توصلت الحكومة الكولومبية وحركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) أمس السبت الى التوقيع على معاهدة سلام جديدة في محاولة لانقاذ اتفاق السلام التاريخي الذي وضع حدا لنزاع دام 52 عاما والذي تم رفضه بفارق بسيط في استفتاء شعبي يوم 2 أكتوبر الماضي. وكان الكولومبيون قد رفضوا اتفاق السلام الموقع في 26 سبتمبر مع قوات (فارك) الذي يهدف إلى وضع حد لحرب أهلية مستمرة منذ أزيد من خمسة عقود وذلك من خلال تصويتهم ب"لا" خلال استفتاء نظم في مطلع أكتوبر الماضي حيث أعاد هذا التصويت كلا الجانبين منذ 22 أكتوبر المنصرم إلى طاولة المفاوضات مع إصرار الرئيس خوان مانويل سانتوس على تجهيز اتفاق جديد في أسرع وقت ممكن. وأعلنت الحكومة الكولومبية وجماعة "فارك" واللتان تتفاوضان على اتفاق في هافانا منذ أربع سنوات أنهما أدمجتا تغييرات اقترحتها قطاعات مختلفة من المجتمع في الاتفاق و جاء فى بيان لهما " توصلنا لاتفاق نهائي جديد لإنهاء الصراع المسلح". وكان اتفاق السلام الأولى قد نص على أن يسلم عناصر (فارك) أسلحتهم وأن يتحولوا الى حزب سياسي غير ان المعسكر المعارض لهذا الاتفاق والذي يقوده الرئيس الكولومبي السابق الفارو أوريبي اعتبر انه سيسمح للمتمردين "بافلات كامل للعقاب" وأشار المفاوضون الى أن الاتفاق الجديد يجب أن يشكل تسوية بين جميع الكولومبيين. وفي بيان مشترك صدر عن الجانبين وقرأه ممثلو الدول الضامنة لعملية السلام -- كوبا والنرويج قالت الحكومة وحركة "فارك" "إنهما قد توصلتا إلى اتفاق سلام نهائي جديد مع إدخال التغييرات والتصحيحات والتعديلات المقدمة من القطاعات المختلفة في المجتمع الكولومبي". وقال المندوب النرويجي داغ نيلاندر خلال قراءة النص إلى جانب زميله الكوبي إيفان مورا "إننا ندعو المجتمع الكولومبي والمجتمع الدولي بأكمله لدعم اتفاق السلام الجديد هذا إذ لا يمكن انتظار السلام أكثر من ذلك". الاتفاق خطوة مهمة نحو "سلام عادل و دائم" وعقب الاعلان عن التوقيع على المعاهدة, رحب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري, باتفاق السلام الجديد و المعدل, معتبرا إياه بأنه "خطوة مهمة نحو سلام عادل ودائم". وبعد أن أكد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستواصل دعم التنفيذ الكامل لاتفاق السلام النهائي, أبرز رئيس الدبلوماسية الأمريكية في بيان صحفي"بعد 52 سنة من الحرب ليس هناك أي اتفاق سلام يمكن أن يرضي الجميع وفي كل التفاصيل" مهنأ على الخصوص الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس وفريقي المفاوضات من الجانبين ل" انخراطهم في حوار قائم على الاحترام وذي حمولة كبيرة". من جهتها, حيت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيدريكا موغيريني هذا "الاتفاق الجديد" معربة عن تمنياتها في أن "ينخرط المجتمع الكولومبي في هذا الاتفاق". يشار إلى أن الاتفاق مع القوات المسلحة الثورية يهدف إلى إنهاء أقدم نزاع مسلح في الأمريكتين, انخرط فيه على امتداد عقود حركات تمرد يسارية وميليشيات عسكرية من اليمين المتطرف, وخلف أكثر من 260 ألف قتيل و45 ألف مفقود و6.2 ملايين مهجر. وبدأت حركة (فارك) نشاطها عام 1964 كتمرد للمزارعين وأصبحت بعد ذلك لاعبا اساسيا في تجارة الكوكايين وكانت تجند انذاك ما يصل إلى 20 ألف مقاتل. وتمكنت القوات الكولومبية الحكومية خلال عدة سنوات ماضية من توجيه عدد من الضربات الموجعة إلى الحركة. و بعد وفاة زعيمها مانويل مارولاندو الذي كان يترأس الحركة منذ تأسيسها لعام 2008 بعد إصابته بنوبة قلبية قتل خليفته في منصب القائد العام للحركة ألفونسو كانو عام 2011 في عملية للجيش.