أكدت الوزيرة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان،غنية الدالية اليوم الأربعاء أن اعتراف التعديل الدستوري الأخير بحقوق المعارضة سيساهم لا محالة في بعث حركية جديدة في المؤسسات الدستورية من خلال تقديم بديل لمقترحات و آراء الأغلبية. و خلال افتتاحها ليوم دراسي حول موضوع "المعارضة البرلمانية في الدستور الجزائري و الأنظمة المقارنة"، شددت السيدة الدالية على أن وجود المعارضة البرلمانية الناشطة و الفاعلة غير المساندة للحكومة تعد "عنصرا أساسيا في النظام الديمقراطي من خلال تقديمها لأفكار و مقترحات تختلف عن تلك التي تعرضها الحكومة"، الأمر الذي دفع بالمشرع الجزائري إلى دسترة حقوقها. و من هذا المنطلق، جاء التعديل الدستوري لسنة 2016 الذي منح للأقلية البرلمانية جملة من الحقوق و التي يأتي على رأسها الحق في إخطار المجلس الدستوري حول مدى مطابقة النصوص القانونية للدستور، فضلا عن تخصيص جلسة شهرية في البرلمان بغرفتيه، من أجل مناقشة جدول أعمال تقدمه المجموعات البرلمانية من المعارضة، تذكر الوزيرة. و توقفت الوزيرة مطولا عند معالم "التمييز الإيجابي" التي سنها الدستور في تعديله الأخير لصالح الأقلية البرلمانية و التي تمنح للمعارضة كل الحظوظ في إطار ديمقراطي يفتح المجال أمام التداول على السلطة، و هو ما يعد -- تضيف السيدة الدالية--"اعترافا بحق المعارضة في الوصول إلى الحكم اعتمادا على مختلف آليات الديمقراطية و في صدارتها العملية الانتخابية". كما ذكرت بأنه و بعد مرور عقدين من تاريخ إصدار التعديل الدستوري لسنة 1996 الذي تبنى نظام البرلمان بغرفتيه، شهد القانون الأسمى للبلاد إصلاحات عميقة بادر بها رئيس الجمهورية و شكلت "محطات بارزة في تاريخ الديمقراطية في الجزائر"، من أهمها دسترة الأمازيغية كلغة وطنية و ترقية تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة و تعزيز دور المعارضة كقوة اقتراح و تغيير. و في ذات المنحى، سجل البرلماني مسعود شيهوب مختلف المراحل التي مرت بها المعارضة في الدستور الجزائري، بداية من سنوات الاستقلال التي كان وجودها منعدما بحكم النظام الأحادي الذي كان متبعا آنذاك، مرورا بالاعتراف الضمني الذي جاء في دستور 1989 الذي أسس للتعددية السياسية و وصولا الى التعديل الدستوري الأخير الذي شكل "طفرة" في هذا المجال من خلال الاعتراف الصريح بها. و في هذا الإطار، لفت السيد شيهوب إلى أن التعديل الأخير تضمن في مادته 114 مصطلح المعارضة البرلمانية، لأول مرة، كما حدد قائمة حقوقها مع "ترك المجال مفتوحا أمام إثراءها". و بالمقابل، تجنب الدستور "الخوض صراحة في الواجبات المنوطة بالمعارضة حتى لا يتم اتخاذ هذا الجانب كمكبح لها"، يضيف الخبير في القانون الدستوري. و في هذا السياق، قدم السيد شيهوب مقارنة بين الدستور الجزائري و دساتير أخرى، خاصة منها الفرنسي "الذي لا طالما اعتبر مصدرا للتشريعات الوطنية" مشيرا إلى أن هذا الأخير "لم يعترف صراحة بالمعارضة البرلمانية إلا سنة 2008".