طبعت عودة المهرجان الدولي لوهران للفيلم العربي في طبعته الثامنة بعد سنة من الغياب المشهد الثقافي لعاصمة الغرب الجزائري خلال عام 2015 . في الواقع كانت الطبعة الثامنة مبرمجة لشهر سبتمبر من سنة 2014 إلا أنها لم تنظم إلا في يونيو من عام 2015 وذلك بسبب "مشاكل لوجستية" حسب منظمي هذا المهرجان. وقد كان هذا المهرجان عرضة للعديد من الشائعات بدءا من نقله إلى مدينة قسنطينة بمناسبة تظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية" إلى إلغائه نهائيا ووجد هواة الفن السابع صعوبة كبيرة في الحصول على معلومات دقيقة حول هذه الطبعة و التي قامت السلطات بالعديد من الخطوات في اتجاه تنظيمها بوهران و لو مع بعض التأخير و هو ما حصل في نهاية المطاف. وعرفت هذه الطبعة مشاركة 17 دولة عربية بعدد 38 فيلما في إطار المنافسة في فئات الأفلام الطوية و القصيرة و الوثائقية للظفر بجوائز هذا الموعد السينمائي تناولت في مجملها مواضيع شغلت صناع السينما العرب وهيمنت على شاشات السينما العربية على غرار الحب والوطنية والمنفى و والعنف والاحتلال. ففي صنف الأفلام الطويلة شاركت السينما الجزائرية بفيلمين "راني ميت" (أنا ميت) لياسين بن حاج و "الدليل" لعمار حكار في هذه المنافسة ضمن 12 عملا طويلا أما في صنف الأفلام القصيرة فقد دخلت ثلاثة أعمال جزائرية المنافسة ضمن 14 عملا قصيرا و هي "نسيبي" لحسان بلعيد و "رسالة لأوباما" لمحمد أحمدي و "الممر" لأنيس جعاد. كما استرعت ثلاثة أعمال جزائرية الانتباه خلال منافسة الأفلام الوثائقية و هي "كاليدونيا المنفى المر" لعبد القادر مام و "امرأة 10949" لنسيمة قسوم و ""الكلمات الأخيرة" لمحمد الزاوي الذي صور الأيام الأخيرة للكاتب الكبير الراحل الطاهر وطار صاحب روائع "اللاز" و "الزلزال" و"عرس بغل". و على هامش المهرجان تم تنظيم صالون عربي للسينما و التلفزيون حضره ما لا يقل عن أربعين عارضا من عدة دول عربية و شارك فيه مختلف الفاعلين في الميدان على غرار القنوات التلفزيونية ومنتجي الأفلام والبرامج السمعية والبصرية وغيرهم من المتعاملين. و قد عرض هؤلاء المشاركون لزوار المهرجان منتجاتهم التي تبين مدى التقدم التكنولوجي في هذا المجال و كان هذا الموعد فرصة لتشجيع المواهب الشابة في هذا المجال و فضاء لتبادل الخبرات والاتصالات ما بين المهنيين. كما تم على هامش المهرجان أيضا تنظيم ندوة حول موضوع "السينما والرواية" سمحت للأكاديميين وصناع السينما والكتاب والنقاد ببحث العلاقات بين فني السينما و الرواية و تكييف الأعمال الروائية العربية و العالمية الكبرى بما في ذلك أعمال الجزائرية مع الشاشة الكبيرة. لمناسبة كانت للتكريمات وكما جرت عليه العادة فقد تم تكريم خلال هذا المهرجان الدولي للفيلم العربي بوهران عدد من الشخصيات الفنية الجزائرية و العربية التي رحلت عن هذا العالم و إبراز مساهماتهم القيمة في السينما العربية و الحقل الثقافي بصفة عامة على رأسهم المخرج السينمائي عمار العسكري و الفنانين الجزائريين سيد علي كويرات و فتيحة بربار و الفنانة المصرية فاتن حمامة و الأديبة الجزائرية آسيا جبار و الصحفي و الناقد السوري قصي صالح الدرويش. وتم أيضا تكريم المخرج محمد لخضر حامينا الرئيس الفخري لهذه الطبعة عرفانا له على ما قدمه للفن و كذا بمناسبة مرور 40 سنة على حصوله على السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي الدولي سنة 1975 عن فيلمه "وقائع سنين الجمر" حيث يعد حامينا المخرج العربي الوحيد الذي تحصل على هذه الجائزة الكبرى من هذا المهرجان المرموق. شخصية أخرى من عالم الثقافة الجزائرية وخاصة الرواية حظيت بالتكريم خلال المهرجان بمناسبة خمسينيتها في الكتابة الروائية و هو الكاتب رشيد بوجدرة. و بالمناسبة تم طبع كتاب يحتوي على خمسين مساهمة من أكاديميين حول أعمال صاحب "التطليق" و "الحلزون العنيد" و غيرهما . و يعد هذا أول تكريم رسمي يحظى به الكاتب -كما جاء على لسانه- و هو"أكثر تكريم أثر في من كل التكريمات التي حظيت بها على المستوى العالمي" يقول بوجدرة. تتويج مغربي و تونسي و فلسطيني و قد توج الفيلم الطويل "جوق العميين" للمخرج المغربي محمد مفتكر بجائزة "الوهر الذهبي" للطبعة الثامنة لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي يروي هذا الفيلم قصة جوق موسيقي شعبي يضطر أعضاؤه للتظاهر أحيانا بالعمى لتنشيط حفلات مخصصة للنساء. وفيما يخص الأفلام القصيرة فقد عادت جائزة "الوهر الذهبي" لفيلم "فتزوج روميو جولييت" للمخرجة التونسية هند بوجمعة والذي يصور رتابة الحياة الزوجية و غياب الرومانسية في علاقة زوجية بعد سنوات من الزواج. كما تحصل الفيلم الوثائقي "أنا مع العروسة " من إخراج مشترك للفلسطيني خالد سليمان الناصري والإيطالي غابريال ديل جراندي وأنطونيو أوجوجليار على جائزة الوهر الذهبي المخصصة لهذا النوع من الأفلام المشاركة في المنافسة ويتناول هذا الفيلم قصة تروي الهجرة غير الشرعية لسوريين وفلسطينيين باتجاه أوروبا في ظل الأحداث التي تشهدها سوريا.