شوارع برشلونة تهتز فرحا بالإستقلال في خطوة تصعيدية غير مفاجئة، أعلن برلمان كتالونيا، أمس الجمعة، استقلال الإقليم عن إسبانيا، ليصبح “دولة مستقلة تأخذ شكل جمهورية” بحضور رئيسه كارلس بيغديمونت وغياب المعارضة. مباشرة بعد الإعلان عن الخبر القاتل بالنسبة لمدريد والتاريخي بالنسبة للكاتالونيين خرج عشرات الآلاف من أنصار الانفصال في برشلونة للاحتفال مرددين النشيد الكاتالوني، في المقابل، أقر مجلس الشيوخ الإسباني تفعيل المادة 155 من الدستور لتعليق الحكم الذاتي بإقليم كتالونيا وتولي الحكومة الإسبانية إدارة الإقليم مباشرة. في لحظات تاريخية، اعتمد نواب البرلمان الكتالوني قرارا أعلنوا من خلاله استقلال الإقليم ليصبح “دولة مستقلة تأخذ شكل جمهورية”، قبل أداء النشيد الانفصالي، بحضور كارلس بيغديمونت وغياب المعارضة التي كانت غادرت الجلسة. وجاء في مقدمة القرار الذي أيده سبعون نائبا من أصل 150 إثر اقتراع سري، “نحن نشكل الجمهورية الكتالونية بوصفها دولة مستقلة وسيدة، (دولة) قانون، ديمقراطية واجتماعية”. ويطلب القرار الذي تبناه البرلمان، في حيثياته من حكومة كاتالونيا التفاوض حول الاعتراف بها في الخارج فيما لم تعلن أي دولة دعمها للانفصاليين. وكانت سلطات إقليم كتالونيا أجرت في الأول من أكتوبر الجاري استفتاء للانفصال عن إسبانيا، وأيد 90% من المشاركين الانفصال، في حين رفضته الحكومة الإسبانية ووصفته بغير الدستوري. احتفالات هنا وصدمة هناك خرج الآلاف من مؤيدي انفصال كتالونيا قرب مقر برلمان الإقليم في برشلونة للتعبير عن فرحتهم بالإعلان عن الاستقلال عن إسبانيا، وتابع المتظاهرون أمام مقر البرلمان المحلي مجريات جلسة التصويت عبر شاشتين عملاقتين قبل أن يرددوا شعارات تشيد بالانفصال ثم غنوا نشيد الإقليم. ويذكر أن إعلان استقلال لا يلبي رغبة عدد كبير من سكان كتالونيا، إذ أفادت الاستطلاعات أن نصفهم على الأقل يريدون البقاء ضمن المملكة الإسبانية، وفي آخر انتخابات إقليمية في 2015 حصد الانفصاليون 47,8٪ من الأصوات. مدريد تفرض الحكم المباشر في المقابل، أقر مجلس الشيوخ الإسباني بالإجماع تفعيل المادة 155 من دستور البلاد والتي تعلق الحكم الذاتي في إقليم كتالونيا وتتيح حكم مدريد المباشر للإقليم. ودعا رئيس وزراء إسبانيا ماريانو راخوي الإسبان إلى الهدوء في تغريدة على تويتر نشرت بعد دقائق من إعلان الانفصال، وكتب راخوي أن حكم القانون سيعود إلى إقليم كتالونيا. الغرب لا يعترف من جهة أخرى أعلنت كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وألمانيا، أمس الجمعة، رفضهما الاعتراف بكتالونيا كإقليم مستقل عن إسبانيا وذلك عقب تصويت البرلمان الكتالاني على استقلاله عن إسبانيا. وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية أن كتالونيا تبقى جزءا لا يتجزأ من إسبانيا معربة عن دعمها للإجراءات التي اتخذتها مدريد في الحفاظ على وحدة البلاد. من جهتها أعلنت فرنسا على لسان الرئيس الرئيس ماكرون دعمها الكامل لحكومة إسبانيا قائلا إن هناك دولة قوانين ودستور يجب أن يحترم. سيناريوهات كلها كارثية قال مراقبون سياسيون إن التصويت السري على انفصال إقليم كتالونيا جاء لتفادي المتابعة القانونية من لدن سلطات مدريد، وأضافوا أن ما حصل يفتح الباب أمام سيناريوهات كلها كارثية، إذ يتساءل الجميع عن الطريقة التي ستتعامل بها الحكومة الإسبانية مع قرار الانفصال والانفصاليين. و قالوا إن الادعاء العام الإسباني سيصدر مذكرات اعتقال بحق أعضاء حكومة كتالونيا وأعضاء برلمان الإقليم بتهمة التمرد، وهي تهمة قد تصل عقوبتها إلى السجن ثلاثين سنة. كما أشاروا إلى أن هناك تساؤلات في كتالونيا عما إذا كانت قوات الشرطة الإسبانية ستتوجه إلى مقرات الحكومة الكتالونية لإخراج أعضائها وتعيين مسؤولين آخرين من داخل الإقليم أو خارجه. الوضع في كتالونيا دخل المنعطف الصعب، والخروج من الأزمة بات صعبا، والقادم من الأيام قد يحمل تطورات أخطر، لهذا نعتقد بأن وسيطا خارجيا قد يكون ضروريا للخروج من هذا المأزق.