تتواصل عبر المدن الليبية موجة التأييد الرسمي والشعبي للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبي مما ولد تفاؤلا ب"بداية مرحلة جديدة" في تاريخ ليبيا تتجاوز الماضي بآلامه وهمومه واستعادة الأمن الشامل. وصول المجلس الرئاسي الليبي الى العاصمة طرابلس، الأسبوع الماضي، واتخاذ القاعدة البحرية بالمدينة مقرا لها لا زال يستقطب المزيد من المساندة والترحاب من قبل الليبيين وحتى من قبل الرافضين لهذا التواجد بالعاصمة والذين لينوا من لهجتهم. فقد شهدت طرابلس أمس السبت تظاهرة حاشدة مؤيدة لحكومة الوفاق الوطني في ساحة الشهداء شارك فيها أزيد من ألف شخص دعوا خلالها رئيس الحكومة غير المعترف بها دوليا، خليفة الغويل إلى تسليم الحكم. حكومة التوافق مطالبة بطمانة المعارضين وإنهاء الصراعات المسلحة ووسط هذا التأييد لحكومة فايز السراج المدعومة أمميا والتي أضحت "أمرا واقعا" بدخولها الى طرابلس تعالت الاصوات المطالبة لها بالشروع في عملها وعدم إضاعة الوقت لتحقيق أمال الليبيين وتبديد مخاوف معارضيها عبر تجسيد "العدالة للجميع" سواء الاجتماعية بكل أبعادها إلى جانب تحقيق الأمن. وفي تصريحات له قال رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، مساء امس أنه "ليس ضد حكومة الوفاق"، الا انه اشترط بالمقابل بان "تمر عبر مجلس النواب بطبرق" على حد قوله . يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات بدأ سريانها أول أمس الجمعة في حق عقيلة صالح وفي حق كل من نوري أبوسهمين رئيس المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته ورئيس ما يسمى حكومة طرابلس خليفة الغويل . واعتبر العضو بالحوار السياسي الليبي، سليمان الفقيه، التاييد الشعبي للمجلس الرئاسي هو "رسالة مهمة لكل من يحاول عرقلة تنفيذ الاتفاق السياسي بأن لا مجال لتضييع الوقت، و إن حكومة الوفاق أضحت أمرا واقعا ولها نصيب الأسد من تأييد الليبيين". وقد استدل سليمان الفقيه في وصفه بالتحدي الذي أبداه بعض المعارضين من المؤتمر أو من حكومة طرابلس ومراهنتهم على خروج عشرات المتظاهرين فقط لتأييد الوفاق الا ان أكثر من ألف شخص خرجوا للمساندة، وهو أمر كما قال "أحرج الكثيرين، ودفعهم لمراجعة مواقفهم". من جانبها أعلنت بلديات عشر مدن ساحلية في غرب ليبيا "زلطن، ورقدالين، والجميل، وزوارة، والعجيلات، وصبراتة، وصرمان، والزاوية الغرب، والزاوية، والزاوية الجنوب" تأييدها لحكومة الوفاق الوطني وخروجها بالتالي عن سلطة حكومة طرابلس. ودعا رؤساء وممثلو البلديات العشر في بيان لهم الليبيين إلى الوقوف صفا واحدا لدعم حكومة الوفاق الوطني..مشيرين إلى أن بلديات مدنهم الواقعة بين طرابلس والحدود التونسية غربا تدعم وصول حكومة التوافق إلى العاصمة طرابلس، كما دعا البيان الحكومة إلى العمل على السعي لإنهاء الصراعات المسلحة وبشكل عاجل بكامل التراب الليبي . عضو بالحوار السياسي الليبي طالب حكومة الوفاق بالتركيز على بعض الملفات المهمة، وعلى رأسها إنعاش الوضع الاقتصادي وفي مقدمتها أزمة الدقيق والسيولة في المصارف، بالإضافة إلى تبديد مخاوف المعارضين، وهو أمر يتمثل في تحقيق العدالة بين جميع الأطراف. وبدأت حكومة الوفاق المنبثقة عن الاتفاق السياسي الذي رعته الأممالمتحدة عملها الخميس من طرابلس وسط حرص شديد على تجنب الاصطدام مع السلطات المحلية التي أدارت العاصمة ومعظم مدن الغرب الليبي لأكثر من عام ونصف العام . بعد الهدوء الذي أعقب العاصفة التي صاحبت وصول السراج الى العاصمة قام هذا الاخير أول أمس بجولة بالمدينة تفقد خلالها ميدان الشهداء بوسط المدينة ووجه التحية لقوات الجيش والشرطة ل"دورهم الوطني". ويرى عماد جلول المحلل السياسي الليبي أن التأييد الشعبي الذي يحظى به السراج سيمكنه من تجاوز عقبة ما اسماه "ترويض المسلحين"، وبالتالي خلق قاعدة جماهيرية تكسر حاجز الخوف، وتحيي مؤسسات المجتمع المدني، لرفض أي مظاهر مسلحة تقف ضد الدولة ومؤسساتها متوقعا ازدياد هذا الدعم الشعبي بشكل متصاعد طوال الأيام المقبلة. وفي تطور وصف ب"الجد ايجابي" اعلنت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط في طرابلس أنه في حال طلبت حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج أي بيانات من طرفنا فأننا سنلبي طلبها، لافتة إلي أنها تعمل من أجل مصلحة الليبيين. وقال الناطق باسم المؤسسة الوطنية للنفط محمد الحراري امس "إنها ستعمل مع حكومة الوفاق في تنسيق مبيعات النفط المستقبلية ونسيان فترة الانقسامات التي أرهقت البلاد". وبحسب الباحث والمحلل السياسي الليبي عماد جلول ان اعلان المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي وحرس المنشآت النفطية عن استعدادهم لفتح حقول النفط شرق البلاد هو دليل على نجاح السراج في تقريب وجهات النظر". ضرورة تفعيل دور الجيش الليبي لتثبيت أسس الدولة وتعول الحكومة الليبية كثيرا على الجيش والمؤسسة الأمنية ودورهما في تثبيت أسس الدولة. وفي هذا الإطار عقد المجلس الرئاسي أمس السبت، اجتماعا مع قيادات الجيش. وبخصوص هذا الاجتماع صرح نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبي، موسى الكوني، أنه تم خلاله التأكيد على "ضرورة عودة رموز الجيش لمهامهم". وفي مسعاها لتعزيز سلطتها في طرابلس، عقدت حكومة الوفاق الوطني منذ وصولها سلسلة لقاءات واجتماعات مع وجهاء وأعيان طرابلس وعمداء بلديات ونواب. كما التقى السراج وأعضاء حكومة الوفاق محافظ مصرف ليبيا المركزي وبحثوا معه "مشكلة توفير السيولة وتأمين المصارف". وتقود حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج التي تشكلت بمقتضى اتفاق وقعه فرقاء ليبيا برعاية الأممالمتحدة في 17 ديسمبر الماضي مرحلة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات تشريعية في حدود عامين كحد أقصى. وتعاني ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في أكتوبر 2011 من الاقتتال وسط صراع على السلطة بين برلمان وحكومة في شرق البلاد تعترف بهما الأسرة الدولية، وبرلمان وحكومة موازيين غير معترف بهما في طرابلس يعملان بدعم من ميليشيات مسلحة باسم "فجر ليبيا".