يتوجه 5 ر45 مليون ناخب بريطاني الخميس الى صناديق الاقتراع في استفتاء شعبي "تاريخي" لتحديد مصير عضوية بلادهم داخل الاتحاد الأوروبي وسط حالة من الترقب في خطوة قد تفرز انعكاسات اقتصادية سياسية على القارة الأوروبية بأكملها. ويكتسي استفتاء بريطانيا أهمية بالغة باعتبارها احد اهم البلدان "الفاعلة" داخل التكتل الاوروبي من جهة و نظرا للتداعيات التي قد تنتج في حالة اختيار البريطانيين الخروج من التجمع القاري من جهة اخرى. استطلاعات تعطي تقدما طفيفا لمعسكر البقاء لكن بتحفظ انقسمت استطلاعات الرأي حول الاستفتاء المصيري في بريطانيا إذ أشارت بعضها الى تقدم معسكر البقاء فيما اظهر البعض الاخر معسكر الخروج. وعشية انطلاق الاقتراع كشف استطلاع للرأي العام يوم امس أجرته مؤسسة (أو آربي) لصالح صحيفة (التليغراف) عن تقدم حملة (بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي) بفارق 7 % . وأوضح الاستطلاع أن 53% من الناخبين البريطانيين سيصوتون للبقاء مقابل 46% لصالح الخروج مع تسجيل نسبة الناخبين الذين لا يزالون مترددين ب2 % فقط. ومن المتوقع أن يكون حجم الإقبال على التصويت "عاملا حاسما" للنتيجة إذ وجد الاستطلاع أن أنصار معسكر البقاء يزدادون اقتناعا بأهمية التصويت بعد أن كانوا يقفون موقف "اللامبالاة". من جهته نشر مركز الأبحاث الاجتماعية (نات سن) استطلاعا توصل إلى أن 53 في المئة يؤيدون البقاء في الاتحاد الأوروبي مقابل 47 في المئة يؤيدون الخروج منه. وقال مركز الابحاث (ناتسين) "من المهم أن نتذكر أن النتيجة تبدو متقاربة إلى درجة يتعين معها التعامل بحذر مع أي تقدم". و يرجع مراقبون للمشهد السياسي في بريطانيا تقدم حملة (بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي) الى مقتل نائبة (حزب العمال) جو كوكس - التي كانت أحد أكثر الداعين للبقاء في التكتل الأوروبي-. و تأرجح الجنيه الإسترليني مع اقتراب موعد الاستفتاء لكنه عرف امس أعلى مستوى له منذ ثلاثة أسابيع أمام الدولار بفضل استطلاعات "أكثر ايجابية" للرأي تشير إلى ميل الناخبين لمعسكر البقاء في الاتحاد الأوروبي لكن حتى أنصاره أنفسهم قالوا إن النتيجة "غير محسومة". هذا التقارب الكبير في المواقف المؤيدة للبقاء داخل الاتحاد الاوروبي و الرافضة له يصعب من التكهنات بنتائج الاستفتاء المصيري الا ان المتتبعين يرون ان الاعتبارات الاقتصادية قد تجعل المواطنين الذين لم يحسموا أراءهم يميلون لصالح الاستمرار في الاتحاد. الاوربيون يرغبون في بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الاوروبي وأعرب عدد من وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (رغم إقرارهم بأن استفتاء على مستقبل بريطانيا داخل أو خارج الاتحاد الأوروبي هو شأن داخلي بحت) عن أملهم في بقاء بريطانيا داخل صفوف التكتل الموحد. و في هذا الصدد أبرز وزير الخارجية الفرنسي, جان مارك إيرولت "التاريخ المشترك بين بريطانيا وباقي دول الاتحاد", موضحا أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون, "تحمل مسؤولياته كاملة" عندما أعلن تنظيم هذا الاستفتاء. و قال وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبورن أن بلاده ترغب في أن ترى بريطانيا "مستمرة" في عضوية الاتحاد "واذا إختار البريطانيون البقاء فسنعمل معا اما إذا اختاروا الانفصال عن أوروبا, فسيعملون بمفردهم ولا أعتقد أن هذا هو الخيار الصحيح سياسيا و اقتصاديا". أما وزير الخارجية البلجيكي ديديه ريندرز فقد شدد على "ضرورة انتظار نتائج الاستفتاء لاتخاذ الموقف المناسب". ويرى رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن الخروج البريطاني "بداية النهاية" للاتحاد الأوروبي معتبرا أن "عيوب الاتحاد لا تبرر تدميره". ومن هذا المنظور يرى الاوروبيون ان بريطانيا دولة "ذات ثقل داخل الاتحاد الأوروبي و ان الانفصال بينهما لا يصب في مصلحة أي من الطرفين" نظرا للعلاقات الاقتصادية "الوثيقة" التي تربطهما. و في حالة خروج بريطانيا سيفقد الاتحاد الأوروبي الذي هزته خلافات على مسألة الهجرة ومستقبل منطقة اليورو , ثاني أكبر اقتصاد فيه وأحد أكبر قوتين عسكريتين فيه وكذلك أغنى مركز مالي.