تصبو المدينة الجديدة لسيدي عبد الله (غرب الجزائر العاصمة)، التي دشنها أمس الأحد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، لأن تكون نموذجا يجسد المدينة العصرية والتنظيم الحضري في ظل الفوضى العمرانية التي تعيشها البلاد. وترغب السلطات العمومية في جعل سيدي عبد الله مدينة ذكية ومتكاملة لتكون مثالا يحتذى به في إنجاز باقي المدن الجديدة وفي عمليات إعادة تأهيل المدن القديمة. وتشكل سيدي عبد الله أحد المدن الجديدة الخمس (رفقة بوعينان، بوغزول، حاسي مسعود والمنيعة) التي أنشئت تنفيذا للإستراتيجية التي شرع فيها مع صدور قانون المدن الجديدة في 2002 بهدف استحداث فضاءات عمرانية منسجمة ومتحكم فيها. وفي هذا الإطار تقرر إنشاء المدينة الجديدة لسيدي عبد الله رسميا في 2004 ليتم التصريح بالمنفعة العامة لعمليات الانجاز المتعلقة بها في 2008. و بالنسبة للسكنات ينتظر خلال الايام القليلة المقبلة تسليم 3.067 مسكنا في مرحلة اولى منها 1.067 مسكنا ترقويا عموميا يوم الاربعاء المقبل و 2.000 وحدة سكنية بصيغة البيع بالايجار (عدل) يوم السبت. غير أنه وخلافا لما كان معمولا به سابقا فإن الاحياء السكنية الموزعة ستحتوي على جميع المرافق الضرورية من هياكل تعليمية وروضات ومساحات خضراء وحدائق وفضاءات العاب وتسلية. كما تشمل الاحياء السكنية حوالي 300 محل تجاري تم توزيعها بشكل متوازن مع مراعاة الاحتياجات ذات الأولوية في الحياة اليومية للسكان. وستسمح هذه المرافق التجارية الجوارية بخلق حوالي 1.200 منصب عمل مباشر في مختلف المهن، غير أن المستفيدين من المحلات سيلتزمون بدفتر شروط صارم ومنسجم مع متطلبات التسيير العصري للمدن. وزيادة على ذلك، سيتم فتح مكاتب خدماتية تخصص للوكالات البنكية ومكاتب البريد وخدمات الاتصالات وغيرها. كما تم تزويد الاحياء السكنية بالالياف البصرية التي تمكن من الاستفادة من خدمات الهاتف والانترنت عالية التدفق فضلا عن توفير خدمة الانترنت عبر شبكة "الويفي" في الاماكن العامة وعلى نطاق واسع. وبخصوص الانارة العمومية، فقد تم تثبيت أعمدة إنارة تعمل بالطاقة الكهروضوئية في خطوة تؤكد توجه هذه المدينة الجديدة الرامي لأن تكون مدينة خضراء وفقا للمعايير الايكولوجية المعمول بها دوليا. وبخصوص التنظيم داخل الاحياء السكنية، فقد تم تجهيز البنايات بصحون هوائية جماعية لمشاهدة القنوات الفضائية فوق أسطحها، لتفادي تشويه منظر الواجهات. كما تم تزويد العمارات بنظام دخول رقمي يسمح لسكانها بالدخول بواسطة بطاقة مغناطيسية أو البصمة الشخصية. وسيمنع السكان من وضع شبابيك حديدية في النوافذ عدا سكان الطابق الاول الذين يمكنهم الاستفادة من ترخيص لهذا الغرض شريطة احترام نموذج معين. وبخصوص نظافة الاحياء، تم صياغة مخطط جمع القمامات تتكفل به مؤسسة "اكسترا نت" والتي ستعتمد لاول مرة على تقنية "القمامة المدفونة" وكذا الفرز الاختياري للمهملات. وتم منح عناية خاصة للطابع الجمالي للمدينة الجديدة ولشكلها النهائي حيث تم بناء مدخل خاص بها ونافورة كبيرة مع وضع غطاء نباتي على جانبي الطرقات الرئيسية. وبالموازاة مع استلام الاحياء السكنية الأولى للمدينة الجديدة، تم إطلاق عدة مشاريع للترفيه والتسلية على غرار حظيرة كبرى للرياضة والتسلية على مساحة 30 هكتار وكذا مركب للسيارات الميكانيكية "الكارتينغ". كما يتزامن تدشين الشطر الأول للمدينة الجديدة مع افتتاح خط السكك الحديدية الرابط بين زرالدة وبئر توتة مرورا بسيدي عبد الله و الذي يضم خمس محطات (بئر توتة-تسالة المرجة-سيدي عبد الله- سيدي عبد الله الجامعة- مدينة زرالدة). وينتظر أن تتواصل الاستثمارات العمومية والخاصة على مدار السنوات القادمة لتجسيد حلم المدينة الجديدة لسيدي عبد الله التي تسعى إلى التعزيز الاقتصادي للقدرات التي تزخر بها العاصمة من جهة والتكفل بالجوانب الاجتماعية لسكانها من جهة اخرى. ويمتد هذا الفضاء على مساحة قدرها 7 آلاف هكتار بالجنوب الغربي للعاصمة تشمل بلديات معالمة، الرحمانية، زرالدة والدويرة، من بينها 3 آلاف هكتار كمحيط مخصص للتعمير والتهيئة و4 آلاف هكتار كمحيط حماية للمدينة الجديدة. ويتضمن المخطط العام لهذه المدينة الجديدة 27 حيا سكنيا أين تمت برمجة مشاريع لانجاز حوالي 54 الف وحدة. وفضلا عن القطب السكني، يشمل مخطط المدينة قطبا صيدلانيا وبيوتكنولوجيا (148 هكتار) وآخر تكنولوجي (5ر63 هكتار) وحظيرة تكنولوجية (110 هكتار) وقطب جامعي (102 هكتار) وقطب صحي (51 هكتار) فضلا عن قطب التسلية والترفيه والرياضة (732 هكتار). وتشمل هذه الاقطاب المئات من المشاريع العمومية والخاصة بما فيها الاستثمارات بالشراكة مع أجانب وهو ما من شأنه خلق حوالي 120 الف منصب عمل مباشر حسب التوقعات الأولية. ويتكفل تجمع لشركات عمومية على رأسها كوسيدار بإنجاز أشغال التهيئة والطرقات والشبكات المختلفة في المدينة الجديدة بعد ظفرها بصفقتين تبلغ قيمتهما الاجمالية 3ر84 مليار دج.