يشهد إقليم كتالونيا باسبانيا، حالة توتر في الذكرى السنوية الأولى للاستفتاء الذي شهدته المقاطعة للانفصال عن الحكومة المركزية في مدريد في ظل تمسك المؤيدين للاستقلال بمشروعهم، بينما مازالت مدريد عاجزة عن إنهاء هذه الأزمة رغم الليونة التي أبدتها اتجاه الاستقلاليين مقارنة مع الحكومة السابقة. و ذكرت التقارير الإعلامية أن شوارع العاصمة الكتالونية برشلونية، تعيش منذ يوم الأحد على وقع اشتباكات بين أنصار الاستقلال الذين لازال هذا الحلم يداعبهم و معارضين لهذا المشروع الذي تصفه مدريد بأنه "غير قانوني". و قالت التقارير ذاتها أن آلاف الانفصاليين الكتالونيين قطعوا اليوم مسار قطار سريع و شوارع في برشلونة في الذكرى الأولى لاستفتاء تقرير المصير الذي منعته مدريد وأدى إلى أعمال عنف و اعتقال عدد من زعماء كتالونيا من دعاة الانفصال. و أعلنت شركة السكك الحديد (رينفي) قطع مسار القطار السريع في جيرونا الواقعة على بعد مئة كلم شمال شرق برشلونة بينما بثت محطات التلفزة مشاهد لنشطاء في مجموعة "لجان الدفاع عن الجمهورية" التي تطالب بالانفصال عن مدريد ينتشرون فوق مسار القطار ويقطعون طرقات. وعلى الرغم من الإرادة التي عبرت عنها الحكومة الاشتراكية الجديدة أكثر من مرة من اجل الحوار حول هذا الملف فإن تصريحات المسؤولين بجهة كتالونيا كانت تعكس دائما إصرارا على مواصلة السير في الاتجاه الذي يفضي إلى تحقيق مشروعهم الانفصالي. وكان رئيس الحكومة الكتالونية طالب مؤخرا بمناسبة الاحتفالات بعيد ( لا ديادا ) في كتالوونيا مدريد بتنظيم " استفتاء لتقرير المصير " مشددا على أنه إذا استمرت في الرفض فإنه "لن يتوانى عن استغلال أية وسيلة لقيادة جهة كتالونيا نحو الاستقلال" . وكبادرة منها لتحقيق انفراج في القضية، اقترح رئيس الحكومة الاسبانية، بيدرو سانشير، مؤخرا تنظيم استفتاء في كتالونيا حول نظام جديد للحكم الذاتي لهذه الجهة "وليس على تقرير المصير" الا ان هذا الاقتراح قوبل ببرودة كبيرة من طرف دعاة الانفصال بالإقليم. وكان سانشيز قد أكد في تصريحات لراديو "كادينا سير" أن الأمر يتعلق ب "مقترح تنظيم استفتاء حول نظام جديد للحكم الذاتي بالمنطقة وليس لتقرير المصير"، مشددا على أن الهدف من هذه الاستشارة المحتملة "يتمثل في دعم وتعزيز الحكم الذاتي بجهة كتالونيا". و في نفس السياق كان سانشيز قد ذكر خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو بأن نموذج مقاطعة كيبيك الكندية يؤشر على أنه "من الممكن إيجاد حل سياسي لقضية سياسية" وذلك في تلميح منه لأزمة كتالونيا قبل أن يضيف أنه "يجب على كل دولة أن تجد الطريق" الذي يؤدي نحو الحل. ويرى الملاحظون للمشهد السياسي في اسبانيا، أن حل الأزمة مرهون بتخلي دعاة الاستقلال في كتالونيا عن تشددهم في موقفهم، سيما في ظل إستراتيجية الحوار والليونة التي اتخذتها الحكومة الاشتراكية الجديدة في مدريد إزاء هذه المسألة، خلافا لما انتهجته الحكومة السابقة من مواقف حازمة ضد استقلال الإقليم.