شرعت الجزائر يوم الأربعاء في المرحلة التطبيقية لمواقفها الحالية و السابقة من أجل التوصل إلى حل دائم و "توافقي" لازمة سوق النفط الدولية من خلال إرسال أول مبعوثيها إلى البلدان المنتجة للنفط في مسعى للحوار المتواصل بين جميع الدول المعنية. وهو الأمر بالنسبة لوزيري الطاقة يوسف يوسفي والعدل الطيب لوح المبعوثين الخاصين للرئيس عبد العزيز بوتفليقة على التوالي لدى السلطات العليا بأذربيجان و العربية السعودية. فقد سلم السيد يوسف يوسفي لرئيس أذربيجان إلهام ألياف رسالة من الرئيس بوتفليقة تطرق فيها "إلى ضرورة إجراء مشاورات" بين البلدان المنتجة الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبيب) و تلك غير المنتمية إلى هذه المنظمة. من جانبه نقل وزير العدل رسالة من الرئيس بوتفليقة إلى الملك الجديد للعربية السعودية سلمان بن عبد العزيز حيث التقى بالرياض بوزير النفط السعودي علي بن إبراهيم النعيمي التي تعد بلاده من أهم منتجي النفط في العالم. و تمر سوق النفط الدولية بمرحلة اضطراب جديدة خفضت إلى النصف من أسعار النفط في ظرف أشهر قليلة و أثرت بشدة على مداخيل البلدان المنتجة حيث تعتمد غالبيتها على هذا المورد. و ترتقب الجزائر الوفية لمبادئ سعر "منصف و عادل و مربح " للصادرات النفطية في المستقبل القريب تكثيف المبادرات من اجل التوصل إلى استقرار السوق حيث تؤدي اختلالاتها إلى أضرار جسيمة على اقتصاديات البلدان المعنية و الأكثر هشاشة في المقام الأول. و هي تفضل في هذا المقام و كما فعلت دوما مقاربة للتعاون تعطي الأولوية للتشاور و الحوار بين جميع البلدان المصدرة سواء كانوا أعضاء أو غير أعضاء في الأوبيب الذين يوحدهم مصير واحد بما أن الفائدة ستعود على الجميع و الأضرار كذلك. و ترى بلدان مثل الجزائر انه إذا لم تتمكن الأوبيب التي وجدت للدفاع بشكل جماعي عن سعر منصف و عادل من لعب هذا الدور لأسباب متعددة فان حلا "توافقيا" بين جميع منتجي النفط عبر العالم يصبح ضروريا ليس فقط بالنسبة للاقتصادات الوطنية و إنما كذلك من اجل توازنات الاقتصاد العالمي برمته. و بمناسبة الزيارة الأخيرة للرئيس الفنزويلي إلى الجزائر اتفق هذين البلدين الكبيرين في منظمة الأوبيب على ضرورة مواجهة انخفاض أسعار النفط مقترحين القيام "بعمل مشترك" و جهد موسع على جميع المصدرين للنفط في مسعى للبحث عن إجماع يعود بالفائدة على الجميع. و كان وزير الطاقة الجزائري يوسف يوسفي قد أكد في شهر نوفمبر الأخير أن "المسعى التوافقي (في منظمة الأوبيب و مع منتجين آخرين) ضروري للخروج بحلول ثابتة" و ذلك من اجل تشجيع نظرائه في المنظمة في اجتماع رسمي على انتهاج طريق الحوار من اجل تصحيح الاختلالات في السوق. و إذا كانت طريقة (إرسال المبعوثين) غير مسبوقة فان مواقف الجزائر بخصوص تجارة النفط تبقى ثابتة و تندرج في مسعى الدفاع على الحقوق المشروعة للبلدان المنتجة في سعر منصف لصادراتهم التي تعتمد عليها كثير من شعوبهم. و في سنوات الثمانينات و في الوقت الذي كانت فيه "حرب الأسعار" على أوجها في ظرف جيوسياسي عالمي جد حساس دعت الجزائر رغم ذلك و تقريبا لوحدها إلى تضامن البلدان المنتجة أمام آثار الانهيار التاريخي لأسعار برميل النفط على حساب جميع الأطراف الفاعلة في السوق النفطية من مصدرين و مستهلكين. و قبل ذلك في سنة 1975 لما تم إطلاق المطلب الاستراتيجي الخاص بنظام اقتصادي عالمي جديد احتضنت الجزائر القمة الأولى لرؤساء دول منظمة البلدان المصدرة للنفط حيث قامت خلالها بالدفاع على نفس مبادئ العدل و التضامن التي تعود بالفائدة المتبادلة و التي لا زالت تدافع عنها اليوم بعد مضي 40 سنة.