أعادت مسرحية "الحب المفقود" للمسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي" والتي عرضت مساء أمس السبت بالمسرح الجهوي لقسنطينة في إطار تظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015" "ماسينيسا" إلى ذاكرة سيرتا التاريخية وكفاح الأمازيغ والنوميديين ضد الغزاة الرومان. وقدمت هذه "الملحمة" الجديدة التي ينتجها المسرح الوطني الجزائري على مدى ساعة ونصف من الزمن كعروض أولى أمام جمهور متوسط لوحات فنية جميلة مليئة بالحركة والصراع في حرب نوميديا وروما حيث "جرى فيها تطويع أحداث تاريخية طبعت مسيرتنا الحضارية من خلال مشاهد محبوكة درامية جديرة بالمتابعة فعلا" كما قال حسن.ب 55 سنة الذي استأنف لتوه التواصل مع المسرح الجهوي القسنطيني بعد طول غياب. وقد قام بإخراج "الحب المفقود 2015" الذي يشارك فيه 16 ممثلا وممثلة من مختلف أنحاء البلاد أحمد بن عيسى عن نص من تأليف غريبي عبد الكريم وسينوغرافيا رحموني عبد الحليم مع موسيقى لزامي محمد وكوريغرافيا بوراوي ندير. وتتمثل قصة المسرحية التي جاءت في "شكل مزيج بين الطابعين الملحمي و التراجيدي" كما وصفها المخرج أحمد بن عيسى في حكاية حب جمعت "صوفينيسبا" و "ماسينيسا" وأبطال أخرين جمع بينهم الدم والنسب والأرض والحضارة والتاريخ في صراع بينهم من جهة وضد المستعمر الروماني من جهة أخرى وهو الذي إتخذ من سياسة فرق تسد وسيلة للوقوف ضد كل حب أو تكتل ضده " كما أوضح مؤلف النص غريبي عبد الكريم. وبرزت في هذه المسرحية بصفة جلية الممثلة نسيمة زايشي (صوفينيسبا) التي أدت دورا محوريا في هذا العمل من خلال أداء راق كان محل إستحسان الحضور. وقد جسدت زايشي محاولات "رأب الصدع الواقع بين سيفاكس و ماسنسن (ماسينيسا) وتوجيههما نحو الصراع الحقيقي مع المحتل الروماني" داعية الرجلين اللذين أحباها وتزوجاها إلي "الوقوف صفا واحدا ضد الغزاة ونبذ صراعاتهما الذاتية و العشائرية". وكان موت صوفينيسبا - كما انتهت إليه المسرحية -بمثابة إنطلاقة حقيقية للدور البطولي لماسينسن ضد الغزاة المحتلين. " ويبدو بذلك التاريخ يستدعي وينجد الحاضر " كما علق طاهر. ز 34 سنة موظف وهاوي للمسرح مضيفا إن "سيرتا تستدعي جوانب مضيئة من تاريخها في محاكاة بين الماضي و الأني في نفس الوقت" وهو ما ذهب إليه المخرج بن عيسى الذي يعتبر هذا الإنتاج الجديد في سجل المسرح الوطني الجزائري "إستكمالا لتجارب إبداعية سابقة مثل سيدي الحلوي و نجمة " في سبيل "إعادة قراءة التاريخ المفقود أمام واقع متحرك وقراءات متعددة وممكنة للأحداث التاريخية". ولذلك كان الجمهور الحاضر للعرض الثالث و الأخر من "الحب المفقود " مساء السبت "محقا في تصفيقه الطويل ووقوفه لتحية الفرقة و أبطالها" معبرا عن إستحسانه لهذه الورشة الجديدة الإبداعية بإمتياز.