لا تزال مستودعات ومراكز التعذيب والإستنطاق التي إشتهرت إبان الحقبة الإستعمارية بفظاعتها ووحشية ممارساتها وانتهاك المحتل الفرنسي بين أسوارها المظلمة لأدمية الإنسان الجزائري, شاهدة على ذلك إلى اليوم عبر ما يزيد عن 20 بلدية من إقليم ولاية بومرداس. وتجاوز عدد مراكز وبنايات التعذيب المنتشرة بها -حسبما كشفت عنه ل/وأج مديرة المجاهدين, بوطرفة حبيبة- أل40 حيث يعود تاريخ إنشاء غالبيتها إلى الفترة الممتدة ما بين 1955 و 1962 ويضاف إليها عدد غير محصي من المراكز والمعتقلات التي أنجزت قبيل إندلاع الثورة التحريرية. وكانت تمارس جميع أنواع التعذيب على المعتقلين من الجزائريين بشهادة عدد من الناجين من الموت على مستواه على غرار المجاهدين قوري امحمد و زموري محمد و كصراوي لخضر بن رمضان و حفيظ السعيد. ومن أفظع نماذج وأساليب التعذيب التي كان يمارسها المحتل بهذا المركز حشر المعتقلين في حجرة أو زنزانة لا يتعد ارتفاعها المتر الواحد وعرضها وطولها متر ونصف وبها فتحة بسعة حوالي 40 سم يدفع من خلالها المعتقلين إلي داخلها ثم يغلق عليهم. ويعد هذا النوع من العذاب النفسي كمرحلة أولى ثم تليها أنواع أخرى كالحرق بالنار (الشاليمو) ووضع الصابون والماء والكهرباء والخصي ويدوم ذلك احيانا لأشهر متعددة وهناك من يستشهد تحت التعذيب, حسب نفس الشهادات. -- نماذج أخرى لمعتقلات لا تقل ممارساتها بشاعة ووحشية -- ولا يقل معتقل التعذيب "حوش البوشي" شمال بلدية الخروبة هو الأخر وحشية ولا إنسانية حيث يعود تاريخ إنشائه إلى سنة 1957 إبان إشتداد وطيس الثورة التحريرية وتصل سعة إستيعابه إلى زهاء 400 معتقل و كان مختصا في إعتقال المجاهدين و المناضلين السياسيين بما فيهم النساء حيث كانت تمارس ضدهم جميع أنواع التعذيب من كهرباء وماء صابون والزجاجات. وتحصي في هذا الإطار ولاية بومرداس أيضا معتقلات أخرى على غرار "أورياشة" الذي يقع بجنوب شرق بلدية الناصرية (شرقا) الذي أنشأ سنة 1956 و يتسع ل 50 معتقل و "باصطوص" المتواجد بشمال بلدية برج منايل (شرقا) الذي أنشأ سنة 1955 و سعته غير محددة و كان مختصا في إستنطاق المعتقلين و مركز التعذيب "كورطيس" الذي يعود تاريخ إنشائه إلى سنة 1956 و تتراوح سعته ما بين 600 و 700 معتقل و كان مختصا في إعتقال جميع فئات و طبقات المجتمع. ويضاف إلى ذلك مركز التعذيب "حوش الرول" ببلدية تيجلابين (شرقا) الذي أنشأ سنة 1956 و سعة إستيعابه تصل إلى 50 معتقل و مراكز التعذيب "سطورة" ببلدية الخروبة الذي أنشأ سنة 1955 و يتسع إلى 70 معتقل و مركز "قالوطة" ببلدية دلس الذي أنشأ سنة 1956 و يسع إلى 60 معتقل و هي مراكز لا تزال شاهدة على وحشية الاستعمار و بسالة صانعي الثورة التحريرية.