السيد سلال تحية الرئيس بوتفليقة للشعب التونسي الشقيق مؤكدا أن الجزائر "تابعت بثقة كاملة الخطوات الجبارة التي قطعها الشعب التونسي على درب بناء دولة جديدة و التأسيس لعهد جديد للحرية و الكرامة و الاستقرار و كذا التوفيقات التي تمت بين الفرقاء حول الدستور الجديد الذي يشرف تونس و أبنائها المخلصين". و قال في هذا الصدد "إن الجزائر و إدراكا منها لوحدة المصير ستقف إلى جانبكم في هذه المرحلة الهامة و ستعمل على دعمكم لإنجاح عملية التحول الديمقراطي". كما هنأ السيد سلال تونس و شعبها بالمصادقة على الدستور الجديد للبلاد الذي وصفه ب"الإنجاز العظيم" حيث اعتبره "مفخرة للشعب التونسي و خطوة عملاقة في الاتجاه الصحيح ". و أكد الوزير الأول أن الشعب الجزائري "لم و لن ينسى" ما وجد لدى إخوانه التونسيين من "سند و دعم إبان الثورة التحريرية و موقفها شعبا و حكومة في مساندة الجزائر حين أراد الإرهاب الأعمى و الهمجي ضرب أركان الدولة الوطنية التي ضحى من أجلها الشعب". كما حرص أيضا على نقل تحيات الشعب الجزائري و تمنياته لنظيره التونسي ب"التوفيق فيما تبقى من المسار الديمقراطي لإرساء دعائم الديمقراطية التي ناضل من أجلها". للإشارة كان السيد سلال قد استقبل خلال هذه الزيارة التي دامت يومين من قبل الرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي كما كانت له محادثات مع رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر.