يستقطب الصالون القسنطيني للنحاس في طبعته الثانية التي افتتحت مساء الاثنين بقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة أعدادا كبيرة من الزائرين العاشقين للأصالة الجزائرية عموما و القسنطينية خصوصا. و قد لفت جناح الحرفي عزوز لسحب الانتباه من خلال تضمنه مجسم لجسر سيدي راشد الذي يمثل أحد رموز مدينة الصخر العتيق صنعه من الحديد و النحاس بأنامل يده و وضع فوقه مجسم نحاسي لكمان مطرب المالوف الراحل محمد الطاهر فرقاني و آخر لآلة عود تداول على العزف عليها العديد من مشايخ المدينة أمثال الشيخين حسونة و التومي و قدور درسوني و آخرون. و في هذا الصدد قال صاحب الجناح: "لقد سبق لي إعداد مجسمات نحاسية لمثل هذا الكمان المعروض و تم إهداؤها لعديد ضيوف الجزائر من بينهم الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي". و أضاف: "هذه التحف غالية على قلبي كثيرا و لا يمكنني بيعها سوى لأشخاص يقدرون قيمة هذا العمل الذي بذلت فيه جهدا كبيرا حيث سخرت موهبتي و خبرتي لتخرج بالشكل الذي ترونه الآن". و لقد تجمع عديد الزوار أمام هذا الجناح لالتقاط صور تذكارية و تبادل أطراف الحديث مع الحرفي الذي صنع تلك التحف حيث صرحت السيدة صوفيا التي كانت بمعية زوجها : "إن هذا الجناح يدل على مهارة و موهبة كبيرتين". كما جذب جمال التحف التي صنعتها الحرفية شامية مخزر و هي المرأة القسنطينية الوحيدة التي ولجت هذا العالم الخاص بالرجال اهتمام زوار هذا الصالون حيث تعترف في هذا الصدد "إن عشقي لهذه الحرفة يعود إلى زمن بعيد لكنني مؤخرا فقط قررت رفع التحدي و خوض التجربة حيث تابعت تكوينا نظريا و تطبيقيا في غرفة الصناعات التقليدية و الحرف". و أضافت: " لم أجد أي صعوبة أو تمييز في ممارسة هذه الحرفة مقارنة بزملائي الرجال" متمنية أن تجد منافسات لها من العنصر النسوي في هذا الحقل مشيرة إلى أنها شاركت في عديد الصالونات عبر عدة ولايات بالوطن على غرار باتنة و خنشلة و بسكرة و البليدة. و لكون هذه التظاهرة تتزامن مع الاحتفالات المخلدة للذكرى ال55 لعيدي الاستقلال و الشباب فقد تم أيضا تخصيص جناح شرفي يتضمن مجسما لزنزانة و مقصلة و بعض أدوات التعذيب إبان الفترة الاستعمارية حسب ما لوحظ. كما تم فتح ورشات تكوينية في النقش على النحاس خلال هذه التظاهرة التي يشارك فيها 25 حرفيا مختصا في الزخرفة و النقش على النحاس من مختلف مناطق الولاية تحت شعار "سيرتا بريق الحضارة". كما مكنت هذه التظاهرة من إعادة اكتشاف أصناف النحاس و تركيباته و كذا الأدوات النحاسية القديمة على غرار "القطار" (أداة خاصة بتقطير الزهر و الورد) و "الوضاية" (خاصة بالضوء) و "المحبس" كما يتم بيع تشكيلة متنوعة من الأواني المصنوعة من النحاس على غرار المرايا و الصواني و الشمعدانات و المزهريات و اللوحات التي تتضمن جسور المدينة التي تم صنعها و زخرفتها بطريقة جد فنية تنم عن حب كبير لهذه الحرفة وخبرة كبيرة أيضا. و استنادا للمنظمين فإن هذه التظاهرة المحلية التي بادرت إليها مديرية الثقافة بالاشتراك مع جمعية البهاء للفنون و الثقافات الشعبية و التي ستتواصل إلى غاية ال23 يوليو الجاري تهدف بالأساس تثمين جهود الحرفيين و المساهمة في الحفاظ على حرفة النقش و الزخرفة على النحاس التي تعود إلى العهد العثماني علاوة على تبادل الخبرات و التجارب.