وسط تزايد المخاوف من استمرار عمليات النزوح والعنف وانعدام الأمن الذي يخيم على وضع الروهينغا, تلك الاقلية المسلمة الميانمارية, تحاول العديد من الاوساط الدولية الرمي بثقلها لوقف المحنة الانسانية التي يتخبطون فيها مع تزايد الأدلة على وقوع عمليات "إبادة جماعية" ضدهم وبخاصة في ولاية "راخين غربي البلاد. و لازال هذا الوضع يثير مخاوف جلية لدى دول الجوار واوساط دولية اخرى أكدت كلها على أن استمرار محنة الروهينغا والعنف المسلط عليهم بغية اجلاءهم عن ديارهم قد يولد عدم استقرار اقليمي بالمنطقة. -التأزم يخيم على وضع "الروهينغا" في انتظار ما ستسفر عنه جهود الولاياتالمتحدة- ووسط الأزمة التي تشهدها ميانمار بسبب عمليات الجيش التي دفعت مئات الالاف من مسلمي أقلية الروهينغا للنزوح إلى بنغلاديش المجاورة وصل وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون اليوم الأربعاء إلى رانجون في زيارة تستغرق يوما واحدا, في محاولة لحلحلة الوضع خاصة وان السلطات الميانمارية لازالت تنفي أي عنف قد يكون مارسه جيشها ضد هؤلاء. وذكرت شبكة "إيه بي سي نيوز" الأمريكية أن مكتب زعيمة ميانمار أونغ سان سوتشي أكد أن تيلرسون سيلتقي بها خلال الزيارة التي تزامنت مع صدور تقرير جديد قال أن "هناك أدلة متزايدة على وقوع عمليات إبادة جماعية ضد مسلمي الروهينغا بالبلاد". ومن المتوقع تتركز محادثات وزير الخارجية الأمريكي مع المسؤولين في ميانمار حول الوضع في ولاية "راخين". كما من المقرر أن يلتقي تيلرسون بالقائد العسكري البارز مين أونغ هلينغ المسؤول عن العمليات في الولاية. وبحسب ارقام الاممالمتحدة فقد بلغ عدد الروهينغا الفارين من بطش الجيش رقما هائلا تعدى ال 600 ألف نازح ناهيك عن رحلة العذاب والموت التي يؤدونها في مسالك وأنهار دروبهم . وخلال مشاركته بقمة دول شرق أسيا المنعقدة بالعاصمة الفلبينية مانيلا, قال الرئيس الأمريكي دونال , حسبما ذكرت شبكة "إيه بي سي" نيوز الأمريكية امس الثلاثاء أن "الولاياتالمتحدة تدعم جهود ضمان المحاسبة على الفظائع التي تم ارتكابها, وتسهيل العودة الامنة والطواعية للاجئين الروهينغا" . وكان مجلس الامن الدولي اصدر بالاجماع الاسبوع الماضي أول بيان رئاسي بشأن ميانمار منذ 10 سنوات, طالب فيه سلطات هذا البلد بضمان عدم استخدام القوة العسكرية ضد "الروهينغا", ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان, واتخاذ إجراءات عاجلة لعودة اللاجئين إلى مناطقهم. ومنذ 25 أغسطس الماضي, يرتكب جيش ميانمار مع مليشيات بوذية "مجازر وحشية" بحق أقلية "الروهينغا" المسلمة في ولاية راخين - أراكان غرب البلاد , أسفرت عن مقتل الآلاف منهم, بحسب تقارير محلية ودولية متطابقة, فضلا عن لجوء قرابة 820 ألفا إلى بنغلاديش, وفق منظمة الهجرة الدولية. بيان مجلس الامن الدولي قال عنه نائب المندوب البريطاني لدى الأممالمتحدة, جوناثان ألين انه يشدد ايضا على ضرورة الوصول الإنساني الفوري للروهينغا كما يطالب السلطات الميانمارية بضرورة التعاون مع الأممالمتحدة, واتخاذ إجراءات عاجلة لعودة لاجئين "الروهينغا" إلى ديارهم في راخين. وتعتبر حكومة ميانمار المسلمين الروهينغيا "مهاجرين غير شرعيين" من بنغلاديش, فيما تصنفهم الأممالمتحدة ب"الأقلية الأكثر اضطهادا في العالم" في وقتنا الحالي. يجدر الذكر الى ان زعيمة ميانمار قامت مؤخرا بأول زيارة لها إلى غرب البلاد حيث زارت قرى مدمرة في منطقتي مونغداو وبوتيدونغ والتقت عددا كبيرا من مجموعات تسكن هناك الا أنه في ختام الزيارة لم تدل المسؤولة الحائزة على جائزة نوبل للسلام بأي تصريح يذكر. وقد تعرضت سو تشي لانتقادات دولية بسبب ما وصف بلامبالاتها حيال "الروهينغا". -استمرار أزمة الروهينغا قد تولد اللااستقرار الأمني في المنطقة- فقد اصدرت العديد من دول جوار ميانمار مخاوف مصحوبة بتحذيرات من ان استمرار الوضع بهذا البلد فيما يخص وضع الروهينغا قد يولد وضعا أمنيا سيئا بالمنطقة ودعت الى ضرورة حل هذه الازمة. ودعا الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو, امس الثلاثاء, الدول الأعضاء في رابطة جنوب شرق اسيا "سيان" إلى حل مشكلة إقليم أراكان في ميانمار ووضع حد للعنف الذي يستهدف المسلمين هناك. وقال ويدودو, في كلمته خلال القمة ال 31 لدول سيان, المنعقدة في عاصمة الفلبين, أنه على دول الاسيان المساعدة في حل الأزمة الأمنية ووقف أعمال العنف والاضطهاد الممارسان ضد المسلمين في ميانمار وأكد على أن استمرار أزمة أراكان لفترة أطول سيولد أثارا سلبية كبيرة على الاستقرار الإقليمي والأمن في المنطقة, فضلا عن انتشار الأفكار المتطرفة وتزايد الاتجار بالبشر. وأعرب ويدودو عن شعوره بالقلق إزاء الأزمة الإنسانية في المنطقة, مشددا أن بلاده لن تبقى صامتة إزاء الوضع في أراكان داعيا الى ضرورة السماح لمركز تنسيق المساعدة الإنسانية التابع للاسيان بالدخول إلى أراكان لتقديم المساعدة إلى المدنيين. وكانت إندونيسيا قدمت لحكومة ميانمار شهر سبتمبر الماضي, مقترحا للحل يتضمن 4 + 1 بندا, ويهدف للحفاظ على السلام والاستقرار في أراكان وتوفير المساعدة الإنسانية للمدنيين في الإقليم. وخلال نفس القمة أعرب أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة من جانبه عن قلقه إزاء "المحنة المأساوية" التي يمر بها مسلمو الروهينغا واكد في كلمته امس ان "الأزمة الإنسانية التي تتكثف يمكن أن تسبب عدم الاستقرار الإقليمي والتطرف". ولم يخفي غوتيريس "قلقه العميق" إزاء نزوح مئات الألاف من اللاجئين من ميانمار إلى بنغلاديش وشدد على حق هؤلاء في "العودة الامنة والطوعية والكريمة لمن فروا من الصراع". ومرة أخرى وعلى الرغم من الضغوط الدولية التي تطالبها ببذل الجهود من أجل حل الأزمة الراهنة فقد تجنبت زعيمة ميانمار التطرق خلال الكلمة التي ألقتها على هامش انعقاد القمة (31) لرابطة دول جنوب شرق اسيا (سيان) الى ازمة الروهينغا. يذكر أن سوتشي حصلت على جائزة نوبل للسلام العام 1991 بسبب الجهود التي بذلتها في "مكافحة ممارسات النظام العسكري القاسية في ميانمار", بينما تواجه حكومتها اتهامات الان ب"دعم أعمال العنف التي ترتكب بحق أقلية الروهينغا المسلمة". ومن طوكيو أعلن أمس أن وزير الخارجية الياباني تارو كونو يعتزم زيارة عاصمة بنغلاديش ,داكا, السبت القادم لبحث سبل مساعدة اللاجئين من الروهينغا . وذكرت هيئة الاذاعة اليابانية أن زيارة كونو, التي من المقرر أن تستغرق 3 أيام , تأتي في اطار المساعي الرامية الى تخفيف حدة مأساة أفراد الروهينغا في بنغلاديش, حيث من المنتظر أن يلتقي وزير الخارجية الياباني خلالها مع كبار المسئولين في حكومة هذا البلد. في غضون ذلك أعلنت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لقضايا العنف الجنسي في النزاعات براميلا باتن اعتزامها إخطار المحكمة الجنائية الدولية بحوادث "الإعتداء الجنسي التي إرتكبها جيش ميانمار بحق أقلية الروهينغا". واتهمت باتن - حسبما ذكر راديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) اليوم - جيش ميانمار بممارسة هذه الاعتداءت الجنسية بحق الروهينغا ك"وسيلة من وسائل الارهاب التي ترتكب بحقهم". ودعت بالمناسبة إلى ضرورة توفير عشرة ملايين دولار على الفور لتقديم الخدمات للناجين من أعمال العنف . للاشارة قامت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لقضايا العنف الجنسي في النزاعات بزيارة استمرت ثلاثة أيام لمنطقة "كوكس بازار" في بنغلاديش الواقعة قرب الحدود مع ميانمار , حيث قامت بمقابلة نساء وفتيات من بين الاف من الروهينغا المسلمين هناك .