اتفق منشطو ندوة حول "الإسلام والتعايش السلمي في الحضارة الأندلسية" اليوم الأحد بالجزائر العاصمة على ضرورة العودة للعمل بمبادئ الإسلام الحنيف القائمة على الاعتدال والوسطية وترقية المواطنية لتحقيق التعايش والتسامح استنادا للنمط الحضاري الأندلسي. وابرز المشاركون في هذه الندوة التي نظمت بقصر المعارض على هامش فعاليات صالون الجزائر الدولي للكتاب (سيلا) أهمية إحياء التعامل بتعاليم الإسلام التي ترسخ التسامح و التعايش بين الشعوب دون تمييز عقادي او عرقي او جنسي. و استشهد الاساتذة الباحثون في مداخلاتهم بالسمات التي كان يتميز بها المجتمع الأندلسي في ظل الحكم الاسلامي بفضل تطبيق الاحكام الإسلامية الحقة و ما نتج عنه من "تطور و ازدهار للمنطقة". و شدد الدكتور عيسى بلمكي باحث واستاذ في الانثروبولوجيا السياسية بجامعة دبلن (ايرلندا) على ان المجتمع الأندلسي قد عرف إلى جانب التطور المادي بالتواصل الثقافي بين السكان على اختلاف عقائدهم و ثقافتهم . و اضاف ان هذا النهج كان له "تاثير ايجابي في تغييرالمجتمع" لان هناك "اخذ و عطاء " جعل من الفرد الاندلسي "انسانا متسامحا ومتفتحاعلى ثقافات الغير." و ربط الباحث في مداخلته بين هذه الجوانب الفكرية في التواصل و انتعاش الحضاري الذي عرفته الاندلس في تلك الحقبة مستشهدا في ذلك بشهادات كتاب و مؤرخين من الغرب الذين تحدثوا عن "اقبال السكان الاصليين على الاسلام هروبا من بطش الحكام الذين كانوا على نفس ديانتهم" قال ان التعايش كان ايضا "جليا" في المعاملات اليومية. و اكد كمال شكات الباحث و عضو جمعية العلماء المسليمين بخصوص الحياة الاجتماعية في الاندلس انها كانت تتسم بحماية العلم و الثقافة وتوظيف دون تمييز بين المواطنين و كذا الحرص على رفع مستوى الحياة و نشر مبادئ و سلوكات تنم عن حس المواطنة . و ابرز المتدخل الثالث محمد مسن باحث و استاذ تاريخ الاسلام و استاذ في جامعة لوزان (سويسرا) جوانب اخرى من سمات المجتمع الاندلسي في التسامح و التعايش من خلال نموذج الري التقليدي و هو نموذج مماثل لما هو معمول به بمنطقة ميزاب بالجزائر وهي طريقة مثلى لتوزيع مياه الري بصفة عادلة على الفلاحين بحسب الحاجة . و اكد المشاركون في ختام هذا اللقاء على "ضرورة مراجعة " تراثنا الثقافي و التاريخي لبعث سلوكات وقيم المجتمع الجزائري مبرزين في هذا السياق التعايش و التعاون و النظام السائد مثلا في منطقة ميزاب "حيث كان التعايش والتسامح بين المسلمين و المسيحيين و اليهود".