سمح الاجتماع الرابع للجنة الإفريقية رفيعة المستوى حول الأزمة في ليبيا المنعقد يوم السبت في برزافيل بإجراء تقييم عام لمسار الحل السياسي في البلاد و تجديد التمسك بالحوار الشامل و المصالحة الوطنية بعيدا عن أي تدخل أجنبيي كما تم الإتفاق على إطلاق جولة حوار جديدة بين مجلس النواب و المجلس الأعلى للدولة تحت إشراف الأممالمتحدةي وذلك وفق ما نص عليه الاتفاق السياسي. وتهدف جوله الحوار التي يفترض أن تنعقد خلال شهر سبتمبر الجاريي بين لجنتي الحوار التابعتين لمجلس النواب وللمجلس الأعلى للدولة الليبييني إلى التوصّل إلى تعديلات توافقية على الاتفاق السياسي الموقع في ديسمبر 2015 و الإسراع في استكمال الإستحقاقات الدستورية والانتخابية ذات الأهمية بالنسبة لمستقبل البلاد. كما ثمن المشاركون في القمةي من خلال البيان الختاميي بالدور المركزي لدول الجوار الرئيسية و هي الجزائرتونس و مصر في مرافقة الليبيين والتقريب بين وجهات نظرهم و دعم الحل السياسي الليبي من خلال الحوار الشامل و لمصالحة الوطنية بعيدا عن أي تدخل أجنبي. وتبنت هذه القمة في بيانها الختامي الرؤية الجزائرية في حل الأزمة الليبية القائمة أساسا على نبذ الخيار العسكري مهما كان نوعه و تغليب الحوار بين الفرقاء الليبية و تحفيز المصالحة الوطنية و تعزيز مؤسسات الدولة من أجل تلبية حاجيات المواطن الليبي. وشارك في إجتماع اللجنة رفيعة المستوى لرؤساء دول و حكومات الاتحاد الافريقي حول ليبيا الذي احتضنته برازافيل أمس السبت كل من الجزائر ممثلة في وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل ممثلا لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة و تونس ومصر وجنوب إفريقيا وتشادي إضافة إلى السودان وغينيا وموريتانيا والنيجري وكذلك ممثلون عن الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي. الجزائر تثق في قدرة الليبيين على تجاوز خلافاتهم وخلال الإجتماعي أعرب السيد مساهل أيضا عن ثقة الجزائر بأن "الليبيين لديهم الموارد و القدرات اللازمة لتجاوز خلافاتهم و استكمال الاتفاق السياسي الليبي الذي وقعوا عليه في 17 ديسمبر 2015 و الشروع في تنفيذه على أساس توافقي"ي مذكرا بالجهود التي بذلتها الجزائر منذ بداية الأزمة بغرض تقريب مواقف الفاعلين الليبيين و دعم الحل السياسي التوافقي و الذي يتطلب مقاربة شاملة للحوار و المصالحة. وأضاف وزير الشؤون الخارجية قائلا أن "الزيارات التي قمت بها إلى ليبيا في أبريل 2016 و أبريل و مايو 2017 في مختلف مناطق شرق و غرب و جنوب ليبيا خاصة البيضاء و الزنتان و بنغازي و مصراتة و غات و غدامس و طرابلس تندرج حصريا في إطار هذه الروح". وأكد في ذات السياق على ان الاتفاق السياسي الليبي يبقى الإطار الوحيد لتسوية هذه الأزمة و الليبيون دون سواهم مدعوون إلى إدراج أي تعديل من شأنه السماح بتجاوز الخلافات الراهنة مشددا على "ضرورة توحيد المؤسسات الوطنية" لا سيما من خلال تشكيل جيش وطني و مصالح أمنية و هيئات قوية و شرعية بغية تعزيز جهود استتباب الأمن و الاستقرار في ليبيا كضرورة لبناء دولة وطنية قوية ذات مصداقية تكون قادرة على التكفل بمهامها السيادية و تحقيق آمال و تطلعات الشعب الليبي". كما شدد الوزير على ضرورة استبعاد أي خيار عسكري في ليبيا "لأنه يؤدي لا محالة إلى التقسيم و الفوضى و يخدم مصالح قوى الشر المتمثلة في الجماعات الإجرامية و الإرهابية"ي مشيدا ب"النجاحات التي حققها الليبيون في مكافحتهم للإرهاب بكل من سرت و بنغازي و العديد من المدن الليبية الأخرى". و أشار من جهة أخرى إلى أنه واجب مرافقة و دعم الليبيين هو واجب الاتحاد الإفريقي بصفته منظمة قارية من خلال لجنتها رفيعة المستوى التي يترأسها رئيس جمهورية الكونغو دونيس ساسو نغيسو و ذلك لتجاوز هذه الأوقات العصيبة. و من جهتهي وحول الوضع السياسي و الأمني في ليبياي أكد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبيةي فائز السراج, خلال الإجتماع إن "استمرار التجاذبات السياسية والتصعيد غير المبرر وعدم قدرة الأطراف السياسية على التوصل إلى حل يرفع عن الشعب معاناته يستدعي الاحتكام للشعب ليقرر المسؤول عن إدارة الدولة خلال الفترة المقبلة". كما أن "حالة الانسداد" التي تلوح في الأفق - يضيف السيد السراج - "نتجت عن عدم قدرة مجلس النواب و مجلس الدولة على إيجاد تسوية سياسية بينهما لإقرار تعديلات في الاتفاق السياسي"ي مشيرا إلى أن المبادرة التي قدمها في شهر يوليو الماضي "تتيح الفرصة أمام الجميع للمساهمة في بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تؤكد مبدأ الفصل بين السلطات, والتداول السلمي على السلطة, وخضوع المؤسسة العسكرية للسلطة المدنية التنفيذية". جهود الجزائر و دول الجوار "ساهمت بالفعل في تقريب الفاعلين الليبيين" إلى ذلكي أعرب الممثل الخاص للأمين العام الأممي ورئيس بعثة المنظمة للدعم في ليبيا غسان سلامة عن تقديره للجهود "المتواصلة" التي تبذلها الجزائر لصالح تسوية الأزمة في ليبيا مضيفا أن "مثل هذه الجهود ساهمت بالفعل في تقريب الفاعلين الليبيين". ولتعزيز التنسيق الدولي من أجل مرافقة الحل السياسي في ليبياي ذكر الممثل الخاص للأمين العام للجامعة العربية إلى ليبيا صلاح الدين الجمالي أن المجموعة الرباعية المعنية بليبياي والتي تضم كلا من الجامعة العربية والأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبيي ستجتمع في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق من سبتمبر الجاري للوقوف على أفكار المبعوث الأممي غسان سلامة لحل الأزمةي والنظر في سبل تكثيف التنسيق القائم بين المنظمات الأربعة لمرافقة الأشقاء الليبيين في هذا الاتجاه في المرحلة المقبلة. و في ذات السياق دعت الجامعة العربية على لسان الجمالي إلى رعاية الحوار الناشئ بين اللجنتين المشكلتين من مجلسي النواب والدولة الليبييني والتفاهم حول الإطار الدستوري والقانوني المطلوب لإتمام الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية والتشريعية المقترح عقدها العام القادم. يشار إلى أن اللجنة الإفريقية رفيعة المستوى حول ليبياي يرأسها الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نغيسو وهي مكونة من رؤساء خمس دول أفريقية هي جنوب أفريقيا وإثيوبيا وموريتانيا والكونغو والنيجر.