يعرف المشهد السوري مساع دولية جديدة لإيجاد حل سياسي للصراع الذي تتخبط فيه البلاد منذ أكثر من خمس سنوات وذلك من خلال الاجتماع الثلاثي الذي انعقد أمس الثلاثاء بين روسياوإيران وتركيا في انتظار ما سينبثق عن محادثات السلام المزمع عقدها في جنيف في فبراير القادم. و خلال اجتماع لوزراء خارجية روسياوإيران وتركيا أعلنت الدول الثلاث استعدادها لضمان "اتفاقية مستقبلية" يتم التفاوض عليها بين النظام والمعارضة في سوريا فيما أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن الدول الثلاث بدأت مسعى لإيجاد حل سياسي للصراع في سوريا. وأكدت الدول الثلاث في بيان مشترك عقب اجتماع وزراء الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو والروسي سيرغي لافروف والإيراني جواد ظريف في موسكو اتفاقها على "عدم إمكانية حل المشكلة السورية بالطرق العسكرية". وعبرت إيرانوروسيا وتركيا عن ارتياحها إزاء "الجهود المشتركة التي تم بذلها من أجل إجلاء المدنيين والمعارضة المسلحة وتعهدوا باستكمال المرحلة بشكل آمن وسليم ودون انقطاع". كما اتفق الوزراء الثلاثة على أهمية تمديد وقف إطلاق النار والمساعدات الإنسانية وحرية الحركة للمدنيين في عموم البلاد. وجاء في البيان الختامي أن الدول الثلاث أكدت احترامها سيادة واستقلال سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها وأهمية جهود الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي في إطار القرار الدولي رقم 2254 في حل الأزمة السورية. وينص القرار الذي أصدره مجلس الأمن في 18 ديسمبر 2015 على بدء محادثات السلام بسوريا في يناير 2016 ودعا إلى تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية أممية مطالبا بوقف أي هجمات ضد المدنيين بشكل فوري. وأكد الاجتماع المشترك لوزراء خارجية روسياوايران وتركيا على احترام سيادة واستقلال ووحدة سوريا كدولة متعددة الأعراق والمذاهب الدينية ,وكدولة ديمقراطية مدنية (علمانية) . وفي بيان مشترك قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن "ايرانوروسيا وتركيا مستعدة للمساعدة في التحضير لاتفاق بين الحكومة السورية والمعارضة وللعب دور الضامن" مضيفا أن الوزراء "اتفقوا على أهمية توسيع وقف اطلاق النار وافساح المجال امام ادخال المساعدات الانسانية وتنقل المدنيين على الاراضي السورية". وأعلن لافروف, أن موسكو تعتبر الاطار الثلاثي لروسيا وتركيا وإيران الأكثر فاعلية بشأن سوريا مضيفا "أعتقد أن الأكثر فاعلية هو الإطار الذي ترونه اليوم,وهذه ليست محاولة لإلقاء الظل على جهود بقية شركائنا الآخرين لتحقيق التقدم في تسوية الأزمة السورية, هذا تأكيد للواقع فقط". وفي معرض حديثه عن التعاون مع الولاياتالمتحدة بشأن سوريا, قال لافروف "أننا لم نكن قريبين من النتيجة فحسب, بل حققنا النتيجة في سبتمبر الماضي, كما بدا لنا, وللأسف, لم يتمكن الجانب الامريكي من تأكيد مشاركته في تلك الأعمال التي تم الاتفاق عليها". وأضاف أن المجموعة الدولية لدعم سوريا لم تتمكن من أن تلعب دورها في تنفيذ القرارات المتخذة بشأن سوريا. ومع ذلك, اكد الوزير الروسي أن روسياوإيران وتركيا لا تغلق الأبواب أمام دول أخرى وتدعوها للانضمام إلى عملية التسوية في سوريا. فيما اعتبر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن موسكو وأنقرة وطهران "مستعدة للعب دور الضامنين لدفع التسوية السورية قدما إلى الأمام", مؤكدا أن الولاياتالمتحدة "لا تتمتع بنفوذ فعلي على الوضع". الأممالمتحدة ترحب بالبيان الختامي رحب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا, ستافان دي ميستورا, بالبيان المشترك المنبثق عن اللقاء الثلاثي الذي جمع بين إيران وتركيا وروسيا, واصفا إياه ب"الخطوة المهمة" في الدفع باستئناف المفاوضات بين الأطراف السورية. وأكد دي ميستورا أن "روسياوإيران وتركيا متفقة بأنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية, نرحب بالبيان المشترك لإيرانوروسيا وتركيا ونعتبره مفيدا في الدفع قدما باستئناف المحادثات السورية في جنيف في 8 فبراير القادم". الأممالمتحدة تعتزم إجراء محادثات السلام السورية فى فبراي بجنيف وكان المتحدث باسم مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى سوريا قد أعلن يوم الاثنين المنصرم إن الأممالمتحدة تعتزم إجراء محادثات السلام السورية في جنيف في 8 فبراير2017. وقال المتحدث في بيان إن "المبعوث الخاص سيقوم بالتشاور بشكل شامل مع الأطراف والطيف الأوسع من أصحاب الشأن السوريين ودول المنطقة والمجتمع الدولي الأوسع نطاقا,للإعداد بعناية للمفاوضات". وأضاف البيان في اشارة الى اجتماع امس بموسكو أن المبعوث الخاص "سيتابع باهتمام الاجتماع الذي سيعقد يوم الثلاثاء بين روسيا وتركيا وإيران" مشيرا الى ان أي جهد يمكن أن يسفر عن وقف الأعمال العدائية سيكون موضع ترحيب. ورحب البيان الأخير من المتحدث باسم المبعوث بتبني مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2328 بشأن سوريا والذي تمت الموافقة عليه للتو بالإجماع في نيويورك من أجل إرسال مراقبين أممين لمراقبة عمليات الإجلاء في مدينة حلب السورية التي مزقتها الحرب. وذكر البيان أن "المبعوث الخاص للأمم المتحدة يأمل بأن يكون ذلك بداية لاستعادة وحدة مجلس الأمن إلى جانب منظومة الأممالمتحدة الأوسع نطاقا وسوف يشارك مكتب المبعوث الخاص بشكل كامل في تعزيز التنفيذ العملي للقرار على الأرض". وحسب القرار الأخير الذي تم اعتماده من قبل مجلس الأمن يوم الاثنين فإنه يتعين على الأممالمتحدة تنفيذ مراقبة مناسبة ومحايدة ومباشرة لعمليات إجلاء المدنيين والمسلحين من شرق حلب. كما يطالب المجلس المكون من 15 دولة كافة الأطراف بالسماح بالوصول الآمن ودون عوائق لموظفي الأممالمتحدة لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين إليها. وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي قالت وزارة الخارجية السورية إن الحكومة السورية مستعدة لاستئناف المحادثات السورية من دون شروط مسبقة وذلك ردا على التصريحات الأخيرة التي أدلى بها ستيفان دي ميستورا. يذكر أن المحادثات السورية السابقة في جنيف انتهت دون تحقيق نتائج وسط تصاعد العمليات العسكرية في سوريا وخصوصا في مدينة حلب شمال البلاد.