دعت الجزائر على لسان وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية, عبد القادر مساهل, بالقاهرة الى تنسيق الجهود الدولية لمحاربة الارهاب ضمن استراتجية الاممالمتحدة والالتزام بقواعد الشرعية الدولية. وقال السيد مساهل في كلمة له يوم الخميس خلال أشغال الدورة ال145 لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري, أن الجزائر تدعو إلى "تنسيق الجهود الدولية لمحاربة ظاهرة الارهاب ضمن استراتيجية الأممالمتحدة حول أهداف مشتركة ومتقاسمة والالتزام بقواعد الشرعية الدولية, لاسيما التقيد بلوائح وقوائم الأممالمتحدة في تصنيف الجماعات الإرهابية التي لا تشمل التشكيلات السياسية المعترف بها وطنيا ودوليا والتي تساهم في المشهد السياسي والاجتماعي الوطني". كما دعا أيضا الى "التزام الجميع, سواء كانت حكومات أو أحزاب, بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول طبقا لميثاق الأممالمتحدة وميثاق الجامعة العربية". وأبرز الوزير ان "المقاربة الجزائرية للقضاء على الارهاب أثبتت أن مكافحة هذه الآفة لا تقتصر فقط على البعد الأمني, بل تتعداه إلى تفعيل الحوار والمصالحة الوطنية عبر طرح بدائل واعتماد استراتيجيات شاملة لمحاربة كل أشكال التطرف العنيف وتجفيف منابعه الفكرية والإيديولوجية". واستدل السيد مساهل في ذلك بالتجربة الجزائرية التي "بادر بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من خلال سياستي الوئام المدني والمصالحة الوطنية اللتين زكاهما الشعب الجزائري, والتي أطفأت نار الفتنة وأعادت الأمن والاستقرار إلى ربوع الوطن ومكنت من القضاء على الإرهاب الذي زرع الرعب والفوضى طيلة عشرية كاملة". وأوضح ان "هذه السياسات لازالت متواصلة من خلال سلسلة الإصلاحات الديمقراطية الشاملة التي جاء بها التعديل الدستوري الذي وافق عليه البرلمان يوم 7 فيفري الماضي من أجل ترسيخ المسار الديمقراطي عبر تعزيز المكونات الأساسية لهويتنا الوطنية وتعميق الديمقراطية وتدعيم أركان دولة القانون القائمة على تعزيز الوظيفة الرقابية للبرلمان وتوسيع صلاحيات المجلس الدستوري, وتعميق استقلالية القضاء ودعم صلاحيات مجلس الأمة". كما سمح هذا التعديل --يستطرد الوزير-- ب"توطيد الضمانات الدستورية لترقية وحماية الحقوق وحريات الإنسان والمواطن وتكريس حقوق المرأة على جميع الأصعدة ومنح المعارضة دورا أكثر فعالية في الحياة السياسية". وفي الشأن الليبي, أوضح السيد مساهل أن "الوضع المقلق في ليبيا والمخاطر المحدقة بها, تجعلنا نتطلع اليوم إلى حصول توافق في أقرب الآجال حول اعتماد حكومة وحدة وطنية مقرها طرابلس العاصمة وتضطلع بتسيير المرحلة الانتقالية ورفع الرهانات السياسية والأمنية والاقتصادية ومكافحة الإرهاب". وذكر في هذا الإطار أن "الجزائر لم تدخر جهدا لدعم الحوار بين الفرقاء الليبيين تحت إشراف الأممالمتحدة, اقتناعا منها بأن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء هذه الأزمة". وأبرز في ذات السياق أن الجزائر "حثت باستمرار كل الأطراف على وضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار, وتقديم التنازلات الضرورية للحفاظ على سلامة البلاد ووحدتها وسيادتها وتجانس مكوناتها الاجتماعية". وبعد ان جدد "وقوف الجزائر إلى جانب الشعب الليبي الشقيق ومناشدتها مجلس النواب اعتماد حكومة الوحدة الوطنية التي تحظى بدعم دولي", نوه السيد مساهل ب"الدور المحوري الذي تضطلع به آلية دول جوار ليبيا والتي دعمت بقوة في اجتماعها السابع الذي احتضنته الجزائر في الفاتح من ديسمبر 2015, المسار السياسي الأممي, وأكدت موقفها الرافض لجميع أشكال التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لليبيا وضرورة احترام سيادتها ووحدة شعبها وأراضيها". كما جدد التأكيد أن الجزائر "تضع في صلب سياستها الخارجية عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والحرص على مبدأ تسوية النزاعات بالطرق السلمية واحترام إرادة الشعوب, وأنها ما انفكت تسخر جهودها من أجل تغليب لغة الحوار والتوافق لوضع الأزمة في سوريا على مسار الحل السياسي بما يضمن ويحفظ وحدة واستقرار هذا البلد الشقيق ودعم المساعي الدولية الرامية إلى احترام وقف الأعمال العدائية وحمل كافة الأطراف على الانخراط في حركية إيجابية لإيجاد تسوية سياسية". من جانب آخر, أكد السيد مساهل "دعم" الجزائر للحوار بين الفرقاء اليمنيين برعاية الأممالمتحدة وتطلعها إلى استئناف المفاوضات خلال الأيام القادمة من أجل إيجاد حل سياسي طبقا للوائح الأممالمتحدة ذات الصلة وبما يمكن من إعادة الأمن والاستقرار إلى هذا البلد وحفظ وحدته. وبعد ان أشار الى ان المنطقة العربية "تشهد اضطرابات وتفككا أمنيا واختراقات إرهابية أدخلتها في دائرة التدويل وأبعدتها عن الحلول الوطنية وعن إرادة شعوبها" أبرز الوزير أنه "مهما اشتدت بنا الأزمات, فان القضية الفلسطينية تظل محط اهتمامنا في ظل تنصل اسرائيل من التزاماتها الدولية وتصعيد ممارساتها الوحشية ضد الفلسطينيين العزل وانتهاكها لكل الأعراف والمواثيق الدولية". وقال أن هذا الوضع "يتطلب العمل على بلورة موقف دولي داعم لإعادة بعث عملية السلام لتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه الوطنية المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف". وفي سياق آخر, نوه السيد مساهل بالعمل الذي قامت به فرق العمل المنبثقة عن اللجنة المفتوحة العضوية لإصلاح وتطوير الجامعة في ضوء تقرير اللجنة المستقلة التي ترأسها السيد الأخضر الإبراهيمي, مثمنا "المجهودات المبذولة لتصحيح الاختلالات التي تشوب عملنا العربي المشترك". ودعا في هذا الاطار اللجنة إلى "إتمام عملها في أقرب الآجال لتحقيق الأهداف النبيلة المنصوص عليها في ميثاق الجامعة العربية". وذكر الوزير أن الجزائر "تدرك حجم العقبات التي تعترض العمل العربي المشترك, لاسيما في ظل المرحلة العصيبة والمضطربة التي تمر بها بعض دول المنطقة العربية, قناعة منها بأن الإرادة السياسية والإيمان بالمصير الواحد والمصالح المشتركة يعد ضمانة لتجاوز هذه العقبات وبناء رؤية استراتيجية موحدة". وأضاف ان الجامعة العربية "تجد نفسها في مفترق الطرق: إما أن تنجح في مواكبة التطورات العالمية المتسارعة أو تبقى على هامش هذه المتغيرات, كما أن مصداقيتها رهينة بمدى قدرتنا على اعتماد رؤية إندماجية متناسقة ومتكاملة الأبعاد على المدى المتوسط". وأكد أن "حتمية وقوع الأزمات لا ينبغي أن يكون مرادفا للفشل, بل يجب أن يدفع بالجامعة إلى المضي قدما لرفع التحديات الجديدة والابتعاد عن الطرح المتشائم بشأن مآل الجامعة وجدوى عقد اجتماعاتها". وبالمناسبة, جدد السيد مساهل لوزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي, "تعازي الجزائر الخالصة" إثر الاعتداءات الإرهابية الشنيعة التي راح ضحيتها العديد من المواطنين ورجال الأمن, مؤكدا "تضامن الجزائر مع الشعب التونسي وحكومته وتنديدها الشديد بهذا العمل الاجرامي الشنيع".