يترقب المجتمع الدولي, يوم الثلاثاء, اعلان موقف الادارة الامريكية, بشأن الانسحاب أو الاستمرار في الاتفاق النووي مع إيران, وسط تحذير ايراني من قرار الانسحاب من هذا الاتفاق, ودعم دول وقوى عالمية له, وتوسيع نطاقه ليشمل الصواريخ الباليستية. وفي هذه الأثناء, أعلن الرئيس الامريكي دونالد ترامب , في تغريدة على موقع /تويتر/, إنه سيتخذ في وقت لاحق اليوم , قرارا حول الانسحاب أو الاستمرار في الاتفاق النووي مع إيران, بعد أن كان مقررا يوم 12 مايو الجاري, واصفا اياه بأنه "الأسوأ على الإطلاق", وهدد بالانسحاب منه, مطالبا حلفائه الأوروبيين "بإصلاح النقائص" في هذا الاتفاق وإلا فإنه سيعيد فرض عقوبات على طهران. وردا على قرار تهديد واشنطن بهذا الانسحاب, أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني, في تصريحات شديدة اللهجة, أول أمس ان "بلاده قد أعدت خططا لمواجهة اي قرار من جانب الولاياتالمتحدةالامريكية بإنهاء الاتفاق النووي مع طهران", معلنا في الوقت ذاته, ان بلاده ستبقى"ملتزمة بالاتفاق النووي حتى اذا قررت الولاياتالمتحدة الانسحاب منه". وقال في هذا الصدد, "اذا حصلنا على ما ننتظره من الاتفاق بدون الولاياتالمتحدة, سيكون هذا أفضل", مضيفا "اذا لم نحصل على ذلك, سنتخذ قرارنا الخاص", حسب ما اوردته وسائل الاعلام في إيران. من جهته, أكد المتحدث باسم الخارجية الايرانية , بهرام قاسمي, بان "رد ايران على انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق سيكون مؤلما جدا" , وذلك في استعراضه لأحدث التطورات على صعيد السياسة الخارجية. و قال قاسمي, خلال مؤتمره الصحفي الاسبوعي أمس, "انه من السابق لأوانه التحدث عن طبيعة القرار الذي ستتخذه الولاياتالمتحدة بشان الاتفاق النووي" معتبرا أن "الاتفاق النووي هو توافق دولي متعدد الاطراف وان الانسحاب منه ليس بالأمر السهل". واضاف المسؤول الايراني, ان "رد ايران غير قابل للتصور بالنسبة للولايات المتحدة, وسيكون مؤلما جدا, بما يؤدي الى ندم الولاياتالمتحدة وان جميع الارضيات اللازمة قد تم إعدادها مسبقا", موضحا انه على الولاياتالمتحدة ان تنتظر "الثمن الباهض الذي ستدفعه في حال انسحابها من الاتفاق النووي". وأكد ان "الاتفاق النووي يمكنه ان يشكل نقطة جديدة تعرض صورة اوضح عن صورة الولاياتالمتحدة الحقيقية, الا وهي انه ليس بإمكان اي دولة الوصول الى تفاهم في اطار اي معاهدة معها, لقد شهدنا عراقيل الولاياتالمتحدة ونكثها للعهود وسنتخذ قرارنا بناء على اجراءاتها". وفي رد فعلها على قرار الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي الايراني, أكدت وزارة الخارجية الروسية أول أمس أن "الانهاء من جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية المحتمل لخطة العمل الشاملة المشتركة للبرنامج النووي الإيراني من جانب واحد, يشكل تهديدا على الإطار القانوني الدولي". في هذا الاطار, قالت ماريا زاخاروفا, المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية, ان "الإعلان من جانب واحد بأن هذه الاتفاقية يمكن حلها بالشكل الذي نسمعه من الأمريكيين, هو تهديد في المقام الأول للأسس القانونية الدولية للعالم الحديث, ولن يضيف هذا أي قيمة للسلام والأمن الدوليين", مضيفة أن الاتفاق المبرم بشأن الملف النووي الإيراني "ليس مجرد صفقة بين الدول, وإنما هو الاتفاق الذي وافق عليه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة, وبالتالي أصبح ملزما لإتمام الوثيقة". وفي اطار الجهود الهادفة لإقناع الرئيس الامريكي للعدول عن توجهه نحو الانسحاب من الملف النووي الايراني, سعت كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا التي هي ضمن مجموعة الدول الست (الولاياتالمتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين وألمانيا), التي وقعت على الاتفاق النووي في فيينا, (النمسا), عام 2015 , الى الحفاظ على هذا الاتفاق واقناع الادارة الامريكية على العدول على الانسحاب منه. وفي هذا السياق, حثت بريطانيا على لسان وزير خارجيتها بوريس جونسون, خلال زيارته الى واشنطن, الولاياتالمتحدة على عدم الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني, وقال جونسون, "إذا انسحب ترامب من الاتفاق النووي, سيتعين عليه أن يجيب عن سؤال هام: ماذا بعد .. هل نقول جديا إننا سنقصف المنشآت النووية لإيران, هل هذا حقا احتمال واقعي؟". وأضاف "لا يبدو لي في الوقت الراهن أن هناك حلا عسكريا قابلا للتطبيق", ومع ذلك, أقر جونسون, بوجود "ثغرات" في الاتفاق النووي, لكنه أشار إلى أن "المجتمع الدولي لا يملك الآن بديلا أفضل". ومن جهتها, أكدت كل من ألمانيا وفرنسا عزمهما التمسك بالاتفاق النووي الموقع مع إيران بغض النظر عن قرار الإدارة الأمريكية, خلال المؤتمر الصحفي المشترك بين هايكو ماس وزير الخارجية الألماني ونظيره الفرنسي جون إيف لودريان في برلين امس الإثنين, محذران الرئيس الأمريكي من الانسحاب منه وشددا على أنهما لا يريان "بديلا حقيقيا لآليات الرقابة وقيود البرنامج النووي الإيراني", معربين عن تخوفهما من "حدوث تصعيد حال إخفاق الاتفاق النووي, والعودة إلى فترة ما قبل عام 2013". من جهة أخرى, كشف وزير الخارجية الألماني عن "العمل على مقترحات وجيهة داخل الاتحاد الأوروبي من أجل الشريك الأمريكي", دون أن يفصح عن طبيعتها أو فيما تم عرضها على الأطراف المعنية, حسب تقارير اعلامية . وترى ذات المصادر, أن هذه المقترحات التي يجري العمل عليها, تأتي في سياق الاستجابة لتهديدات الرئيس الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي يعتبره "أسوأ صفقة عقدتها الولاياتالمتحدة", في حال لم يقدم الأوروبيون مقترحات تعالج ما وصفها "بالثغرات الرهيبة" التي تعتريه. وكانت إيران قد ردت بالرفض على تصريحات أوروبية متعلقة بإمكانية توسيع نطاق هذا الاتفاق النووي, واعتبرته "غير قابلة للتفاوض مطلقا". ووقعت إيران والقوى الدولية الست (الولاياتالمتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين وألمانيا) على الاتفاق النووي في فيينا (النمسا) 2015, وبموجبه تعهدت إيران بعدم السعي لإنتاج أو تطوير أي أسلحة نووية, في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الغربية التي كانت مفروضة عليها بسبب الشكوك في برنامجها النووي, والتي تم رفع معظمها في يناير من العام 2016.