تعيش مصر حالة حداد لثلاثة أيام على إثر الإعتداءالإرهابي الذي استهدف، اليوم الأحد، الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية المرقسيةبالعباسية، مخلفا 25 قتيلا و49 مصابا على الأقل، وسط تنديدات شديدة و توعدات ب"القصاصالعادل". وأعلن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حالة الحداد في البلاد لمدةثلاثة أيام، وتوعد ب"القصاص العادل" لضحايا التفجير الذي استهدف اليوم الأحد الكنيسةالبطرسية، كما أدان ب"بالغ الشدة" هذا "العمل الإرهابي الآثم" الذي أسفر لحد الآنعن مقتل 25 شخصا وإصابة 49 آخرين. وأكد بيان الرئاسة المصرية "أن هذا الإرهاب الغادر يستهدف الوطن بأقباطهومسلميه، وأن مصر لن تزداد كعادتها إلا قوة وتماسكا أمام هذه الظروف"، مشدداعلى "القصاص العادل لشهداء ومصابي هذا الحادث الغادر". وتابع السيسي في بيانه قائلا إن "الألم الذي يشعر به المصريون في هذه اللحظاتلن يذهب هباء، إنما سيسفر عن تصميم قاطع بتعقب وملاحقة ومحاكمة كل من ساعد بأيشكل على التحريض أو التسهيل أو المشاركة والتنفيذ في هذا العمل الآثم وغيره منالأعمال الإرهابية التي تعرضت لها البلاد". ويعد هذا الإعتداء الثاني من نوعه بعد تفجير مماثل وقع يوم الجمعة الماضيةبشارع الهرم بمحافظة الجيزة واسفر عن مقتل 6 من رجال الامن المصريين. حالة إستنفار أمني في عديد المحافظات ومباشرة تحقيقات بشأن الإعتداء وأمام هذا الوضع، أكد وزير الداخلية المصري، اللواء مجدى عبد الغفار، أنهذا "الحادث الارهابي الخسيس"، الذى وقع بالكنيسة البطرسية، "يستهدف المصريين جميعا"،مشيرا إلى أنه وجه بتشكيل فريق بحث من كافة أجهزة الوزارة لتلتقط خيوط الحادث والوصولإلى الجناة بشكل سريع. وبالفعل، فقد رفعت الأجهزة الأمنية حالة الاستنفار الأمني حول المطرانياتوالكنائس بمختلف المحافظات المصرية "تحسبا لأي حالات طارئة"، عقب الانفجار. ففي محافظة القليوبية، انتشرت دوريات أمنية بالقرب من الكنائس، وتم غلقبعض الشوارع المؤدية إليها وخاصة الكبرى كمطرانية بنهاوشبرا الخيمة بالحواجز الحديديةومنع وقوف السيارات والدراجات كما تم الدفع بعناصر من الشرطة السرية والمفرقعات لتمشيط محيط الكنائس وتأمينها. ونقلت وكالة الأنباء المصرية (أش أ) عن مدير أمن القليوبية، اللواء مجدىعبد العال، تأكيده زيادة أعداد أفراد الخدمات الأمنية المعنية بتأمين الكنائس علىمستوى المحافظة، فضلا عن تكثيف التواجد الأمني والدوريات الأمنية الثابتة والمتحركة،مع فرض طوق أمني حول مطرانية "بنها" و"شبرا الخيمة" و"الخصوص" وتوابعها وكذلك كنائسجميع مراكز المحافظة. المسلمون و المسيحيون المصريون "في خندق واحد ضد الإرهاب" في غضون ذلك، عبرت العديد من الأقطاب الإسلامية بمصر، عن تضامنها مع ضحاياالإعتداء، حيث أكد مجلس حكماء المسلمين برئاسة الامام الاكبر شيخ الازهر، أحمدالطيب، أن "هذه الأعمال الإجرامية التي ترتكبها جماعات الإرهاب الأسود تخالف الدينالإسلامي الحنيف وكافة الأعراف والشرائع السماوية التي تنهى عن المساس بدور العبادةوتدعو إلى حمايتها وصونها واحترامها"، معربا عن مؤازرته للكنيسة المصرية ضد العنفوالإرهاب الذي يستهدفها. وعبر المجلس، في بيان له، عن تضامنه مع الدولة المصرية بكافة أجهزتها ومؤسساتهالمواجهة جماعات العنف والإرهاب حتى اجتثاثها من جذورها، مؤكدا أن "استهداف جماعاتالعنف والإرهاب للكنيسة المصرية يؤكد وطنية هذه المؤسسة كما يؤكد يأس التنظيماتالإرهابية التي تستهدفها وعجزها عن المساس بالوحدة الوطنية المصرية". من جهته، أجرى مفتي الجمهورية المصرية، فضيلة الشيخ شوقي علام، اتصالاهاتفيا بالبابا تواضروس بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عبر خلالهعن خالص تعازيه في ضحايا الحادث الإرهابي الذي وقع في الكنيسة البطرسية. وأكد مفتي الجمهورية، خلال الاتصال، "وقوف الشعب المصري من المسلمين والمسيحيينفي خندق واحد ضد الإرهاب والمفسدين في الأرض"، مشددا أن "مثل هذه الأعمال الإرهابيةلن تنل من عزيمة المصريين في دحر الإرهاب". نفس الموقف عبر عنه "مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة" التابعلدار الإفتاء المصرية الذي أكد في بيان له أن "التفجير الإرهابي الذي استهدف محيطالكاتدرائية المرقسية يعد محاولة من قوى التطرف والتكفير للوقيعة بين أبناء الوطنوتحويل مولد النبي المصطفى الذي بعث رحمة للعالمين إلى يوم قتل ودماء وإهدار للأرواحالبريئة وإشاعة للفوضى والاضطراب في البلاد". تضامن دولي مع مصر ضد الإرهاب على الصعيد الدولي، عبرت العديد من العواصم عن إدانتها لهذا العمل "الوحشي" و عبرت عن تضامنها مع الشعب المصري ضد الإرهاب، حيث أكد الرئيس الروسي، فيلاديميربوتين، في بيان له اليوم، استعداد بلاده للاستمرار بالتعاون الوثيق مع مصر لمواجهةالإرهاب. ونقل البيان عن الرئيس الروسي قوله أنه "مصدوم لهذا العمل الإرهابي الوحشيالذي وقع في القاهرة، والمحزن أكثر، هو وجود نساء وأطفال بين القتلى"، مضيفا إن"هذه المأساة تؤكد مرة أخرى، ضرورة العمل المشترك الحازم في مواجهة الإرهاب الدولي،الذي ينثر الموت والدمار ويطمح لتقويض السلام والوفاق بين الناس من الطوائف المختلفة". ومثل ذلك، سجلت كل من العراق و الأردن تضامنها مع مصر في مصابها هذا، حيثأكد المتحدث باسم الخارجية العراقية، أحمد جمال، "وقوف شعب وحكومة العراق بقوةوفي خندق واحد إلى جانب شعب وحكومة الشقيقة مصر في تصديها للإرهاب". أما الحكومةالأردنية فقد أبرزت موقفها "الواضح والثابت في رفض الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهرهأيا كانت دوافعه ومصادره ومنطلقاته". نفس المستوى من الإدانة عبرت عنه منظمة التعاون الإسلامي على لسان أمينهاالعام الجديد، يوسف بن أحمد العثيمين، الذي جدد "دعم المنظمة المتواصل لمصر فيحربها ضد الإرهاب". وتعد "الكنيسة البطرسية" أحد المعالم الكنسية الآثرية في مصر، وتلاصق الكاتدرائيةالمرقسية، مقر بابا الأقباط، في منطقة العباسية بالقاهرة ويرجع تاريخ هذه الكنيسةإلى حوالي 105 أعوام، حين قامت عائلة بطرس غالي باشا ببنائها على نفقتها الخاصة،على ضريحه في عام 1911، تخليدا لذكراه، حيث يوجد أسفل الكنيسة المدفن الخاص بالعائلة.