عاد الرئيس البوركينابي المؤقت, ميشال كافاندو, من جديد إلى منصبه في أعقاب فشل الانقلاب العسكري الذي قاده الحرس الرئاسي ضد سلطات المرحلة الانتقالية, مما أوقع ببوركينا فاسو في جو من القلق و الترقب لا سيما وأن البلاد كادت الدخول في دوامة العنف و اللاستقرار بعد رد فعل الجيش الموالي للسلطات الانتقالية و محاولته نزع سلاح الانقلابيين بالقوة. الانقلاب العسكري, السابع من نوعه منذ استقلال البلاد سنة 1960, جاء في وقت كانت بوركينافاسو تستعد فيه لاجراء انتخابات في ال11 أكتوبر القادم حيث كان يعقد عليها الأمل في أن تعزز الديمقراطية. و بعودة الحكم المدني للبلاد, يشرع هذا البلد الافريقي في إعادة تنظيم شؤونه من خلال تهيئة المناخ المناسب للانتخابات الرئاسية المقبلة التي لم يعلن بعد امكانية إعادة جدولتها أو الإبقاء عليها كما كانت من قبل. وقد اعلن الرئيس كافاندو بنفسه من مقر وزارة الخارجية بالعاصمة واغادوغو عودته الى السلطة حيث قال "عدت للعمل. الحكومة الانتقالية عادت وتتولى أمور الحكم في هذه اللحظة". من جهته قال الجنرال جيلبرت دينديري قائد لواء الحرس الرئاسى وقائد الانقلاب العسكرى في بوركينا فاسو والذي عمل مستشارا عسكريا للرئيس السابق بليز كومباوري على مدى 30 عاما أن "مسألة كافاندو قد تمت في انتظار وصول رؤساء أفارقة اليوم لإعادته إلى منصبه". وتوجه رؤساء أربع دول بغرب أفريقيا هم ماكي سال رئيس السنغال وتوماس يايي بوني رئيس بنين وماهامودو بوهاري رئيس نيجيريا وفوري جناسينجبي رئيس توغو إلى عاصمة بوركينا فاسو مساء امس الثلاثاء للمساعدة في حل المأزق السياسي الذي أعقب الانقلاب. ووصل الرؤساء الى واغادوغو بصحبة المبعوث الإقليمي للأمم المتحدة إلى غرب أفريقيا. وقبل ذلك شارك الرؤساء الاربعة في اجتماع قمة طارئة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا انعقدت أمس في مدينة أبوجا بنيجيريا حول سبل الخروج من أزمة بوركينا فاسو. تفاهمات بين اطراف الصراع والتزامات تجنب البلاد دوامة فقد قدم الجنرال جيلبرت دينديري قائد الانقلاب العسكرى في بوركينا فاسو اعتذاره للشعب البروكينابي امس وأكد أنه سوف يسلم السلطة إلى حكومة مدنية انتقالية. كما تم اليوم التوقيع على اتفاق بين الحرس الرئاسي في بوركينا فاسو الذي قاد الانقلاب في واغادوغو ووحدات الجيش الموالية للرئيس كفاندو يهدف لتجنب وقوع مواجهة بين الجانبين. ويتضمن الاتفاق الذي عرض أمام الصحفيين خمس نقاط تنص على التزام الحرس الرئاسي بملازمة ثكنته في معسكر نابا كوم الثاني وإخلاء المراكز التي يحتلها في مدينة واغادوغو. في المقابل تتعهد القوات الموالية للرئيس بالتراجع لمسافة 50 كلم, وضمان سلامة أفراد الحرس الرئاسي وعائلاتهم وفق الاتفاق الذي وقع في مقر إقامة موغو نابا ملك قبيلة موسيس أكبر قبيلة في بوركينا فاسو ويهدف الى تجنب وقوع أي مواجهة بين الجانبين. وكان رئيس برلمان بوركينا فاسو الانتقالي أمر حل أمس الثلاثاء بحل الحرس الجمهوري في الوقت الذي كان فيه رؤساء دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" يعقدون بأبوجا قمة استثنائية لبحث الحلول للخروج من الأزمة السياسية في هذا البلد. واقترح وسطاء الأزمة في بوركينا فاسو الأحد الماضي في مشروع اتفاق احيل على قمة ابوجا العودة إلى المرحلة الانتقالية واعتماد قانون عفو يشمل قادة الانقلاب إضافة إلى تنظيم انتخابات عامة في 22 نوفمبر المقبل على أقصى تقدير بمشاركة رموز النظام السابق قبل أن يحال مشروع الاتفاق إلى أنظار القمة الاستثنائية المنعقدة حاليا بالعاصمة النيجيرية. العملية الانقلابية هددت لوقت أركان البلد الافريقي وظل الوضع ببوركينافاسو أمس مهددا بالانفجار وسط اعلان قوات موالية للحكومة المخلوعة استعدادها لمهاجمة قاعدة عسكرية قرب القصر الرئاسي في العاصمة والتي كانت تحت سيطرة الحرس الرئاسي الانقلابي. وأمهلت القوات الموالية للحكومة المخلوعة منفذي الانقلاب العسكري حتى الساعة العاشرة صباحا بتوقيت غرينتش لتسليم أسلحتهم أو مواجهة هجوم من قبل قوات الجيش. وتأتي هذه التطورات عقب الإفراج عن رئيس الوزراء المؤقت للبلاد يعقوب إسحاق زيدا والمحتجز من قبل قادة الانقلاب العسكري في البلاد منذ يوم الخميس الماضي. كما كان الانقلابيون رفضوا في البداية على لسان قائدهم الجنرال جيلبير ديانديريه الاستسلام. ودخلت قوات الجيش في بوركينا فاسو ليل الإثنين-الثلاثاء إلى العاصمة واغادوغو دون مواجهة أي مقاومة, وبدأت في مفاوضات مع قادة الحرس الرئاسي الذين نفذوا الانقلاب. يشار إلى أن بوركينا فاسو استيقظت الخميس الماضي على وقع انقلاب حيث أعلن فوج الأمن الرئاسي عزل الرئيس الانتقالي وحل الحكومة وإغلاق الحدود البرية والجوية, وفرض حظر للتجوال حتى إشعار آخر, حسب بيان ل"المجلس الوطني للديمقراطية", الهيئة الجديدة المسيرة للبلاد. وقبلها, اقتحمت عناصر من الحرس الرئاسي, المعروفة بولائها للرئيس السابق "بليز كمباوري", المجلس الوزاري الانتقالي المشرف على إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية, قبل أن تقوم باحتجاز الرئيس المؤقت ميشيل كافاندو", ورئيس وزرائه "زيدا", إضافة إلى عدد من الوزراء الآخرين. بوركينافسو تلك الدولة الواقعة فى غرب إفريقيا كانت تمر بفترة انتقالية منذ انتفاضة شعبية ضد التعديلات الدستورية أدت إلى حل البرلمان, تلته الإطاحة بحكم الرئيس السابق بليز كومباوري. و تم بعدها اختيار كافاندو رئيسا مؤقتا في أكتوبر الماضي خلفا لكومباوري. بقلم: مليكة جندي