عادت مسرحية "ليلة دم" التي قدم عرضها الشرفي مساء يوم الأحد على ركح مسرح قسنطينة الجهوي بالجمهور إلى مسيرة الانتقال من العشرية السوداء نحو السلم و ذلك ضمن قالب واقعي اجتماعي. فعلى مدار ساعة و عشر دقائق ارتحل هذا الإنتاج الجديد لمسرح قسنطينة الجهوي الذي أخرجه كريم بودشيش و كتب نصه الروائي الجزائري الحبيب السائح صاحب الرواية الناجحة "كولونيل الزبربر" بعشاق الفن الرابع الذين امتلأ بهم المسرح إلى فترة العشرية السوداء كاشفا عن آثارها على المجتمع آنذاك. و استهل العرض بمشهد يتلقى فيه الشاب عزيز "أسامة بودشيش" الذي يؤدي واجب الخدمة الوطنية خبر اغتيال أفراد أسرته (أبوه و أمه و أخته) على يد الإرهابي ابن نوارة "عتيقة بلزمة" فيقرر حينها الأخذ بثأر عائلته و هو ما تحقق له بعد مرور 6 سنوات على ذلك الحادث المأساوي. و تتوالى المشاهد و الأحداث ليجد عزيز نفسه مطلوبا من طرف العدالة كونه تجاهل القانون و حاول تطبيقه بنفسه فيضطر للهروب و الابتعاد عن محبوبته نضيرة "نجلاء طارلي" التي أصبح يلتقي بها خلسة. و بالرغم من أنه قام بعمل مخالف للقانون إلا أنه يجد مساندة من طرف بلقاسم "عبد الله حملاوي" المجاهد الذي كان صديق والده و الذي ضحى كثيرا إبان الثورة التحريرية من أجل أن تحيا الجزائر و قد عرف بمناهضته لجميع أعمال العنف التي كانت سائدة خلال التسعينيات. و ضمن سياق الأحداث أبرز هذا العرض المسرحي أن لغة الدم طغت في فترة من الفترات و تغلبت لغة الرصاص على الحوار لكنه لم يهمل إبراز تطلع الأشخاص "الأحرار" نحو أفق جديد هو أفق الحوار و التسامح والوئام و الحب من أجل جزائر تنعم بالسلام. كما سردت هذه المسرحية التي تجاوب معها الجمهور واقع البلاد خلال فترة التسعينيات مسلطة الضوء على سعي الجزائري لمواجهة أوضاع و أزمات كثيرة سياسية و اقتصادية و اجتماعية في تلك الفترة. و نجح الممثلون التسعة الذين حرص مخرج العمل كريم بودشيش على أن يكونوا من أجيال مختلفة "قديم و مخضرم و جديد" في استمالة الجمهور الذي صفق لهم مطولا. و عقب العرض أعرب كاتب نص المسرحية الحبيب السائح عن سعادته الكبيرة لرؤية هذا النص يتجسد "روحا" على الركح خصوصا و أنه يطرح لأول مرة قضايا ذات علاقة بما عاشته الجزائر خلال واحدة من أصعب الفترات فيما أشاد مخرج و مصمم العرض كريم بودشيش بأداء الممثلين و كذا بتجاوب الجمهور الذي حضر بقوة. للإشارة سيكون بإمكان عشاق أب الفنون مشاهدة هذا العرض المسرحي على مدار ثلاثة أيام متتالية (الأحد والاثنين والثلاثاء) من الأسبوع الجاري. و من المحتمل أن يشارك هذا العمل في الطبعة الحادية عشر للمهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر العاصمة التي ستنظم في الفترة الممتدة بين 23 و30 نوفمبر الجاري.