ارتقى مركز التكوين المهني لبلدية مسرغين (غرب وهران) إلى قطب امتياز لتطوير القدرات التكوينية وفق المعايير العالمية في المجال الفلاحي مع تثمين ما هو موجود في سياق الجهود المبذولة لضمان الاكتفاء الذاتي. و جاء هذا القرار بموجب اتفاقية موقعة بين وزارتي التكوين والتعليم المهنيين والفلاحة في ديسمبر الماضي ليصبح المركز مؤسسة عصرية تقدم تكوينا مهنيا عاليا ليستجيب للمتطلبات الفلاحية للمنطقة حسبما استفيد لدى مدير هذه المؤسسة التكوينية المهندس الزراعي منصوري محمد. وقد تم اختيار هذا المركز الذي أنشأ كمركز للتكوين والإرشاد الفلاحي بعد الاستقلال بالنظر للقدرات المادية والبشرية التي يزخر بها وتاريخه بعد اكتشاف به ثمار البرتقال من صنف "كليمونتين" في 1892 وانتشار زراعتها عبر أرجاء العالم بالنظر الى مذاقها الرفيع يضيف ذات المسؤول. وتسمح قدرات هذا المرفق الذي يضم ثمانية مهندسين زراعيين و أساتذة آخرين مختصين في التكوين المهني والتكميلي ويتربع على 46 هكتار منها 35 هكتار صالحة للفلاحة بتوفير تكوين في تخصصات متعددة في الفلاحة وخلق يد عاملة مؤهلة تساهم في تطوير القطاع كما أشير اليه. رفع مستوى التكوين... سباق مع الزمن ولتجسيد هذا القرار كان التحضير له مسبقا حيث تم إجراء تحليل للقدرات البشرية و المادية للمركز وللمعطيات الفلاحية للمنطقة لتحديد احتياجات التكوين تماشيا مع البرنامج الوطني للتطوير الفلاحي والتنمية الريفية والأهداف المسطرة لخلق زراعة متطورة تواكب احتياجات البلاد لضمان الاكتفاء الذاتي. و يرى نفس المسئول بأن الاكتفاء الذاتي في المنتجات الفلاحية يتطلب مجهودا كبيرا لتقديم تكوين ذي جودة وتوفير يد عاملة متخصصة و مؤهلة والاعتماد على تقنيات حديثة في عدة أنشطة فلاحية لتطوير صناعة تحويلية وفي الأنظمة المقتصدة للمياه و تطوير إنتاج المشاتل المتواجدة في المحيط ألفلاحي بالمنطقة لكنها بحاجة إلى تقنيات عالية لتكتيف الإنتاج النباتي. وعلى هذا الأساس قامت مجموعة من الأساتذة و الإداريين من مركزي التكوين المهني والتمهين لكل من مسرغين وحاسي بونيف خلال سنتي 2015 و 2016 بإعداد برنامج عمل لتطوير القدرات التكوينية و خلق تخصصات جديدة لمواكبة و تثمين ما هو موجود في المحيط الفلاحي. ولبلوغ هذا الهدف بادر المركز بإبرام خمس اتفاقيات مع معاهد وطنية متخصصة في الإنتاج الفلاحي والتقنية تابعة لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية لرفع مستوى تكوين الأساتذة وتزويدهم بمهارات جديدة وتنظيم زيارات بيداغوجية للمتربصين فضلا عن تقديم المساعدات التقنية. وعلى ضوء ذلك تزود مركز مسرغين بمجموعة متنوعة من الشتلات من أصناف الحمضيات موثقة تتشكل من 200 شتلة كهبة من المعهد الوطني لتقنيات الأشجار المثمرة و الكروم ليتم غرسها في سبتمبر الماضي مما يسمح بإقامة قاعدة بيداغوجية لتكوين المتربصين بغرض اكتساب تقنيات في تقليم أشجار الحمضيات. وبمساعدة المعهد الوطني للتربة والسقي يعكف أساتذة المركز على تجسيد مشروع سقي لكامل المستثمرة الفلاحية بذات المرفق باستعمال تقنيات حديثة لأنظمة مقتصدة للمياه إضافة إلى تكوين الأساتذة في تحليل التربة و نظام السقي. ويسعى هذا القطب إلى الانفتاح على المتعاملين الاقتصاديين و البحث عن سبل الشراكة المعتمدة على قاعدة "رابح-رابح" لترقية مهارات الأساتذة وتطوير الورشات البيداغوجية والاستفادة من مرافقة تقنية من قبل المؤسسات الوطنية أو الأجنبية حسبما ذكره مدير المركز. وفي هذا الإطار سيتحصل المركز على هبة من مؤسسة تركية في شكل تجهيز للرش المحوري لسقي خمس هكتارات من الأعلاف (البرسيم و الشعير الأخضر) بتقنية عالية مما يسمح بتطوير الورشة البيداغوجية لتربية المجترات فيما ستستفيد الشركة من تنظيم حصص للتعريف بمنتجاتها و الترويج لها في وسط الفلاحين و المتربصين. وموازة مع ذلك طرق المركز أبواب الجامعة بإبرامه اتفاقية مع شاب جامعي لزراعة الفطر بالنفق المتواجد بالمركز لتزويد المتربصين بمهارات في هذا المجال و لتطوير هذا الاختصاص الذي يكثر عليه الطلب وكذا العمل مع شباب نحالين لتطوير شعبة تربية النحل . وفي نمط التكوين التأهيلي يسعى المركز إلى مراجعة مدونة التخصصات ذات الصلة بإشراك جميع الشركاء منهم غرفة الفلاحة بوهران لتكوين الفلاحين و المتربصين الشباب في الأنشطة التي تنجز طيلة السنة على مستوى مزارعهم على غرار زراعة الزيتون. تخصصات جديدة لتطوير شعبة الصناعة التحويلية أدرك مركز التكوين المهني لمسرغين أن الصناعة التحويلية قيمة مضافة في جلب العملة الصعبة للبلاد ولتطوير الاقتصادي مما جعله يقوم بإعداد برنامج لتكوين يد عاملة مؤهلة وشباب حاملي لمشاريع للنهوض بهذا المجال. ولتجسيد هذا العمل انطلق في تهيئة 9 ورشات بيداغوجية لإدراج تخصصات جديدة وتقديم تكوين ذي جودة يستجيب لقطاع الصناعة التحويلية حيث سيتدعم في هذا الإطار بمخبر لمراقبة النوعية للصناعة الغذائية كما أشير اليه. كما يعمل القطب في تطوير شعبة الحليب منذ عدة سنوات باستحداث ورشة تحويل الألبان وصناعة الاجبان مجهزة بأحدث المعدات تنتج 18 لترا من الحليب يوميا وللبقرة الواحدة وتتكفل بتكوين تقنيين ساميين في مراقبة وتعبئة الألبان. وفي هذا الصدد تقول المشرفة على هذه الورشة الأستاذة كامليا راقد أن هذه التجربة "ناجحة جدا واستطاعت هذه الورشة التي تعتبر مصنعا صغيرا لتكوين متربصين في بسترة الحليب وفق المعايير الدولية مما سمح بتوفير يد عالمة مؤهلة في هذا الاختصاص" مضيفة قائلة "لقد تلقينا عدة طلبات من قبل الشباب في هذا التكوين الذي يعد شبه منعدما بالمنطقة و حتى عبر الوطن". ويحرص المركز على استحداث تخصص جديد في عصر الزيتون لتوفير يد عاملة متخصصة وبالتالي الحصول على مادة ذات جودة عالية تستطيع المنافسة في السوق العالمية وفق مدير المركز لافتا الى أن "المنطقة بحاجة إلى 800 منصب شغل في استخراج الزيت الزيتون وفق معطيات المعهد الوطني للأشجار المثمرة و الكروم". و يتوفر المركز على كافة الإمكانيات لتطوير هذا الاختصاص حيث يضم 643 شجرة زيتون منتجة لأجود نوعية الزيتون من نوع "سيغواز" إضافة إلى أنه سيستفيد قريبا من تجهيز عبارة عن مشتلة بيوت خضراء مراقبة و ذات مناخ متحكم لإنتاج الزيتون بكميات كبيرة و بجودة عالية. ونظرا للطلب الكبير للمستهلكين على الفواكه الجافة التي تعرض في الأسواق المحلية بأسعار غالية فإن المركز ارتأى فتح تخصصات حديثة في تجفيف العنب (الزبيب) والتين المعروف ب"الحبايل" والبرقوق و المشمش من خلال تخصيص قطع أرضية داخل مزرعة المركز للأشجار المثمرة الصالحة ثمارها للتجفيف. ولا يقتصر الأمر على هذه التخصصات و إنما يعمل على إدخال زراعة فطر باريس الذي يعد أكثر استهلاكا في العالم لتكوين يد عاملة متمرسة في هذا الاختصاص و تطوير شعبة تربية الأسماك للاستهلاك والزينة بذات المركز الذي انطلق في تكوين متربصين منذ سنة. ويبقى هذا المرفق التكويني بحاجة ماسة إلى إعادة تهيئة حظائره التي تعد قديمة جدا حسبما أوضحه السيد منصوري مبرزا أنه تم تهيئة ورشة الصيصان التي تضم حاضنتين تتسع كل واحدة منهما ل 9.800 بيضة وفق المعايير الدولية للإنتاج و النظافة. وستضاف هذه التكوينات الجديدة إلى عدة تخصصات منها تربية الدواجن وزراعة الأشجار المثمرة و تربية الحيوانات المجترة و البستنة و المساحات الخضراء وتربية النحل و زراعة الخضر وهذا في مختلف أنماط التكوين التي يوفرها حاليا مركز التكوين المهني لمسرغين الذي يضم داخلية تتسع ل 24 سريرا و عدة قاعات وورشات بيداغوجية.