يعتقد العديد من الناس أن حرفة النقش على النحاس من اختصاص الرجال، بحكم أنهم برعوا فيها منذ القدم، غير أن هذا الاعتقاد سرعان ما تبدد بعد ولوج النساء عالم صناعة النحاس، حيث أدخلن بأناملهن لمسة جمالية أعطت النقش طابعا أنثويا أضفى جمالية مميزة على التحف، وهو ما حدثتنا به الحرفية نجاة عقون التي التقتها "المساء" مؤخرا بمعرض أقيم بالعاصمة. اجتهدت الحرفية نجاة في عرض مجموعة مميزة من الأواني النحاسية التي كانت في أغلبها تبدو صغيرة الحجم، وتحمل نقوشا دقيقة بعضها عكس الزخارف الإسلامية والبربرية، وأخرى تحمل أشكال أزهار أو أوراق الشجر، وتباينت المعروضات بين أواني وشمعدانات، وحلي وطاسات وفوانيس. تحدثنا عن شغفها بهذا المعدن الأصفر اللامع فتقول: "قررت تعلم حرفة النحاس لسبب بسيط وهو قلة الوافدات من النساء على تعلم هذه الحرفة، ولا أخفي عنكم أنه كان لدي ميل كبير إلى معدن النحاس منذ طفولتي، حيث كانت تشدني كثيرا الأواني النحاسية الموجودة في منزلنا وكثيرا ما كنت أتساءل عن الطريقة التي يتم من خلالها تحويل هذا المعدن إلى أوان مزخرفة بأشكال مختلفة، وبعد أن كبرت ولم أوفق في مشواري الدراسي، قررت مباشرة تعلم هذه الحرفة التي سرعان ما أتقنتها". لا تزال الحرفية نجاة في بداية الطريق، وتقول بأنها تسعى دائما إلى نهل كل التقنيات الموجودة في النحاس لتتقنها، فالنقش على النحاس الأصفر يختلف عنه في النحاس الأحمر، كما أن التقنيات متشعبة ومتعددة وتتطلب من الحرفي أن يكون صبورا ومبدعا ليتمكن من تحويل الأواني التي يزخرفها إلى لوحات فنية تستقطب اهتمام الزوار. وتعتمد الحرفية نجاة كثيرا على الارتجالية في التعامل مع النحاس، وعلى ما تزخر به مخيلتها من أفكار، حيث تؤكد بأنها بفضل ما تعلمته أصبحت تتقن فن التخيل وابتكار أفكار تترجمها على النحاس، لتبدع أشكالا جديدة. ولم تكتف محدثتنا بتعلم حرفة النحاس، بل دفعها فضولها إلى تعلم الزخرفة على الزجاج، كما أتقنت فن الحياكة وصناعة الحلويات. وتتطلع بعد أن تحترف النقش على النحاس، إلى تعلم حرفة الزجاج المعشوق الذي ترى بأنه مجال يثير اهتمامها وأن بإمكانها أن تبدع فيه.