لم تحسم الاطراف السياسية في موريتانيا بعد مسألة آلية تطبيق التعديلات الدستورية التي دعت اليها مخرجات الحوار السياسي الأخير وخاصة ما تعلق بالاقتراح الداعي الى الغاء الاستفتاء الشعبي وتمرير تلك التعديلات عبر مؤتمر مشترك لغرفتي البرلمان. وتتوقع مصادر اعلامية ان يدعو الرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز لعقد اجتماع طارئ يوم السابع والعشرين من يناير الجاري لتعديل الدستور الحالى عبر مؤتمر مشترك لغرفتي البرلمان رغم الرفض الذي تبديه بعض الأطراف المشاركة فى الحوار الأخير. وكان الوزير الاول الموريتاني يحيى ولد حدمين قد اكد خلال اجتماع عقده أول أمس مع برلماني حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم على حسم خيار تمرير التعديلات الدستورية عبر مؤتمر برلماني "ترشيدا للإنفاق" و "استغلالا للوقت" بدلا من الاستفتاء الشعبي الذي اعلن عنه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في ختام جلسات الحوار في نهاية سبتمبر الماضي. وبالمناسبة اكد رئيس الحزب الحاكم سيد محمد ولد محم مساندة الحزب وجاهزية منتخبيه للتعبئة لخيار تعديل الدستور ودعمه بكل ما لديهم وسائل ومقدرات مضيفا "ان الحزب الحاكم سيكون كما كان دائما خلف الخيارات الكبرى لبرنامج ومشروع الرئيس". وأرجعت عدة مصادر لجوء الرئيس ولد عبد العزيز إلى غرفتي البرلمان لتمرير التعديلات على الدستور عقب تأكيد تقارير أمنية استحالة التنبؤ بنتائج الإستفتاء الشعبي على تلك التعديلات فضلا عن ما تتطلبه تلك العملية من امكانيات بشرية ولوجيستية مكلفة لخزينة الدولة. وهذا ما دعت اليه لجنة متابعة وتنفيذ الحوار الشامل التي تضم في عضويتها ممثلين عن الحكومة والكتل السياسية المشاركة في الحوار في اجتماع عقدته الاحد الماضي حيث رأت "ان آلية الاستفتاء الشعبي مكلفة وبطيئة وينبغي البحث عن آلية أخرى وهي المؤتمر البرلماني لان وضع اللجنة المستقلة للانتخابات و اعداد اللائحة الانتخابية يتطلبان وقتا طويلا وتكاليف مالية كبيرة". وحسب وزير المالية مختار ولد أجاي فان الحكومة رصدت خمسة مليارات أوقية لتنظيم الاستفتاء الشعبي لكنها قررت اللجوء للبرلمان لترشيد النفقات ولراحة الفاعلين السياسيين من حملات تعبئة ميدانية ستكلفهم جهدا ومالا رغم أنهم مقدمون على استحقاقات انتخابية قريبا. الا ان هذا الاقتراح لاقى رفضا قويا من قبل احزاب المعارضة المشاركة في الحوار التي أصرت على عدم تمرير التعديلات الدستورية عن طريق "البرلمان" وبالأخص فيما يتعلق منها بنقطتي تغيير العلم والنشيد معتبرة "أن الرموز الوطنية لا يمكن أن تمر إلا عبر التصويت الشعبي خصوصا وأن غرفتي البرلمان الحالي لا تمثل فيه معظم القوى السياسية". وفي هذا الصدد ابدى حزب التحالف الشعبي التقدمي اليوم الثلاثاء معارضته ب"قوة" كل التعديلات الدستورية التي لا تمر عبر اقتراع مباشر للشعب. واعتبر الحزب في بيان وزعه اليوم أن أي تعديل الدستور لا يمر عبر استفتاء شعبي "سيكون لاغيا ولا مفعول له, أحاديا, لا شرعيا متناقضا تناقضا صريحا مع مقتضيات الوثيقة الختامية للحوار المنقضي قبل أشه"ر مشيرا الى ان الغاء خيار الاستفتاء يعد "برهانا ساطعا على ضعف الاهتمام الذي يوليه النظام لرأي الشعب, الأكثرية الصامتة غير المسيسة التي تشكل أغلبية ساحقة محتملة من الناخبين". وأكد التحالف ان رئيس الجمهورية ليست لديه أي سلطة في تجاوز الاتفاقيات الموقعة من قبل المتعاقدين مهما كانت مبرراته, داعيا كل القوى السياسية من المعارضة و الأغلبية للتوحد من أجل قطع الطريق على ما ينذر بانحراف استبدادي جديد حتمي للديمقراطية وللمكتسبات الجمهورية.