ما يزال التوتر يخيم على إقليم ناغورنو-قرة باغ المتنازع عليه بين أرمينياوأذربيجان عقب تجدد الاشتباكات بين الطرفين, فيما تتوالي الدعوات والمساعي الدولية لتهدئة التصعيد العسكري بين البلدين والذي أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من الجانبين. ويتبادل الطرفان الاتهام بشأن مسؤولية القصف الذي طال المنطقة الحدودية بينهما, ووصفت هذه الاشتباكات بكونها " الأعنف" منذ 2016, في المنطقة الحدودية المعترف بها دوليا على أنها جزء من أذربيجان ولكنها تخضع لسيطرة الأرمن حيث تعيش فيها أغلبية أرمينية. وتسببت الأعمال القتالية - التي مازالت مستمرة- في سقوط عدد من الجنود بين قتيل وجريح ,على خط الجبهة بين القوات الأذرية والأرمينية. وفي غضون ذلك , أعلن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف أن الجيش الأذربيجاني يقوم بقصف منشآت عسكرية في أرمينيا. وفي خطاب حول تفاقم الوضع على خط التماس في قره باغ, قال علييف أن "القوات المسلحة الأرمنية, استخدمت مختلف أنواع الأسلحة بما في ذلك المدفعية الثقيلة قامت بقصف مواقع للجيش الأذربيجاني والعديد من المراكز السكنية في مناطق مختلفة". من جهته, قال آرتسخان هوفهانيسيان ممثل وزارة الدفاع الأرمينية خلال مؤتمر صحفي "لدينا ما يقرب من 200 جريح تم نقل بعضهم إلى بريفان". كما أعلن شوشان ستيبانيان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأرمينية أن ما مجموعه 31 عنصرا قتلوا في المعارك الدائرة على المنطقة الحدودية ناغورنو-قرة باغ. وأعلنت الأحكام العرفية في بعض مناطق أذربيجان وكذلك في أرمينيا. كما أعلن رئيس ما يسمى "جمهورية ناغورنو- قرة باغ, حالة الحرب والتعبئة العامة في جميع أراضي الإقليم, وذكر -خلال جلسة طارئة للبرلمان في عاصمة الإقليم ستيباناكرت - أنه قرر "إعلان الأحكام العرفية" . وعلى خلفية هذا التصعيد العسكري, اعرب خبراء عسكريون عن مخاوفهم , بشأن الاستقرار في منطقة القوقاز ,التي تعد ممرا لخطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز للأسواق العالمية. وأكدوا أن" أي تصعيد يؤدي إلى اضطراب في الأسواق لأن جنوب القوقاز ممر لخطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز الطبيعي من بحر قزوين إلى الأسواق العالمية". اقرأ أيضا : اليوم العالمي للسلام: تأكيد على ضرورة تصفية الاحتلال في فلسطين و الصحراء الغربية مساعي دولية لتهدئة التصعيد العسكري بين بين باكو ويريفان ولتفادي تفاقم الاشتباكات إلى حرب شاملة بين الطرفين, تتوالى المساعي الدولية بين باكو ويريفان لحل هذا النزاع . وفي محاولة للتهدئة, دعا انطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف القتال على الفور, وتهدئة التوترات والعودة إلى مفاوضات هادفة دون تأخير, معربا عن بالغ قلقه إزاء استئناف القتال من جديد على طول خط التماس في منطقة ناغورنو-قرة باغ, مدينا استخدام القوة ومبديا أسفه لوقوع ضحايا من المدنيين وتضررهم بسبب القتال. كما جدد الأمين العام , دعمه الكامل للدور المهم الذي يؤديه الرؤساء المشاركون لمجموعة مينسك (فرنساوروسيا والولايات المتحدة), وحث الجانبان على العمل بشكل وثيق معهم من أجل الاستئناف العاجل للحوار بدون شروط مسبقة. ومن جهته, بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الوضع مع نظيره الأرميني, داعيا إلى "وضع حد للأعمال العدائية". وقال نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو, أن موسكو تدعو جميع المسؤولين الخارجيين والداخليين إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس, بما في ذلك ما يتعلق بلهجة الخطاب, فمن المهم توخي الحذر قدر الإمكان, من أجل تحقيق وقف إطلاق النار على الفور وإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات". وأضاف أن "روسيا, بصفتها رئيسا مشاركا لمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا, تشارك بنشاط في هذه العملية منذ عام 1991", لافتا إلى أن موسكو تعتزم مواصلة الاتصالات مع جميع الشركاء. أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب, فقد أكد - خلال مؤتمر صحفي مساء الأحد - أن بلاده ستسعى إلى وقف أعمال العنف التي اندلعت بين البلدين. ومن جانبه, دعا الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل, إلى "الوقف الفوري للأعمال العدائية ووقف التصعيد والالتزام الصارم بوقف إطلاق النار بين أرمينياوأذربيجان ,التي نتج عنها وقوع إصابات بين العسكريين والمدنيين" . وقال بوريل أن العودة إلى المفاوضات بشأن تسوية نزاع, وناغورنو- قره باغ, تحت رعاية الرؤساء المشاركين لمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا "دون شروط مسبقة" مطلوبة "بشكل عاجل". فرنسا هي الأخرى, طالبت بوقف الاشتباكات بين البلدين في إلاقليم. وأعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آنييس فون دير مول عن" بالغ قلق فرنسا من الاشتباكات العنيفة في مرتفعات قرة باغ", داعية إلى" الوقف الفوري لإطلاق النار واستئناف الحوار", مجددة التزام فرنسا ب"التوصل إلى حل تفاوضي للصراع بين الجانبين في إطار القانون الدولي". وفي ذات السياق, دعا حلف شمال الأطلسي (ناتو) أرمينياوأذربيجان لإلى "الوقف الفوري للأعمال العدائية التي تسببت في سقوط ضحايا من المدنيين", وأكد جيمس أباتوراي الممثل الخاص للأمين العام للحلف في القوقاز ووسط آسيا, أنه "لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع", وحث الأطراف على" استئناف المفاوضات من أجل التوصل لتسوية سلمية للنزاع". وبدوره, قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إنه بحث هاتفيا مع نظيره الأذري جيهون بيراموف, أهمية وقف المعارك في ناغورنو-قره باغ والتوجهِ للحوار مع أرمينيا. وأبدى ظريف "استعداد طهران للتوسط بين الطرفين المتحاربين". فيما قالت تركيا إنها تجري محادثات مع أعضاء مجموعة مينسك التي تقوم بدور الوساطة بين أرمينياوأذربيجان, وتتشارك رئاستها روسياوفرنسا والولايات المتحدة. وكانت مجموعة مينسك, وهي تابعة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا, قد نجحت في التوسط بين أرذبيجان وأرمينيا ليوقعا اتفاقا لوقف إطلاق النار عام 1994 في الإقليم المتنازع عليه, غير أن الاشتباكات وقعت منذ ذلك الحين بشكل متقطع.