-بقلم إسماعيل يبرير- الجزائر- أصبح الشيخ علي التيجاني الخليفة الثاني عشر للطريقة التيجانية منذ 04 أكتوبر 2010 اثر مبايعته بمسجد جده سيدي محمد الحبيب وبحضور أحفاد التيجاني ووفود دول أجنبية، ليدعو جميع المريدين للالتفاف حول الخلافة بالجزائر. هو علي التيجاني بن محمد بن عمار بن علال بن أحمد عمار بن محمد الحبيب بن الشيخ المؤسس أحمد التيجاني صاحب الطريقة (1737-1815) دفين فاس، وقد عرف بلقب "بلعرابي" لدى العامة. ولد بعين ماضي سنة 1943 وتلقى بها دراسته الشرعية منتسبا للزاوية لتكون الطريقة التيجانية أول حليب يرضعه بعد أن جرى دمها في عروقه نسبا إلى جده المؤسس، وفاء لتقليد العائلة. اشتغل في مجال التجارة بعد أن خبر الحياة الصوفية ضمن مساره العائلي، ولأن العرف التيجاني يقضي أن يتولى الخلافة أكبر الأحفاد فقد هيأته الظروف لتبوء المكانة خلفا لسابقه أمحمد التيجاني. تدعو ملامح الخليفة سيدي بلعرابي إلى حالتين فالبعيد منه يرى غموضا وجدية وصلابة، لكن الاقتراب منه طريق إلى رجل هادئ ومستمع جيد أكثر من كونه متكلما، ولعل أكثر شيء يشد إليه هو معرفته العميقة بتاريخ عائلته الذي هو تاريخ التيجانية، بل هو مرجع بالنسبة لباقي الأحفاد الذين يعودون إليه في كل مرة. يمشي في مساره اليومي بين بيته المحاذي لمقر الخلافة التيجانية ومسجد عبد الجبار التيجاني، يصلي ويؤدي أذكاره ثم يرعى شؤون طريقته، حيث يلتقي بمن يستشيره أو ينقل إليه خبرا، لكنه يسأل أيضا ويقترح حلولا تبدو للآخرين أقرب إلى الأوامر. يقدم الخليفة العام سيدي بلعرابي غيره في شؤون عدة، فقد يقترح الشيخ محمد مسعودي (رجل تربية) العارف بشؤون وخبايا التيجانية ليحدث الوافدين بدلا عنه، كما قد يدعو الأستاذ أحمد الشايب ليوجه أو يستقبل الضيوف أو يرافقهم. وينوب عن الخليفة في بعض أموره أبناء عمومته على غرار الغريسي التيجاني أو الحاج احميدة التيجاني، وهما يتصفان بسمة مشتركة وهي قبول الضيف واكرامه والاحتفاء بالوافدين إلى الزاوية التيجانية ومقر الخلافة العامة. يعتقد الخليفة العام الثاني عشر للتيجانية أن العلم وحده ليس منجاة فحتى "ابليس عالم كبير، لكنه تكبر" ويدعو إلى "إحكام العقل والسعي إلى السلام وتقديم الخير وحسن الظن". ولأن هذا ما يحكم الطريقة فقد قام الخليفة الحالي بعدة رحلات حاملا رسالة التيجانية "المحبة والسلام" وفي كل مكان تطؤه قدمه كان محل احتفاء كبير، على غرار الزيارة التي قادته إلى السودان مطلع السنة الماضية. يذكر الكثيرون أن الشيخ بلعرابي اعتاد منذ مطلع شبابه أن يعتمد على نفسه وكان حازما وجادا في صغره، وهو ما دفعه إلى الخروج إلى الحياة ليخبرها ويعرف تجاربها والاختلاط بالمجتمع. ومنذ توليه الخلافة يسعى سيدي بلعرابي إلى تحقيق وحدة أتباع التيجانية وراء الخلافة العامة، حيث يرفض أن يقوم "أي نشاط خارج لواء الخلافة العامة للطريقة ودون استشارتها". فكون الشيخ المؤسس أحمد التجاني دفين فاس التي أسس بها زاوية جعل المريدين والأتباع بالمغرب يطالبون بأحقية الزاوية المغربية في الخلافة التيجانية على حساب الزاوية الأم. على خلاف كل الطرق الأخرى فإن التيجانية طريقة الملايين، إلا أنها أيضا طريقة الكثير من الإشاعات التي ألصقت بها على مر عقود، وهو أمر يجعل الخليفة في وضع مختلف عن باقي رموز وأقطاب الطرق الأخرى. يدرك الحفيد التيجاني أن طريقة جده في موقعها تلامس السياسة كثيرا، ففي بعض دول غرب افريقيا يمكنها أن تغير المشهد السياسي لهذا فالخليفة يسعى للنأي بها دون أن ينسى تجديد انتمائها في كل مرة إلى الجزائر مهدها الذي ولدت به.