يشم الزائر لمنطقة التلاغمة بجنوب ميلة هذه الأيام رائحة الثوم وهي تنتشر في الأرجاء قبل أن يراها على بعض حواف الطرقات وهي تباع في شكل "ربطات" صغيرة يقبل على إقتنائها العابرون من أصحاب المركبات وفي ذهنهم التحضير لمستلزمات مائدة رمضان المقبل. " مرحبا بك في عاصمة الثوم بشرق البلاد " قد يخال الزائر نفسه مستهدفا بهذا الإعلان الطريف والخفيف وهو يقترب من "رقعات "وبساتين هذا المنتوج الفلاحي ثمين الفائدة غذائيا وطبيا أيضا ويكون على مشارف سوق الجملة بالتلاغمة لتبادل وعرض هذه المادة كل يوم. 8 آلاف قنطار تباع يوميا بسوق الجملة نحو شتى مناطق البلاد... فبسوق الجملة ذلك الفضاء التجاري الذي تم فتحه مؤخرا و المخصص لتجارة الثوم على مساحة 7 هكتارات غير بعيد عن الحي المعروف باسم أولاد سمايل لا يندهش المرء لتواجد شاحنات تحمل لوحات ترقيم مختلف ولايات الوطن, كما لوحظ. وتقدر مصالح إدارية وفلاحية متطابقة حجم الإنتاج المباع يوميا بهذا السوق بأزيد من 8 آلاف قنطار لتموين شتى أسواق باقي ولايات البلاد . لكن منتجين إلتقت بهم "وأج" يرون أن هذا الرقم يبدو "قليلا" مقارنة بالحجم الحقيقي الذي يتم تسويقه هنا بسبب كثرة الإقبال فيما يثني تجار قادمون للسوق الذي يفتح باكرا ليتواصل لغاية العاشرة أو الحادية عشر صباحا على النوعية الجيدة لثوم التلاغمة مقارنة بمناطق أخرى منتجة له عبر الوطن . وكان والي ميلة عبد الرحمان مدني فواتيح قد دشن منذ أيام قليلة نشاط هذا السوق الذي قوبل بارتياح في أوساط المنتجين و التجار الوافدين عليه. أكثر 520 هكتارا من الأراضي بالتلاغمة معنية بجمع المحصول... و تجري حملة جمع وتسويق الثوم منذ شهر بالمنطقة في " أحسن الظروف ", حسب ما ذكره رئيس دائرة التلاغمة أحمد تريكي الذي يشير إلى مساحة تفوق 520 هكتارا مخصصة للثوم المشهور بنوعيته الجيدة بمنطقة التلاغمة و التي استفادت مؤخرا من سوق للجملة خاص بهذه المادة . وقدر ذات المسؤول نسبة المردود في الهكتار الواحد ب 700 قنطار, لافتا الى أن مساحات إنتاج الثوم قد تطورت بصفة مطردة في السنوات الأخيرة. وقد أصبحت منطقة التلاغمة , يصرح السيد نبيل ديب عضو بالمجلس الشعبي الولائي, مشهورة في إنتاج الثوم إلى جانب نشاطات فلاحية أخرى على غرار إنتاج البطاطس و الجزر. 768 هكتار مخصصة لزراعة الثوم عبر كامل الولاية... وتقدر المساحة الإجمالية لزراعة الثوم هذا الموسم عبر كامل ولاية ميلة ب 768 هكتارا أغلبها ببلدية التلاغمة و بجنوب الولاية و تحديدا بالمشيرة و وادي سقان و شلغوم العيد. وتم لحد الآن جني هذا المنتوج على مستوى 326 هكتار أي بإنتاج يقدر ب 213 ألف قنطار وما يفوق نسبة مردودية ب600 قنطار في الهكتار الواحد . وكشف مدير المصالح الفلاحية, رابح فرداس بالمناسبة عن زيادة في المساحات المخصصة للثوم ب80 هكتارا مقارنة بالموسم الماضي. كما يتوقع تجاوز الأهداف الإنتاجية المحددة سلفا و المقدرة ب455 ألف قنطار بما يبشر بموسم "وفير جدا" في هذه المادة الغذائية الصحية باامتياز. 40 إلى 60 د.ج للكيلوغرام الواحد من الثوم... ووفقا لمصادر فلاحية فإن الثوم يباع حاليا بالتلاغمة بين 40 و 60 د.ج للكيلوغرام الواحد وهي مستويات أسعار ملائمة بالنسبة للمنتجين " الذين استثمروا ببلدية التلاغمة وحتى في بلديات مجاورة في هذا الميدان " , حسب ما ذكره أحد الفلاحين. محمد جازي.. فلاح مرتاح لمستقبل اقتصاديات التلاغمة... وبمنطقة أولاد براهم على بعد 8 كلم من مركز بلدية التلاغمة يشتغل الفلاح محمد جازي (48 سنة) في إنتاج الثوم ومنتجات فلاحية أخرى مثل الحبوب مستأجرا 50 هكتارا تضاف ل4 هكتارات ملكا لعائلته . " خير كبير هنا و الحمد لله " عبارة لا يتردد ذات المتحدث في تكرارها معبرا عن تفاؤله الكبير بالمستقبل الفلاحي بمنطقة التلاغمة رغم ما يعانيه حاليا من مشكلة جلب الماء على بعد 3 كيلومترات وبالضبط من جبل " مزيوط " و ما يعنيه ذلك من تكاليف باهظة. ويقدر الفلاح جازي نسبة المردودية في الهكتار عنده ب 500 إلى 600 قنطار من الثوم " الحمراء " جيدة النوعية . شباب من الجلفة يعملون في جني و ربط الثوم... ويستقطب جني و ربط وجمع الثوم بمنطقة التلاغمة إقبال عدد هام من الشبان من الجهة ومن خارجها كما هو حال شبان يقبلون في شكل مجموعات من ولاية الجلفة قصد العمل وتوفير مبالغ مالية تلبي احتياجاتهم . هنا لا مجال لأي حديث عن " تقاعس الشباب وتفضيلهم الكسل على العمل " أمام شبان يتحدون الشمس و التعب " لتحصيل رزقهم اليومي بكل شرف". ويقول يحيى. م من حد الصحاري بالجلفة أنه سيحصل على 3 آلاف إلى 4 آلاف د.ج يوميا هو وأصدقاء قدموا معه وهم يبيتون في الحقل في ظل تضامن ومساعدة الجميع بعد يوم عمل يمتد من السادسة صباحا إلى منتصف النهار و قد يستأنف بعد الخامسة مساء. ويتم جمع " ربطة الثوم " بثمن 17 د.ج و ربطه ب 8 د.ج ليصل ثمن القلع والربط إلى 25 د.ج للواحدة حسب ما ذكره نفس الشاب الذي عبر عن ارتياحه لممارسة هذا النشاط رغم أثر الحرارة هذه الأيام . التلاغمة... ستنتعش بفضل تشغيل الجزء الأول من محيط السقي على 1100 هكتار. و يترقب الفلاحون بشغف كبير تشغيل محيط السقي للتلاغمة انطلاقا من مياه سد بني هارون إذ سيتم في شهر يوليو المقبل تشغيل الجزء الأول من هذا المحيط على مساحة 1100 هكتار من الأراضي من أصل 4447 هكتارا مبرمجة بمنطقة التلاغمة , إستنادا لما أفاد بدوره مدير المصالح الفلاحية. وسيكون لذلك تداعيات "جد إيجابية" على تنويع وتكثيف الإنتاج بهذه المنطقة التي ستستفيد من ماء كاف لإنعاش النشاط و الإنتاج الفلاحي . قطب فلاحي منتظر في مجال التبريد بالتلاغمة... وسيتطلب ذلك كما سبق أن أكد والي الولاية عبد الرحمان مدني فواتيح إنشاء في المستقبل قطب فلاحي في مجال التبريد بالنظر إلى حاجة الجهة إلى منشآت وغرف تبريد تحفظ منتجاتها الفلاحية العديدة . وقد تعهد الوالي مؤخرا لدى إشرافه على افتتاح سوق الجملة للثوم بالتلاغمة على ضمان المرافقة الدائمة للمنتجين و الفلاحين و المستثمرين بهذه المنطقة المعروفة بغزارة إنتاجها الفلاحي . الماء, الكهرباء و غرف التبريد مفاتيح المستقبل... و يبدو أن توفير الماء و حل مشاكل الكهرباء وتوفير فضاءات و غرف التبريد ستكون "مفاتيح" لا غنى عنها من أجل مستقبل زاهر لهذه المنطقة الفلاحية بامتياز وذات القدرات الفلاحية الأكيدة و روح العمل الفلاحي التي عادة ما يبديها الفلاحون بكل ثقة وإرادة. (بقلم الحاسن بلخير)