وفاة الصحفي الطاهر بوجمعة: وزير الاتصال يقدم التعازي    سنة 2024 : سبعينية اندلاع الثورة كرست الاهتمام بملف الذاكرة وجددت الوفاء لرسالة الشهداء    سوناطراك: تنظيم المسابقة الوطنية للتوظيف من 29 ديسمبر إلى 4 يناير    مختصون يطلقون صفارات إنذار بمخاطر الإدمان    ظاهرة الغش والاحتيال تنتشر بين التجّار    قطع الأشجار في الأوساط الحضرية.. ظاهرة مخيفة    الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني تدين جرائم الحرب الصهيونية بحق الصحفيين الفلسطينيين    البطولة العربية العسكرية للملاكمة: الجزائر تحرز خمس ميداليات ذهبية في اليوم الثالث    ولّاة يُثمّنون توجيهات رئيس الجمهورية    إحياء ذكرى رحيل الرئيس هواري بومدين    السودان يتحوّل إلى بؤرة سوداء    حصاد عام الدماء والدمار 2024    نحو تمديد عُطلة الأمومة في الجزائر    2024 : سنة حافلة بالإنجازات الرياضية    هؤلاء اللاعبون الأعلى أجرا في ليفربول    مجلة الشرطة تستحضر مآثر ثورة التحرير    مشروع لتوليد 1000 ميغاواط من طاقة الريّاح    حجز 71 كيلوغرام من المرجان الأحمر بالعاصمة    رقاة يروّجون لخلطات عبر منصات التواصل    اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية : المصادقة على تصنيف عدة معالم ومواقع أثرية    للاطمئنان على وضعه الصحي..زهير بللو في زيارة للبروفيسور محمد المصطفى فيلاح    الذكرى ال70 لثورة التحرير جوهر البرنامج الثقافي لعام 2024    بن مولود تعلن عن تسجيل أزيد من 500 مشروع    هذه قصة سيّدة من سيّدات الجنة..    الشروع في تجسيد المرحلة الثانية من الإصلاحات    الأطباء الخواص يلهبون أسعار الفحوصات ومرضى يتخلّون عن العلاج    تخصيص 906 مليارات دج على مدى السنوات الخمس الأخيرة    إعادة تنظيم وتأطير النشاطات التجارية وتطوير شبكات التوزيع    إحباط محاولة إدخال قنطارين من الكيف عبر الحدود مع المغرب    وزارة الخارجية تصدر بيانا حول مسابقات التوظيف    محاكاة حادث أمني بمطار هواري بومدين الدولي    إبراز فضائل الحوار لتحسين الخدمة العمومية للصحة    بنك للبلديات والولايات.. دعم للاستثمار المحلي    طاقات متجددة: مختصون يبرزون أهمية استثمار الجزائر في مصادر متنوعة لاسيما طاقة الرياح    الجيش يطوّر 3 مشاريع لطائرات بدون طيار    لقاء الحكومة الولاة فرصة لتعزيز المكاسب التنموية    مشروع لتوليد 1000ميغاواط من طاقة الرياح    تسويق الأسماك من المنتج للمستهلك بوهران    "الأهلي" المصري يصرّ على ضم بونجاح    قرار اللجنة الطبية في الاتحاد الفرنسي يحدّد مصير بن طالب    رحلة في أعماق التحديات النفسية بعد الحرب    ألوان وعطور ومسّرات أخرى    قمة في العاصمة.. المولودية للتدارك وبلوزداد للتصالح مع الأنصار    ضبط 20 كيلوغراما من الشمة المرحية    قتيل وجريح في حادث بالشبلي    الشرطة توقف مروجي ممنوعات    إسرائيل تعطّل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار    تعزيز الثقافة الوقائية وتقوية المنظومة الصحية كفيلان بالتصدي للجوائح    معسكر.. لقاء دراسي حول الرقمنة والخدمات الالكترونية للهيئات التابعة لقطاع العمل    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 45361 شهيدا و 107803 جريحا    سطيف: افتتاح الطبعة السابعة للتظاهرة الثقافية "الفوارة شو"    صادي يلتقي حراز    بللو يُشجّع القراءة    انطلاق المنافسة بمشاركة 35 ملاكما يمثلون ست دول    مستشفيات شمال القطاع في مواجهة الإبادة الصهيونية    ظاهرة الغش والاحتيال تنتشر بين التجّار    دعاء : أدعية للهداية من القرآن والسنة    حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجزرة قبيلة العوفية بالحراش: جريمة ضد الإنسانية تؤكد وحشية الاستعمار الفرنسي

تعتبر مجزرة قبيلة العوفية بالحراش (الجزائر العاصمة) حتى بعد مرور 188 سنة على أحداثها المفزعة, إحدى الجرائم البشعة التي اقترفها الجيش الفرنسي في الجزائر و قد أسفرت عن استشهاد 1200 جزائري و تبقى جريمة ضد الانسانية و وصمة عار تلطخ تاريخ فرنسا الاستعماري.
وأجمع مؤرخون وباحثون في تصريحات رصدتها وأج على فضاعة ما ارتكبه الجيش الفرنسي من تقتيل وعنف دموي ضد قبيلة العوفية بالحراش في 6 أبريل 1832 على مشارف الجزائر العاصمة, و هي تعد أول عملية إبادة جماعية وحشية للغزو الفرنسي بقيادة الدوق دو روفيغو السفاح وتصنف ضمن أبشع الجرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم.
و أوضح المؤرخ الدكتور جمال يحياوي أن مجزرة قبيلة العوفية تندرج في إطار تطبيق السياسة الاستعمارية منذ بداية الاحتلال, إذ تم انتهاج مسار الإبادة الجماعية لاعتقادهم أن إبادة العنصر البشري سيسهل الحصول على الأراضي والممتلكات والاستحواذ عليها.
وأشار إلى أن الهدف من تنفيذ الجريمة الوحشية بالحراش ضد قبيلة العوفية والتي راح ضحيتها 1.200 جزائري من الشيوخ والنساء والرضع هو بث الفزع والخوف في باقي القبائل وترهيبها حتى لا تنخرط في المقاومة الشعبية.
وذكر نفس المؤرخ أن الجنرال دي روفيغو قد أعطى الأمر لقواته بسحق قبيلة العوفية و إبادة أفرادها لكونها اشتبهت فيهم دون دليل بأنهم قاموا بسلب مبعوثي العميل فرحات بن سعيد آغا الزيبان, الهدايا التي كانت موجهة للدوق روفيغو, مبرزا أن الدوق روفيغو يعتبر من الشخصيات العسكرية الأكثر دموية وتاريخه مثقل بالجرائم, إذ سبق له إعطاء أوامر بقتل 4.000 جزائري بعد رفضهم قراره بتحويل جامع كتشاوة إلى مركز عسكري سنة 1831 وبالتالي منفذ المجزرة يمتلك سجل إجرامي وسفاح سابق معروف بتعطشه للدماء.
وقال أن الباحثين الفرنسيين في تناولهم للأرشيف الخاص بالمرحلة الكولونيالية في الجزائر, "يسعون قدر الإمكان إلى الانتقائية لإخفاء الحقائق التي تدين فرنسا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة", مبرزا أن "موجة الجيل الثالث والرابع من الباحثين الفرنسيين أصبحوا يخجلون لما يكتشفونه من ممارسات أجدادهم الدموية في الجزائر عبر الكم الهائل من الأرشيف ورغم ذلك يمررون بذكاء بعض الحقائق المرعبة".
وشدد الدكتور يحياوي على "ضرورة اعتماد المنهج المقارن لدراسة الجرائم الفرنسية وتكوين ملفات قاعدية أساسها الشهادات الحية للضباط وكبار القادة العسكريين", مبرزا أن هناك "جرائم كثيرة ضد الانسانية سجلت عبر كل القطر الجزائري لكن لم يتم تدوينها".
وأضاف أن ظهور العديد من المؤلفات الجديدة ودراسات لمختصين فرنسيين في المجال على غرار كتاب "استعمار...إبادة" لأوليفييه لوكور غرانميزون وكتاب فرانسوا ماسبيرو وغيرهم أظهرت الأسباب الحقيقية وراء مجزرة قبيلة العوفية وهي تتجاوز قضية سرقة آغا الزيبان المفتعلة بل هو إقدام شيخ العوفية على تهريب عبر قوارب بحرية بعض الجنود الفرنسيين الفارين من الجيش الفرنسي ورفضهم تنفيذ جرائم القتل, وقد اكتشف الجيش الفرنسي ذلك ما أدى إلى الانتقام منه بوحشية حيث تم قطع رأسه وإرساله لباريس وإبادة قبيلته.
ومن الأسباب الحقيقية لإبادة قبيلة العوفية كما أوضح المؤرخ, "رفضها التعامل مع الجيش الفرنسي وكذا رفضها منح الجياد والثروات الحيوانية لتعزيز قدرات الجيش الفرنسي في غزو باقي مناطق الجزائر".
من جهته, أشار المؤرخ محمد القورصو في تصريح ل/وأج أن مجزرة قبيلة العوفية تجاوزت الوحشية والعنف ضد الجزائريين في مستهل السنوات الأولى للاحتلال الفرنسي 1832 إذ تمت مداهمة القبيلة فجرا وذبحهم بوحشية بذريعة تورطهم في سرقة هدايا آغا الزيبان.
وأفاد المتحدث أن قادة وضباط وجنود فرنسا كانوا يخلدون جرائمهم الوحشية وإبادتهم للجزائريين من خلال مراسلاتهم وتقاريرهم ومذكراتهم حيث يتناولون تفاصيل الجرائم والغنائم بعيدا عن القيم الإنسانية التي يتبجحون بها.
وكمثال على ذلك أشار الدكتور القورصو إلى شهادة الضابط بيليسيي, الذي شارك في عملية إبادة قبيلة العوفية, كتب فيها أن "كل ما كان حي يقتل لم نكن نميز بين الكبار والصغار والرجال والنساء أو الأطفال كل ما اعترض الطريق مآله الموت".
وحسب ذات المصدر, وفي شهادة ثانية للضابط بيشو, فإن عدد الضحايا من قبيلة العوفية تراوح بين 80 و 100 قتيل أما الغنائم فقاربت ال 2.000 خروف و 600 بقرة و 30 جمل.
من جهة أخرى, أبرزت إبادة قبيلة العوفية, الوحشية المتعددة الأبعاد للدوق روفيغو, إذ لجأ إلى إعدام شيخ القبيلة دون وجود دليل على أن السارق ينتمي لذات القبيلة وقد أهدى رأسه لطبيب في باريس لإجراء التجارب الطبية عليه.
وأكد ذات المتحدث أن مجزرة العوفية دشنت سلسلة من المحطات الوحشية التي ارتكبها الجيش الفرنسي في الجزائر على غرار محرقة الظهرة بمستغانم و الاغواط وغيرها من المجازر التي لا تسقط بالتقادم وتبقى وصمة عار على فرنسا التي تدعي التنوير والقيم الديمقراطية.
بدوره, أشار الباحث محمد أرزقي فراد في تصريح لواج أن كتاب المؤرخ الفرنسي اوليفيبه لوكور غرانميزون "الاستعمار. .إبادة " يعد بمثابة مرجع أساسي يقدم شهادة و حقائق مفزعة عن مذبحة قبيلة العوفية بالحراش وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية في الجزائر.
وذكر أن مذبحة العوفية أظهرت بكل وضوح ويقين نوايا السلطة الفرنسية في إبادة الجزائريين على طريقة إبادة الهنود الحمر بالقارة الأمريكية, مضيفا أن هذه المجزرة "ليست الجريمة الوحيدة المرتبكة ضد الجزائريين بل هناك مجموعة من الجرائم عبر مختلف حقب الوجود الإستعماري الفرنسي في الجزائر منها محرقة قبيلة أولاد رياح الظهرة بمستغانم 1844 وإبادة في حق سكان قبيلة آث منصر في شرشال حيث تم إجبارهم في البقاء تحت الثلج حتى الممات مجمدين.
وأكد السيد فراد أن الجريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم.
واستنادا لذات المتحدث فإن من أبشع أساليب الاستعمار الفرنسي هو قطع رؤوس قادة المقاومة الشعبية والتنكيل بها, إذ توجد أزيد من 40 جمجمة لهؤلاء القادة في المتحف الفرنسي للتاريخ الطبيعي, كما تم استخراج رفاة الجزائريين من المقابر واستخدامها لتصنيع الفحم والسكر وهي سلوكات وحشية فضيعة.
ولم يستبعد نفس المصدر أنه في حال فتح الأرشيف الفرنسي الذي يخص فترة استعماره للجزائر, أمام الباحثين, سيتم اكتشاف مجازر أخرى.
و أكد في الآخير أن رسائل جامعية واطروحات عديدة لباحثين جزائريين تناولت مجزرة العوفية بالدراسة والتمحيص وما تزال تثير شهية البحث الجامعي, لأنها مرتبطة بالذاكرة لكن للأسف لم يتم طبعها وتوزيعها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.