تشن اسرائيل حملة محمومة على قطاع غزة شملت غارات جوية على أراضيه بحجج واهية وتشديد الخناق على سكانه من خلال غلق المعابر وذلك بعد ادانتها بارتكاب جرائم إنسانية خطيرة قد ترقى إلى جرائم حرب في تقرير أممي حول الحرب الاسرائيلية على القطاع الصيف الماضي. كما كان مجلس حقوق الانسان في الأممالمتحدة والذي اصدرت لجنة تقصي الحقائق التابعة له التقرير سالف الذكر اول امس الاثنين عرضة لكل الانتقادات من جانب اسرائيل التي ترفض في كل مرة محاسبتها ولو كتابيا بل تذهب الى أبعد من ذلك وتسلك سبيل الانتقام والرد بالقوة. كل الأساليب مسموحة لمعاقبة غزة وشعبها فقد زادت وتيرة الضغط الاسرائيلية على قطاع غزة في الايام التي اعقبت صدور التقرير الاممي انتقاما من شعب كان سببا في انتقادها وكان آخر صور ذلك اعلان إسرائيل اليوم الأربعاء عن إلغاء ما تصدره من تصاريح لسكان من قطاع غزة للدخول إلى مدينة القدس بغرض أداء صلاة الجمعة من كل أسبوع في المسجد الأقصى المبارك. الى ذلك قام الطيران الحربي الإسرائيلي ليلة امس بقصف أرض زراعية في بلدة بيت حانون في شمال قطاع غزة من دون وقوع إصابات أو أضرار بحجة إطلاق قذيفة صاروخية من قطاع غزة سقطت في أرض جنوب إسرائيل . كما تشن اسرائيل حملة مسعورة ضد "أسطول الحرية" لكسر الحصار الإسرائيلي المقرر وصوله الى غزة الجمعة القادم للتضامن مع سكانه, هذا في حال ما اذ وصل في ظل التهديدات الصريحة للاحتلال بقطع الطريق امام مساره والحيلولة دون وصوله الى هدفه. وكانت "اللجنة الحكومية لكسر الحصار" في غزة اوقدت مساء امس الثلاثاء شعلة انطلاق فعاليات استقبال "أسطول الحرية الثالث" الدولي الذي يستعد للابحار من عدة موانئ أوروبية باتجاه القطاع . وقال رئيس اللجنة الشعبية لكسر الحصار جمال الخضري بالمناسبة ان الشعب الفلسطيني يعيش اليوم لحظات هامة أمام صمود أحرارالعالم المجتمعين لنصرة القضية الفلسطينية خاصة بعد الانتهاكات الذي تعرض لها أسطول الحرية الأول وسفينة "مافي مرمرة". وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم في بيان صحفي "إن التهديدات الإسرائيلية باعتراض (أسطول الحرية 3) وعدم السماح له بالوصول إلى غزة ما هي إلا محاولة لتخويف القادمين إلى القطاع على متن هذا الأسطول وثنيهم عن المضي قدما في خطوتهم". ودعا برهوم القادمين على متن (أسطول الحرية 3) إلى الإصرار على الوصول إلى غزة وكسر حصارها " مهما كانت التهديدات والتحديات لأن أهلنا في غزة يعلقون عليهم آمالا كبيرة في كسر حصارهم وتوصيل صوتهم وفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي". وكان مصدر عسكري إسرائيلي أعلن الليلة الماضية أن الجيش الإسرائيلي لن يسمح بوصول قافلة (أسطول الحرية 3) البحرية المنوي انطلاقها من اليونان إلى قطاع غزة هذا الأسبوع. ومن المرتقب أن تنطلق سفن (أسطول الحرية 3) خلال أيام من اليونان باتجاه قطاع غزة على أن تضم على متنها متضامنين أجانب وتنقل مساعدات رمزية إلى غزة تشمل أجهزة إلكترونية مختلفة وأدوية للأطفال ومعدات طبية. واعترضت البحرية الإسرائيلية نهاية مايو عام 2010 ستة سفن تمثل (أسطول الحرية 1) الذي كان ينقل مساعدات إنسانية و 700 متضامن إلى قطاع غزة ومنعته من الوصول إلى القطاع بالقوة ما أسفر عن مقتل تسعة متضامنين أجانب وجرح العشرات. وأثارت الحادثة انتقادات دولية حادة دفعت إسرائيل إلى إدخال سلسلة من التسهيلات على حصارها للقطاع المستمر منذ يونيو 2007 أثر سيطرة حركة حماس على الأوضاع فيه بالقوة. قادة الاحتلال في مواجهة مجلس حقوق الانسان الاممي فقد اعتبر وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعالون أن تقرير لجنة حقوق الإنسان في الأممالمتحدة حول الحرب على غزة في 2014 يهدف إلى "تشويه إسرائيل وإثارة فتيل نزع الشرعية ضدها"وزعم أن إسرائيل شنت عملية عسكرية في الصيف الماضي كانت مطابقة لكل المعايير في كل شيء" واصفا مجلس حقوق الانسان في الأممالمتحدة بأنه "هيئة منحازة ومنافقة". وخلص تقرير لجنة التحقيق الدولية حول حول عملية الجرف الصامد في غزة الصيف الماضي الى اتهام اسرائيل بارتكاب انتهاكات ترقى الى مستوى جرائم حرب . التقرير الذي صدر بعد تحقيق دام عاما اكد ان القيادة السياسية العسكرية الاسرائيلية لم تغير مسار ما تفعله رغم المعلومات الكثيرة التي تتعلق بالدرجة المفرطة للقتل والخراب في غزة مما يثير تساؤلات بشان الانتهاكات المحتملة للقانون الانساني الدولي من جانب هؤلاء المسؤولين والتي قد تصل الى جرائم حرب. واضاف ان المسؤولية تقع على عاتق اسرائيل لتقديم تفاصيل بشان كيفية اختيار اهدافها في غزة للسماح بتقييم مستقل لشرعية الهجمات ". وتحدث التقرير عن القوة التدميرية التي استخدمتها اسرائيل اذ شنت اكثر من 6 الاف غارة جوية واطلقت حوالي 50 الف قذيفة مدفعية خلال العملية التي استمرت 51 يوما. و وصفت رئيسة اللجنة مارى مكجوان ديفيز القاضية السابقة بالمحكمة العليا فى نيويورك حجم الدمار والمعاناة الانسانية الذى وقع فى غزة بانه غير مسبوق وسيؤثر على اجيال قادمة. حماس ترحب بالتقرير وتلتمس محكمة الجنايات الدولية للتصرف حركة حماس وعلى الرغم من ان التقرير الاممي حملها بعضا من المسؤولية في الحرب الاخيرة الا انها سارعت بالترحيب بإدانة الأممالمتحدة لإسرائيل لارتكابها جرائم حرب خلال العدوان الأخير على غزة. وقالت الحركة في بيان صحفي ان هذه "الإدانة الصريحة للاحتلال تستلزم جلب قادته إلى محكمة الجنايات الدولية, وكافة المحاكم الدولية لمحاكمتهم على جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني". تجدر الاشارة هنا الى ان لجنة تقصي الحقائق اعربت في تقريرها عن قلقها إزاء سياسة الإفلات من العقاب السائدة فى إسرائيل بجميع المجالات الخاصة بانتهاك القانون الدولى الانسانى والقانون الدولى لحقوق الانسان والمرتكبة من قبل القوات الإسرائيلية. وقالت اللجنة الدولية "هناك أسئلة بشأن دور كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين وضعوا السياسات العسكرية فى كثير من المجالات التى جرى بحثها من قبل اللجنة كما هو الحال فى هجمات قوات الدفاع على المبانى السكنية واستخدام المدفعية والأسلحة المتفجرة الأخرى ذات الأثار التى تغطى مساحة واسعة فى المناطق ذات الكثافة السكنية العالية وكذلك تدمير أحياء سكنية كاملة فى غزة". ويرى المحلل والكاتب الفلسطيني المتخصص في الشأن الاسرائيلي فايز عباس بأن تقرير حقوق الإنسان الصادر من الأممالمتحدة حول الحرب على غزة العام الماضي من الممكن الاستعانة به لتقديمه إلى المحكمة الجنائية الدولية حتى يتم محاكمة قادة الاحتلال. وتعتزم السلطة الفلسطينية تسليم أول بلاغ لها للمحكمة الجنائية الدولية يوم الخميس والذي يشمل موضوع الاستيطان وهجوم إسرائيل على غزة صيف العام الماضي إلى جانب المعتقلين في السجون الإسرائيلية.