عاش العالم عام 2020 تحت وقع صدمة تفشي وباء كورونا الذي سبب اختلالات في جميع مناحي الحياة، وشلّ الاقتصاد العالمي، الا أن بوادر الانفراج بدأت تلوح في الافق بعد التوصل الى لقاحات واعدة قد تقضي على الجائحة، لتعيد بعث الحياة من جديد. و على خلفية انتشار فيروس كورونا المستجد في العالم، عرفت اقتصادات العالم انتكاسة غير مسبوقة، لا سيما الدول النامية والفقيرة في ظل زيادة معدلات الفقر والبطالة ، وتقليص فرص الإنعاش التنموي. فبعد ظهوره شهر ديسمبر 2019 في مدينة /يوهان/ الصينية، و انتقاله في غضون ثلاثة أشهر الى دول أسيوية و عبوره بسرعة "خارقة" القارات الاوروبية و الافريقية و الامريكية، أصبح جل العالم بحلول شهري أبريل/مايو تحت سيطرة /كوفيد-19/، الذي صنف من وباء، الى جائحة، حسب منظمة الصحة العالمية. إقرأ أيضا: كوفيد-19 : تسجيل 434 اصابة جديدة و 367 حالة شفاء و 11 حالة وفاة و رغم أن معظم الدول سارعت الى فرض اجراءات احترازية واغلاق شامل بما فيه الحدود لاحتواء انتشار المرض، الا أن الفيروس خرج عن السيطرة ، و أخذ يتفاقم حاصدا ألاف الأرواح وعشرات الالاف من الاصابات، و أدخل العالم في عزلة تامة، ولأول مرة في تاريخ المعمورة ، تحولت شوارع العواصم الى مدن "أشباح". و بعد تراجع طفيف في المنحى الوبائي، عادت حالات الوفيات اليومية الى التصاعد بشكل مطرد مرة أخرى مع بداية السداسي الثاني من العام الجاري، مع اكتشاف بؤر جديدة للعدوى في شتى أرجاء أنحاء العالم، لكن هذا لم يثن العديد من الدول عن رفع التحدي لإغاثة اقتصادها من الركود، فسارعت الى التخفيف من قيود الاغلاق أو الغائها تماما، مع الاستمرار في الالتزام بالإجراءات الصحية للحد من انتكاسة محتملة. و دفعت الولاياتالمتحدة الثمن الاغلى للفيروس القاتل، وهي البلد الذي يسجل أكبر عدد وفيات عالميا رغم الكشف عن خطة لإعادة فتح اقتصاد أكبر قوة في العالم، فيما مثلت القارة الاوروبية أكثر من ثلثي حصيلة الوفيات في العالم. و في ظل التباين في مواقف الدول بشأن مؤشرات حالات الوفيات والاصابات، بأن الوضع بات "تحت السيطرة"، و التحذيرات الأخرى من أن "الوضع لا يزال هشا"، دخلت أكبر الشركات الصيدلانية العالمية في سباق تنافسي من أجل التوصل الى لقاح كفيل بالتخلص من الجائحة. إقرأ أيضا: صحة : تحديد تكاليف اختبار "بي.سي.آر" والاختبار المضاد الجيني والاختبار السيرولوجي و يأتي هذا، استجابة لدعوة اطلقها الاتحاد الأوروبي لجمع 5ر7 مليار يورو من أجل تطوير لقاحات وأدوية لعلاج المرض، فيما وجهت الأممالمتحدة نداءا في شهر مايو الماضي، استجابة لخطة إنسانية عالمية موسعة تهدف إلى جمع ما مقداره 7ر6 مليار دولار، بهدف حماية ملايين الأرواح، ووقف انتشار الفيروس في أكثر من 60 بلدا ضعيفا. اللقاحات الواعدة بارقة أمل لقاحات عديدة مضادة للفيروس ذات خصائص متنوعة دخلت منذ أشهر في سباق محموم، كلها تسعى الى إنهاء الأزمة الصحية العالمية، ضمن مبادرة /كوفاكس/ العالمية (التحالف العالمي من أجل اللقاحات)، و لعل أبرزها اللقاح الامريكي/الالماني /فايزر-بيونتيك/، و/موديرنا/ الامريكي و/سبوتنيك في/ الروسي و /أسترازينيكا/ البريطاني، و/سينوفاك/ الصيني، الى جانب اللقاحات الكلاسيكية الاخرى، بينما ما تزال أخرى في مرحلة التجارب السريرية. إقرأ أيضا: اللقاح المضاد لفيروس كورونا: الجزائر وضعت اجراء "معجلا" للتسجيل وأعلنت منظمة الصحة العالمية، أنه تم التوصل إلى تأمين ملياري جرعة لقاح من الجرعات الحالية والجرعات المتوقع الموافقة عليها، وسيتم توزيعها خلال النصف الأول من عام 2021 ، ضمن المبادرة التي تعني بإتاحة اللقاحات بشكل "عادل"، بينما حذرت من خطر كبير لعودة انتشار الفيروس في أوروبا خلال موسم أعياد الميلاد. و تسعى /كوفاكس/ إلى ضمان التوزيع العادل للقاحات ،متعهدة بتوفير مئات الملايين من الجرعات و توزيعها بشكل عادل بين البلدان، لكن تبدو المهمة صعبة أمامها لعدم المساواة بين الدول فيما يخص الانظمة الصحية و الاقتصادية. وتبقى التساؤلات بشأن نصيب بقية العالم لا سيما الاكثر فقرا من اللقاحات و تخلفها عن الركب مطروحة بخصوص مسألة التوزيع، في وقت بات من الضروري عليها أن تبحث عن بدائل في حال عدم تمكنها من الحصول على هذه اللقاحات اللازمة لكبح تفشي الجائحة. و في الوقت الذي شهدت فيه عدد من دول العالم انطلاق حملات التطعيم ضد فيروس كورونا، وسط حالة من التفاؤل و الترقب حول مدى "نجاعة" و "فعالية" هذه اللقاحات في انهاء المسلسل المرعب للوباء الذي خيم على البشرية طيلة عام كامل، ظهرت سلالة جديدة من الفيروس في بريطانيا وعدد من البلدان، لتهدد الانجازات الطبية العلمية المحققة، وتزيد من المخاوف بشأن اطالة أمد الجائحة نظرا لانتشار العدوى بسرعة "أكبر"، حسب خبراء الصحة. إقرأ أيضا: استبعاد تخصيص مؤسسة فريدة لعلاج مرضى كوفيد-19 رصد الفيروس المتحور دفعا لخبراء الى تكثيف أبحاثهم العلمية، في محاولة لاحتواء المرض و منع ظهور طفرات جديدة منه تفاديا لاحتمال أن تؤثر هذه السلالة على نجاعة اللقاحات التي تتواصل حملاتها في دول العام. أيام "استثنائية" وعصيبة عاشها العالم طيلة عام 2020 و لم ينتهي بعد هاجس كورونا، لتواصل الدول "رحلة البحث" عن علاج كفيل باعادة الحياة الى مجراها الطبيعي، وسط أمال بقرب الانفراج الكامل بحلول عام 2021، مع تعميم اللقاح ليستفيد منه الجميع.