تسببت التغيرات المناخية الحاصلة عبر العالم في الإخلال بميزان عيش عديد الكائنات الحية و أثرت سلبيا على تنوع الكائنات الحية من الجانب البيولوجي على غرار الحيوانات و الطيور و ما تعلق بطرق تكاثرها و هجرتها و حتى تحصيلها لغذائها. فطائر النحام الوردي النادر الذي تعد المناطق الرطبة كالبحيرات والمستنقعات مثلا بيئة مناسبة و مثالية لعيشه و تكاثرهي ظل خلال السنوات الأخيرة في رحلة بحث شاقة عن المناطق الرطبة التي جفت أغلبها و تناقصت كميات المياه بها بفعل عامل نقص تساقط المطر. فولاية أم البواقي بشرق البلاد و على غرار مختلف مناطق ولايات الوطن التي تتوفر على موارد طبيعية مختلفة من بينها11 منطقة رطبة 8 منها مصنفة ضمن اتفاقية رامسار الدولية و التي تم التوقيع عليها في 2 فبراير من سنة 1971 حيث تنص على الحماية و الاستغلال العقلاني للمناطق الرطبة و مواردها. و تصل مساحة المناطق الرطبة بأم البواقي في مجملها إلى حوالي 160 ألف هكتار و هو ما أهلها لأن تحتل المرتبة الأولى على مستوى الوطني من حيث مساحة المناطق الرطبة المصنفة ضمن اتفاقية رامسار , حسب ما أفاد به المدير المحلي للبيئة , شوقي قليل. و أضاف ذات المسؤول ل/وأج/ بشأن ميزة ولاية أم البواقي من جانبها الطبيعي و مؤهلاتها من حيث توفرها على مساحة هامة من المناطق الرطبة التي تستقطب سنويا آلاف الطيور المهاجرة على غرار طائر البط ذو اللون الرخامي و الواق العظيم و اللقلق الأبيض بالإضافة إلى الطائر المتميز برقصته المعروفة باسم "رقصة الزفاف" و هو طائر النحام الوردي و الذي يختار بولاية أم البواقي شط "تنسيلت" الذي يتربع على 2154 هكتارا و سبخة "الزمول" على مساحة 7 آلاف هكتار و مناطق أخرى للإقامة بها طيلة فصل الشتاء ليهاجر بعدها نحو أوروبا بقية المواسم. و تبيض طيور النحام الوردي بهذه المناطق الرطبة التي تستقطب أعدادا هائلة منها و تمضي بها أشهرا عدة بداية من فصل الشتاء من كل سنة لتهاجر بعدها نحو الشمال و تحديدا إلى القارة الأوروبية لتعود مرة أخرى إلى ولاية أم البواقي. إلا أن التغيرات المناخية التي أثرت على تساقط الأمطار و تغير درجات الحرارة الفصلية و غيرها من العوامل أدت إلى هجرة طائر النحام الوردي من ولاية أم البواقي التي أنقص الجفاف من حجم مياه مناطقها الرطبة الأمر الذي حال , وفقا للسيد قليل, إلى تناقص أعداده بشكل كبير خاصة خلال الموسم الحالي و الموسمين الفائتين علما أن هذا الطائر يحتاج إلى وسط طبيعي يتميز بوفرة المياه و الرطوبة حتى يتمكن من التكاثر و الغذاء. - المناطق الرطبة بأم البواقي بيئة مثلى لطائر النحام الوردي - يهاجر طائر النحام الوردي إلى المناطق الرطبة لولاية أم البواقي لما لها من خاصية و مميزات بيئية تتأقلم و طبيعة عيش هذا النوع من الطيور, وفقا لما أفاد به من جهته ل/وأج/ الباحث بقسم علوم الطبيعة و الحياة بجامعة العربي بن مهيدي بأم البواقي, عبد الله ولجاوي, صاحب رسالة دكتوراه بعنوان "المشاركة في دراسة بيئة طائر النحام الوردي في المناطق الرطبة بالسهول العالية بشرق الجزائر" التي تعرض فيها بشكل عام إلى طبيعة هذا الطائر و خصائصه. و أكد ذات الباحث في حديثه عن طائر النحام الوردي أن أعداده خلال السنوات الثلاث الأخيرة قد تناقصت بالمناطق الرطبة لولاية أم البواقي بسبب عامل جفاف البحيرات و الشطوط و المستنقعات وفقا للملاحظات و النتائج العلمية التي يخرج بها هذا الجامعي رفقة طلبة قسم البيولوجيا الذين يجرون بحوثا و دراسات حول هذه المناطق و الكائنات التي تعيش بها بحكم ما في هذه البيئة من خصائص بيولوجية ملائمة خاصة بالنسبة للطيور المهاجرة. واستطرد هذا المختص في وصف البيئة التي يستطيع طائر النحام الوردي العيش فيها و التي تتوفر عليها المناطق الرطبة لولاية أم البواقي على غرار أنها مناطق رطبة مالحة تنمو فيها العوالق الحيوانية المائية و القشريات و كذلك شساعة مساحة هذه المناطق بالإضافة إلى كونها مناطق رطبة غير عميقة و أعطى مثالا بمنطقة "تيمرقانين" بالجهة الجنوبية للولاية, مؤكدا أن كل هذه المميزات تعتبر بيئة محببة لطائر النحام الوردي و التي يضاف إليها ûكما قال- أنها هادئة و بعيدة عن المناطق الآهلة بالسكان و هو دافع آخر ûكما قال- لهجرة هذا الطائر إليها. - المناطق الرطبة مؤهلة لأن تكون أماكن جذب سياحي بامتياز - من جانب آخر يستلزم النهوض بالسياحة في أي مكان توفر فيه مجموعة من المعطيات و المؤهلات خاصة منها الطبيعية التي تستهوي الأفرادي وهو الحال بالنسبة لولاية أم البواقي التي تتوفر على هذه الثروة الهامة من المناطق الرطبة و من هذا المنظور تتطلع السلطات المحلية إلى الرقي بالاستثمار السياحي من خلال دعم كل أنواع الاستثمار في هذا المجال عبر تشجيع المستثمرين, كما أدلى به محافظ الغابات بذات الولاية رغيوة عثمان, الذي أبان بدوره رغبة محافظة الغابات بالتنسيق مع مديرية السياحة و الصناعة التقليدية وغيرها من الأطراف الفاعلة في النهوض بقطاع السياحة و ذلك بتشجيع من يريدون الاستثمار في هذا النشاط. و هو ما يتطلع إليه مواطنو الولاية الذين أبدى بعضهم رغبة في زيارة المناطق الرطبة رفقة عائلاتهم و أبنائهم و التعرف عن قرب على أنواع الطيور المهاجرة و التمتع بالمناظر الطبيعية التي ترسمها المستنقعات و أسراب طيور اللقلق و النحام الوردي. و من بين هؤلاء رؤوف.م (30 سنة) معلم لغة فرنسية بإحدى المدارس الابتدائية بمدينة عين البيضاء الذي تحدث بشوق عن رغبته في السياحة الإيكولوجية و حدد وجهته برغبته في زيارة منطقتي "تيمرقانين" و "قرعة الطارف" الرطبتين بولاية أم البواقي و التمتع برؤية طائر النحام الوردي الذي وصف شكله بأنه مبهر و بأن ألوانه وردية زاهية كما تحدث عن "رقصة الزفاف" التي تميز هذا الطائر و التي قال أنه لم يرها إلا في الأشرطة الوثائقية التي تبثها القنوات التلفزيونية و بأن سروره سيكون أكبر إن رآها ن قرب. و اقترح هذا المواطن أن تفتح السلطات باب الاستثمار وتشجعه لإنشاء منتجعات سياحية و أماكن تكون متنفسا للعائلات و الأطفال و تبرمج إليها رحلات سياحية منظمة فضلا على تهيئتها لتكون بيئة خصبة لإجراء البحوث العلمية و الدراسات البيولوجية. يذكر أن ولاية أم البواقي تحتل المرتبة الأولى وطنيا من حيث مساحة المناطق الرطبة المصنفة ضمن اتفاقية رامسار و الثانية من حيث عدد هذه المناطق حيث تم تصنيف 8 مناطق ضمن ذات الاتفاقية و ثلاث مناطق أخرى في طور التصنيف , حسب ما ذكره المدير المحلي للبيئة, الذي أشار إلى أن من بين أهم المناطق الرطبة بولاية أم البواقي قرعة الطارف و عقلة الطويلة وشط تيمرقانين و شط تنسيلت و سبخة الزمول.