توالت الدعوات الدولية والاممية اليوم السبت لوقف القتال في ليبيا والالتفاف حول توحيد الجهود لمجابهة واحتواء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). وبمناسبة مرور سنة على اشتباكات طرابلس، دعت كل من الاممالمتحدة والاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية الى جانب الولاياتالمتحدة للضرورة الملحة توحيد الجهود في ليبيا لمواجهة تفشي وباء كورونا, وهذا بعد ان سجل البلد إصابة 11 شخص، وحالة وفاة واحدة. لتعقبها اتخاذ السلطات في شرق وغرب البلاد منتصف الشهر الماضي قرارات لمواجهة خطر الفيروس، أهمها إغلاق المنافذ البرية والبحرية ثلاثة أسابيع، وتعطيل الدراسة، إلى جانب فرض حظر التجول لمدة 17 ساعة يوميا. ومنذ الاشهر الاولى لإنتشار الوباء في ربوع العالم، أعربت الاممالمتحدة عن "قلقها" من تأثير الفيروس على المناطق التي تعاني من النزاعات المسلحة على غرار ليبيا التي قد تتعرض لكارثة انسانية في ظل هشاشة الانظمة الصحية وصعوبة الكشف عن انتشار الوباء في اعقاب تواصل الاشتباكات المسلحة. وقال الأمين العام للأمم المتحدة, أنطونيو غوتيريس، إنه يجب أن تكون هناك معركة واحدة فقط في العالم اليوم، وهي المعركة ضد فيروس كورونا، محملا الاطراف مسؤولية بدء الصراع في طرابلس، داعيا لضرورة وقف القتال من أجل التفرغ للوباء وإدراك أن "هذه هي لحظة وقف الصراع... وتوحيد القوى لمواجهة كورونا". وحذّر الأمين العام الأممي من أن "عاصفة فيروس كورونا قادمة إلى جميع مسارح الصراع"، وأن الفيروس أظهر مدى سرعة انتقاله، وقال إن الأسوأ لم يأت بعد، مضيفا أن عددا كبيرا من أطراف النزاع في العالم تجاوبوا مع دعوة وقف إطلاق النار من أجل مواجهة فيروس كورونا المستجد. من جهتها, جددت الجامعة العربية - على لسان أمينها العام أحمد أبو الغيط اليوم السبت, دعوتها إلى وقف القتال في عموم ليبيا, مطالبة بوضع حد للعمليات العسكرية الدائرة حول العاصمة طرابلس بين قوات حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي. وعبر أبو الغيط عن "أسفه الشديد" إزاء استمرار المعارك بين طرفي الصراع, بعد مرور سنة كاملة على إندلاعها في المناطق الغربية من البلاد يوم 4 أبريل من العام الماضي ما أفضى إلى تعثر جهود السلام التي كانت ترعاها البعثة الأممية في ليبيا وأسفر عن سقوط المئات من الضحايا المدنيين الأبرياء وتشريد مئات الآلاف من السكان وتعميق الشرخ في النسيج المجتمعي للشعب الليبي. وجدد أبو الغيط الدعوة التي كان قد وجهها إلى "إسكات البنادق في مناطق الصراع العربية حتى يتسنى تركيز الجهود الوطنية على مواجهة مخاطر انتشار فيروس كورونا وتحجيم الأضرار التي ستصيب مجتمعاتها وقطاعاتها الصحية". ووجه نداء بهذه المناسبة إلى "القيادات الليبية بإعلاء مصلحة الوطن والشروع على الفور بخفض التصعيد في الميدان والإلتزام بهدنة إنسانية تفضي إلى التوصل إلى وقف رسمي ودائم وشامل لإطلاق النار على أساس المقترح الذي تقدمت به البعثة الاممية في مفاوضات اللجنة العسكرية المشتركة التي عقدت في جنيف".( وعلى المستوى الاوروبي, دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى وقف العنف في ليبيا وتوحيد الجهود لمواجهة جائحة كورونا, حيث قالت في بيان لها اليوم "يصادف اليوم الذكرى الأولى" لشن الهجوم على طرابلس, مضيفا "حدث ذلك في وقت كنا نتطلع فيه إلى عقد المؤتمر الوطني بتيسير بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا والذي كنا نأمل جميعًا في أن يدفع البلاد أخيرًا نحو الاستقرار". وأردفت "بعد عام نجد أنفسنا نحصي الخسائر- مئات القتلى المدنيين، ومئات الآلاف النازحين، وتدمير المنازل والبنية التحتية المدنية، والمليارات المفقودة من إنتاج النفط، بل وانقسامات أوسع بين الليبيين وتدهور مستوى الحياة لمعظمكم". وتابعت بعثة الاتحاد الأوروبي - موجهة حديثها لليبيين - "في هذه الأوقات العصيبة، بعد تسع سنوات من الصراع وعدم الاستقرار، تواجهون الآن خطرًا آخر يهدد بأخذ بلادكم إلى الهاوية. لقد طالب المجتمع الدولي، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء مؤخرًا، بهدنة إنسانية باعتبارها الطريقة الوحيدة التي تسمح لكم باحتواء جائحة فيروس الكورونا وللأسف، لم يستجب لهذه الدعوات فحسب، بل اشتد القتال خلال الأيام الماضية" وتابع "يجب أن تدركوا أن هذه الجائحة هي عدوكم الأول الآن ولا يمكنكم محاربتها إلا إذا توقف العنف وإذا قررتم جميعًا توحيد جهودكم وجعل هذا أولوية وطنية ملحة". وقالت البعثة "لا توجد طريقة أخرى. نحن وشركاؤنا مستعدون لمساعدتكم في هذه المعركة. ولإدراك خطورة وضعكم، عليكم فقط النظر عبر البحر لمشاهدة ما يحدث في بلداننا. لدينا أكثر الأنظمة الصحية تقدمًا، ونحن من بين أغنى الدول على وجه الأرض ولا نقاتل بعضنا البعض. ومع ذلك، ما زلنا نكافح ضد هذه الجائحة. لم يعد هناك وقت لنضيعه". بدورها, دعت السفارة الأمريكية لدى ليبيا , الأطراف الليبية إلى "التخلي بشكل عاجل عن القضايا التي تفرّق بينهم وتركيز طاقاتهم كاملة على تعزيز صحة جميع الليبيين ومجابهة فيروس كورونا". السفارة الأمريكية أكدت على أهمية أن "تتوحد المؤسسات الاقتصادية والتكنوقراط المعنيين بسرعة بروح من التماسك الوطني وأن تتخذ جميع التدابير المالية المناسبة من أجل استجابة وطنية لهذه الأزمة الصحية التي تلوح في الأفق". وأبدت السفاره استعدادها لدعم جميع الأطراف الليبية في هذا الجهد، معتبرة أن "حالة الطوارئ الصحية هذه تتجاوز السياسة والشخصيات".