عرفت جنازة أيقونة فن الشعبي اعمر الزاهي الذي ووري الثرى بعد ظهر اليوم الخميس بمقبرة القطار بالعاصمة توافد آلاف المشيعين الذين رافقوا الفقيد إلى مثواه الأخير في أجواء جنائزية مهيبة. وتوافد عشاق وأصدقاء الفنان وعدد من الوجوه الفنية والوزراء والشخصيات السياسية ورؤساء الأحزاب منذ الصباح الباكر على المقبرة القديمة للقطار أين ترقد جثامين العديد من فناني الشعبي الكبار على غرار الحاج مريزق والشيخ بوجمعة العنقيس والحاج امحمد العنقى. وعلى صوت التكبيرات والزغاريد وصل جثمان الراحل للمقبرة مسجى بالعلم الوطني بعد حمله من بيته بحي "درب أرزقي لوني" (الرونفالي) بباب الواد -أين توفي أمس الأربعاء- قبل أن يصلى عليه بمسجد "البراني" بباب جديد بالقصبة. وشهدت صبيحة اليوم توافد حشود كبيرة للمشيعين الذين شغلوا الشوارع والأزقة المؤدية إلى المقبرة ما أدى إلى ازدحامها وتعطل حركة المرور بأغلب شوارع وسط مدينة الجزائر. وحضر جنازة الفقيد العديد من الوجوه المعروفة في موسيقى الشعبي على غرار عبد القادر شاعو وعبد الرحمان القبي وعزيوز رايس بالإضافة لتلميذ العنقى عبد القادر لعزيزي وكذا بوعلام رحمة من جيل الفنان الراحل. وكان الكثير من محبي الزاهي, من العاصمة وخارجها, قد توافدوا على منزله مباشرة بعد الإعلان عن وفاته حيث تواصل تدفق هؤلاء نحو محيط بيت الفقيد إلى غاية الساعات الأولى للخميس لإلقاء النظرة الأخيرة على هذا الفنان الذي قدم الكثير لفن الشعبي. وقد أثارت أيضا وفاة الزاهي العديد من ردود الفعل من قبل الفنانين ورجال الثقافة الذين أجمعوا على اعتبار رحيله بمثابة "خسارة لا تعوض" للثقافة الجزائرية التي فقدت فنانا "استثنائيا" ذي "تواضع لا مثيل له". وأكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في برقية تعزية لأسرة الفنان أن الفقيد كان من الفنانين الذين "تميزوا وأبدعوا روائع جميلة تنم عن فن أصيل, فغنى لشعراء الفحول, منتقيا الكلمة المؤثرة والحكمة البليغة والأداء الرفيع بما تطرب له الأذن ويسمو به الذوق". ووصف من جهته رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح الفقيد في برقية تعزية شخصية ب "أحد أعمدة الفن الشعبي الأصيل" و"رمزا من رموز" هذا الفن في حين عبر وزير الثقافة عزالدين ميهوبي عن أسفه لرحيل هذا الفنان "القدير والمتميز" واصفا إياه ب "الأسطورة" و"أحد كبار رموز الأغنية الشعبية" في الجزائر. وكان لرحيل صاحب رائعة "زينوبة" صداه في الصحافة الجزائرية التي عددت مناقبه وخصاله وكذا مساره الفني في حين حيا مستعملو الشبكات الإجتماعية ذكراه من خلال تشارك التسجيلات الرقمية لمختلف حفلاته العائلية بينما عبر آخرون عن احترامهم لتواضع وبساطة هذه الأيقونة. وبدأ اعمر الزاهي -وإسمه الحقيقي اعمر آيت زاي- مسيرته الفنية مع نهاية الستينات من القرن الماضي بتبني طريقة فنان كبير آخر هو بوجمعة العنقيس (1927-2015). وعرف الفنان ببساطته وتواضعه وبإحيائه لحفلات عائلية على مر أكثر من خمسين عاما من مساره الفني المتفرد والساحر وقد كان آخر ظهور له على الساحة الفنية في 1987 بحفل احتضنته قاعة ابن خلدون بالعاصمة.