أفرزت ظاهرة الارهاب الدولي واقعا جديدا يضاف الى التحديات العديدة التي تواجهها حركة عدم الانحياز في ظل التهديدات المحدقة بالسلم والامن الدوليين ما يحتم عليها تكييف مقاربتها مع متغيرات الساحة الدولية من أجل كسب رهان الاستقرار و التنمية. وتماشيا مع التطورات التي تشهدها الساحة الدولية وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001 وتداعياتها وفي إطار قرارات مجلس الأمن المتصلة بمكافحة الإرهاب اخذت حركة عدم الانحياز على عاتقها هذا الملف "الشائك" و"المعقد" فاضحى في صلب أولوياتها سواء على مستوى القمم او الاجتماعات الوزارية الهامة. و إيمانا منها بحتمية دعم تنفيذ إستراتيجية الأممالمتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب في ظل المتغيرات الجيو-سياسية المتلاحقة أصبح أكبر تجمع دولي في العالم مطالبا بوضع مقاربات تضامنية وتشاورية بين دوله تسمح بالتأثير ب"فعالية" على النظام الدولي الجديد لجعله أكثر استماعا وتفهما لحاجاته وانشغالاته. -- نبذ الازدواجية في تصنيف الارهاب وعدم التساوي بينه وبين النضال المشروع-- بعدما كان يجسد مبادئ التحرر و النضال ضد الميز العنصري ودعم استقلال الشعوب في عالم ثنائي الاقطاب تسعى حركة عدم الانحياز اليوم في عالم الاحادية القطبية وفي ظل المتغيرات السياسية و الاقتصادية الجديدة الى كسب رهانات التنمية و السلم و الاستقرار ونبذ ازدواجية المعايير في تقييم الارهاب المتنامي في العالم والذي أصبح يهدد أغلب دوله و يضرب "بيد من حديد" مسار الامن و يعيق افاق التنمية الاقتصادية. فمنذ قمة هافانا /كوبا/ عام 2006/ مرورا بشرم الشيخ /مصر/ 2009 / و طهران /2012/ بات موضوع الارهاب يحتل الحيز الاكبر في جدول أعمال الحركة وأحد أهم اولياتها حيث لم تخلو أي من بيانتها الختامية من التشديد على رفض الظاهرة بكافة اشكالها و صورها ووجوب عدم التساوي بينها وبين كفاح الشعوب الخاضعة للاحتلال الاجنبي. وشهدت الحركة خلال هذه الفترة "حالة استدراك" ل"تفعيل" دورها لمواكبة هذا التحدي الجديد و المتنامي والبحث عن السبل الكفيلة بايجاد حلول "عملية" لتجفيف منابعه أمام مخاوف من ان يجد الارضية الخصبة في بلدان تعاني اصلا من النزاعات والامراض والبطالة و الفقر الجهل الى جانب قضايا التنمية. وأصبحت الحركة ترى في مواجهة قضايا استغلال حقوق الإنسان للضغط على الدول وتطبيقها ب"ازدواجية" و "انتقاء" و التعدي على سيادة الدول والمساس بحقوق شعوبها باسم الشرعية الدولية او القانون الدولي أمرا لا بد من التصدي له من خلال تحديد مفاهيم للارهاب تفاديا لكل لبس قد يضعه على قدم المساواة مع المقاومة المشروعة للشعوب. وإدراكا منها من أن السلم و التنمية أمران مرتبطان ويشكلان معادلة لا يمكن اختزالها في كفة على حساب الاخرى أصبحت حركة عدم الانحياز مطالبة بتوحيد جهود دولها والإسراع في إنهاء مشروع الاتفاقية الشاملة لمحاربة هذه الآفة وإستدراك النقائص المسجلة على مستوى القوانين الدولية في هذا الشأن وخاصة تلك المتعلقة بتمويل الإرهاب. و قد رافعت الجزائر من منابر الحركة من أجل تجنيد الوسائل اللازمة بما فيها تكملة الأدوات الدولية الموجودة وإقامة آلية للتعاون بين دول التجمع للقضاء على ظاهرة الارهاب التي تنخر جسد دول الجنوب وحذرت من الابعاد الخطيرة لظاهرة طلب تسديد الفدية التي تسعى لان تصبح وسيلة بديلة لتمويل الجماعات الإرهابية مؤكدة ضرورة محاربة هذه الظاهرة متعددة الاوجه و الابعاد. و خلال قمة طهران عام 2012، حذرت الجزائر على لسان رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح الذي مثل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في أشغال الدورة ال16 من التهديدات المحدقة بلإستقرار و التوازن الجيوسياسي على المستويين الجهوي و الدولي. و أعرب عن انشغالات الجزائر حيال التطورات الأخيرة المسجلة في منطقة الساحل و "ما ينجر عن ذلك من مخاطر و تهديدات على الأمن و الإستقرار في المنطقة" معتبرا بأن الإرهاب و تهريب الأسلحة و التخلف و الفقر التي تميز المنطقة "قد زادت من هشاشة" الوضع السائد. -- تطبيق استراتيجة الاممالمتحدة لمكافحة الارهاب حاجة ملحة لدول التجمع-- أصبحت حركة عدم الانحياز ترى في تطبيق استراتيجية الاممالمتحدة لمكافحة الارهاب ضرورة "ملحة" لدول التجمع بعد أكثر من عشرية عبر خلالها الارهاب كل الحدود والاوطان مسجلا رقما قياسيا في حجم العمليات التي تعتبر "الاكثر دموية" و ما يرتبط بها من آثار الجريمة المنظمة. و شددت المجموعة على ضرورة تطبيق إستراتيجية الأممالمتحدة الدولية الخاصة بمحاربة الإرهاب بشكل "شفاف "و"شامل" و"متوازن". و من هذا المنطلق دعت الحركة الى دعم تنفيذ إستراتيجية الأممالمتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب وعقد مؤتمر رفيع المستوى تحت رعاية الأممالمتحدة لصياغة استجابة مشتركة للمجتمع الدولي لمواجهة هذه الظاهرة. كما تبنت الحركة انحياز الدعوة الى عقد مؤتمر دولي لإعداد رد منظم للمجتمع الدولي على ظاهرة الإرهاب. و كان وزير الخارجية السيد رمطان لعمامرة قد أكد في تدخله خلال المنتدى العالمي الرابع لمكافحة الارهاب /سبتمبر 2013/ بنيويورك الجهود التي تبذلها الجزائر "من دون هوادة" في مكافحة الارهاب مشددا على التزامها بالوقاية و مكافحة الظاهرة في إطار الشرعية الدولية و الاستراتيجية العالمة لمكافحة الارهاب. و إن لم تتمكن من تقديم إسهام معتبر في النقاش الحالي حول مشروع الاتفاقية العامة للارهاب الا ان الحركة لم تتوقف عن التنديد بالارهاب بكل اشكاله و تشجيع إقامة تعاون اوسع على الصعيد الدولي للوقاية منه و تفكيك شبكات دعمه واستنفاذ كل مصادر تمويله ومنع اي ملجأ او حماية له قمع كل العمليات التي تمت له بصلة. وبدى جليا من خلال تدخلات ممثلي الحركة في جلسة لمجلس الامن الدولي في يناير 2013 بأن مواقفها ازاء "ازدواجية المعايير" في تصنيف الارهاب تبقى ثابتة مع ضرورة مواصلة إدانتها لاستخدام سلطة الدولة لقمع الشعوب التي تمارس حقها غير القابل للتصرف في تقرير المصير. وتقوم الاستراتيجية التي اعتمدتها الجمعية العامة في سبتمبر 2006 على أربع ركائز معالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب ومنع الإرهاب ومكافحته وبناء قدرات الدول على منع الإرهاب ومكافحته وتعزيز دور منظومة الأممالمتحدة في هذا الصدد وضمان احترام حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون بوصفها الركيزة الأساسية لمكافحة الإرهاب. و اليوم يتحتم على دول التكتل التصدي للارهاب والجريمة المنظمة ومختلف انواع التهريب من خلال بلورة تصور استراتيجي مشترك بالتنسيق مع الشركاء الدوليين بما يستجيب لتطلعات شعوبها و يتكيف مع معطيات النظام العالمي الجديد.