أبرز مجلس المحاسبة في تقريره التقييمي السنوي حول تنفيذ الميزانية لسنة 2016 تم نشره في العدد الاخير من الجريدة الرسمية, العديد من الاختلالات تتعلق اساسا بتسيير نفقات الميزانية. وعلى ضوء نتائج تنفيد قانون المالية لسنة 2016, سجل المجلس تخفيض الانفاق بنسبة 29ر12 بالمائة بالإضافة الى انتعاش طفيف لإيرادات الميزانية (13ر10 بالمئة اي 34ر462 مليار دج) رغم ذلك كان بمستوى اقل من النسبة المحققة في 2015 (30ر16 بالمئة). إلا ان هذا الامر قد ساهم في خفض عجز الميزانية الى 36ر517. 1 مليار دج بما في ذلك النفقات غير المتوقعة أي بنسبة 12ر53 بالمئة مقارنة بتوقعات 2016 و 96ر46- بالنظر الى انجازات السنة المالية السابقة. و مع ذلك فان عجز الميزانية لازال مبالغا فيه نظرا لتقييد في ميزانية الدولة لما يسمى بالنفقات "غير المتوقعة" و التي لا تتوفر بشأنها معلومات كافية ولا تسمح بإرساء قواعد الشفافية والتسيير السليم للميزانية. كما لوحظ ايضا, وبالإضافة الى تعبئة اعتمادات التجهيز على وجه الخصوص,عدم الامتثال لقواعد منح و استعمال الاعتمادات اللازمة التي من المفروض ان تستجيب لحاجيات حقيقية. و حسب المجلس , تم انفاق الميزانية في حدود مبلغ 49ر543 . 6 مليار دج منه 91ر326 .4 مليار دج لنفقات التسيير ( 13ر66 بالمئة من حيث البنية) و 26ر031 .2 مليار دج لنفقات التجهيز (04ر31 بالمئة) و 32ر185 مليار دج للنفقات غير المتوقعة (83ر2 بالمئة). و تميز التسيير قيد الدراسة بتدابير تسقيف بعص النفقات بصرف النظر عن نفقات المستخدمين مع تجميد عمليات تجهيز في سياق البحث عن صرامة و اقتصاد و ترشيد تسيير نفقات الميزانية . ولاحظ المجلس ان تطبيق هذه التدابير التي لم تراع مبادئ الترخيص و التقدير تم بطريقة غير تقليدية نتج عنها ارتفاع المبالغ غير المسددة (زيادة في الديون) في سياق يتسم بعدم دقة التوقعات بوجود ارصدة معتبرة ,423ر480 مليار دج عن نفقات التسيير و 417ر955 .3 مليار دج عن نفقات التجهيز. تبقى النفقات غير القابلة للتقليص و في طليعتها نفقات المستخدمين مهيمنة بزيادة 65ر4 بالمئة مقارنة بسنة 2015 وبنسبة تقدر ب 39ر54 بالمئة تليها التدخلات العمومية (77ر28 بالمئة) وانتقلت التحويلات الاجتماعية التي تطورت بمعدل 7ر77 بالمئة مقارنة بسنة 2015 الى مبلغ اجمالي مميز قدره 57ر841 .1 مليار دج اي ما يعادل 83ر9 بالمئة من الناتج الداخلي الخام. و يعكس مستواها حجم الصعوبات المواجهة لاحتواء هذا النوع من النفقات, فمن جهة يصطدم تسييرها من خلال المساهمات و الاعانات الممنوحة لمختلف المؤسسات و الهيئات العمومية بصعوبات تتعلق بالمتابعة و تحقيق الفعالية و من جهة اخرى ضمان مواجهة ظرف اتسم بانهيار اسعار النفط و ندرة الموارد المالية. ويكشف توزيع الاعتمادات حسب قطاع النشاط ضعفا في امتصاص اعتمادات التجهيز المخصصة من طرف الدولة لتطوير القطاعات. وسجل برنامج الاستثمار معدل استهلاك يقل عن 38 بالمئة مقارنة بنسبة 36 بالمئة في سنة 2015 و هو ما يخلف ارصدة كبيرة. و بالمثل نفذت مخططات البلدية للتنمية بنسبة 73ر47 بالمئة في غياب التخطيط و البرمجة على مستوى العديد من البلديات وغياب البرامج السنوية و المتعددة السنوات للتنمية والنقص في نضج المشاريع. كما أبرز تقرير مجلس المحاسبة أيضا غياب معايير فيما يتعلق بتوزيع القروض و كذا عدم اشراك المواطنين و الفاعلين المحليين في تحديد اولويات التهيئة و التطوير الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي للاقليم في ظل الشروط التي تبنتها السلطات العمومية و التي يفترض أن تسمح بضمان التنمية المستدامة للجمعات المحلية و كذا ضمان تحسين مستوى معيشة المواطنين. فيما يتعلق بالحسابات الخاصة بالخزينة, فقد أفرزت, نهاية ديسمبر 2016 , رصيدا دائنا بمبلغ 552ر950. 2 مليار دينار مقابل 105ر919. 5 مليار دينار سنة 2015, اي بانخفاض كبير قدر ب15ر50 بالمئة (-533ر2.968 مليار دينار) و تم تسجيل نفس المنحى خلال 2015 مقارنة ب2014 مع انخفاض قدره 61ر28 بالمئة (-815ر3.622 مليار دينار). وتعود هذه النتيجة أساسا لحسابات التخصيص الخاص التي سجلت رصيدا دائنا بقدر 154ر4.532 مليار دينار مقابل 712ر7.381 مليار دينار سنة 2015. و فيما يخص تسيير حسابات التخصيص الخاص, فقد ذكر مجلس المحاسبة في تقريره أن النقائص المسجلة سابقا لا تزال موجودة, على وجه الخصوص تلك المتعلقة بكيفيات التمويل و تعبئة الأموال. كما سجل المجلس ارتفاعا محسوسا للرصيد المدين لحسابات القروض , سيما القروض الممنوحة للسكن و للصندوق الوطني للاستثمار نتيجة ضعف مستويات التحصيل. و فيما يخص ايرادات الميزانية , فقد بلغت 13ر5.026 مليار دينار سنة 2016, وتتكون أساسا من الموارد العادية 58ر3.343 مليار دينار (بحصة تمثل 52ر66 بالمئة), تليها الجباية البترولية بقيمة 55ر 1.682 مليار دينار.(48ر33 بالمائة). و قد سجل تحسن مقارنة بسنة 2015, مدفوعا بالإيرادات الجبائية ب 58ر5 بالمئة(+617ر131 مليار دينار) و الضرائب الأخرى( +158ر442 مليار دينار بمعدل 43ر194 بالمئة منها 813ر521 مليار دينار مرتبط بحاصل مساهمة بنك الجزائر). بينما سجلت الايرادات العادية و البترولية اتجاها معاكسا يتجلى بمعدلات سلبية قدرها -08ر28 بالمئة و -34ر2 بالمئة على التوالي. و قد سجل تقلص للعجز الكلي للخزينة قدر ب 61ر2.054 مليار دينار سنة 2016 مقابل 244ر2.806 مليار سنة 2015, و."هذا الانتعاش نتج خصوصا عن زيادة أرباح الحسابات الخاصة للخزينة المصفاة أو المقفلة. و يبقى تمويل العجز المتراكم للخزينة مضمونا بشكل رئيسي بموارد صندوق ضبط الايرادات و قد خصص منها 352ر2.370 مليار دينار لسنة 2016. تجدر الاشارة ان مجلس المحاسبة يمارس مهامه الاستشارية بشأن مشاريع قوانين الميزانية وفقا للدستور والمرسوم 95-20 ل1995, المعدل والمكمل المتعلق بالمجلس و الذي ينص في المادة 18, أنه يجب استشارة مجلس المحاسبة بشأن مشاريع قوانين الميزانية . وعليه تحيل الحكومة تقارير التقييم التي انجزها المجلس الى الهيئة التشريعية مع مشروع القانون المتعلق بها.