أكد الصحفي والمستشار الإعلامي البريطاني، فيل هاردينغ، اليوم الخميس بالجزائر العاصمة على ضرورة جعل وسائل الإعلام في منأى عن أي سلطة وبالخصوص المال ملحا على أهمية احترام وسائل الإعلام لاسيما العمومية لأخلاقيات المهنة. وجاء التصريح خلال اليوم الدراسي الذي نظمته الإذاعة الجزائرية بالتعاون مع بي بي سي بمناسبة اليوم العالمي للإذاعة حول "رهانات أخلاقيات المهنة في وسائل الإعلام العمومية". واعتبر رئيس قسم التحرير السابق والمدير التنفيذي للسياسة التحريرية وأخلاقيات المهنة ببي بي سي أن حرية التعبير ليست "حقا مطلقا" مشيرا إلى أمثلة وضعت القناة الدولية مؤخرا أمام معضلة نشر بعض المعلومات الحساسة أو الامتناع عن ذلك. وأشار في هذا الصدد إلى أن بي بي سي ارتأت أنه من "الحكمة" عدم نشر تسجيل فيديو جماعة إرهابية احتجزت رهينة في أوغندا. وأوضح قائلا "فضلنا عدم نشر شريط الفيديو الذي كان يطالب فيه الإرهابيون بفدية واكتفينا بنشر خبر الاختطاف" مضيفا أن تلك الخيار كان الأصوب سيما وأنه تم فيما بعد تحرير الرهينة. واعتبر الخبير أنه يجدر بوسائل الإعلام العمومية "مراعاة رأي متتبعيها" ملحا على ضرورة الالتزام بقانون أخلاقيات المهنة واحترام الكرامة الإنسانية في معالجة أي معلومة. وأشار على سبيل المثال إلى امتناع قناته عن نشر شريط إعدام القادة السابقين معمر القذافي وصدام حسين. وأوضح قائلا "لابد من معايير أخلاقيات عالية بالنسبة لجميع وسائل الإعلام سواء الخاصة أو العمومية وبالخصوص هذه الأخيرة كونها ممولة من قبل الملزمين بالضريبة وأن المستمعين يثقون أكثر فيها". الشفافية في التمويل ضمان أخلاقيات المهنة و يرى الصحفي و الجامعي عمار بلحيمر أن الشفافية في تمويل أية وسيلة إعلام عمومية هي "الضامن" لاحترام قواعد أخلاقيات المهنة لأنه كما قال "لا وجود للحياد دون شروط الدفع". و أضاف نفس المتحدث أن قواعد الاخلاقيات المهنية ليست بالضرورة نفسها سواء تعلق الأمر بالقطاع العمومي أو الخاص معتبرا أن الأول مرتبط بسلطة ضبط مما يتطلب قيودا في مجال أخلاقيات المهنة كونها ممولة من الأملاك العمومية. أما القطاع الخاص فيفرض على نفسه سلطة ضبط "ذاتية" يحدد قواعدها و مبادئها مهنيون. وذكر نفس المتحدث أن قانون السمعي البصري موجود منذ 2009 مؤكدا على أهمية توفير بيئة قانونية كفيلة بتجسيد مبدأ حرية التعبير. كما أكد أهمية وضع هيئة "مستقلة" تضمن حماية وسائل الإعلام من التأثير الخارجي يتم تعيين أعضائها بكل "شفافية" من قبل المجتمع المدني. وفيما يتعلق بالسمعي البصري يرى نفس المتحدث أن نسبة المتابعة ليست الشرط الفعال بل مدى "تحول" و "تكيف" هذا النوع من الهيئات الإعلامية. واعتبر في سياق متصل أن "تدهور نوعية المعلومة التي تشهدها الساحة الإعلامية الدولية خلال السنوات الأخيرة تعود إلى التضليل الإعلامي و الضغط على وسائل الإعلام".