تستعد النيجر لتنصيب رئيسها المنتخب محمد بازوم, في ظل تزايد مخاوف أمنية عقب الهجمات الدامية الاخيرة و التوترات السياسية الناجمة عن رفض النتائج الانتخابات الرئاسية, علاوة على محاولة الانقلاب التي زادت المشهد السياسي تعقيدا بما يزعزع المراسم المقررة غدا الجمعة. و بعد انتخابه في 3 فبراير الماضي رئيسا للبلاد, سيؤدي بازوم (60 عاما) غدا رسميا اليمين الدستورية, ليصبح رئيسا جديدا للنيجر خلفا للرئيس محمد إيسوفو الذي قضى عهدتين من خمس سنوات على هرم السلطة, و اختار طوعيا عدم الترشح لعهدة ثالثة, في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخها السياسي لتداول السلطة سلميا. و عشية الحدث التاريخي, أعلنت قوات الأمن في النيجر أمس إحباط محاولة انقلاب في القصر الرئاسي بالعاصمة نيامي, وأكدت السلطات أنها أوقفت "عدد من العسكريين" عقب الهجو , و أن الوضع"بات تحت السيطرة", حسبما أوردته مصادر اعلامية. ولم يصدر أي تعقيب رسمي من السلطات النيجرية حول إطلاق النار. و أدانت الجزائر ب"شدة" بمحاولة الانقلاب, داعية إلى الاحترام الصارم للشرعية والنظام الدستوري, حسب بيان اليوم الأربعاء لوزارة الشؤون الخارجية , فيما اعتبر الاتحاد الأفريقي عملية الانقلاب "تقويضا لعملية الانتقال السلمي للسلطة والتحول الديمقراطي" في النجير, مستنكرا بأشد الحادثة. ويعيد الحدث, شبح الانقلابات العسكرية الى الواجهة, في ظل تزايد المخاوف من أن يؤدي تنصيب بازوم إلى مزيد من العنف و الصراعات طائفية في النيجر, حيث ويعود آخر انقلاب فاشل , إلى عام 2016, حين أعلنت السلطات أن ضباط بالجيش اعترفوا بالتخطيط لمحاولة قلب نظام الحكم. و في 18 فبراير عام 2010 شهدت النيجر انقلابا عندما اقتحم جنود مسلحون القصر الرئاسي في نيامي, واعتقلوا الرئيس تانجا مامادو خلال ترؤسه اجتماعا حكوميا, وبعد ذلك تم تشكيل "المجلس الأعلى لاستعادة الديمقراطية" برئاسة سالو جيبو. وفي 9 أبريل 1999 وقع انقلاب عسكري على الرئيس إبراهيم باري مايناصارة -الذي سبق له هو الآخر القيام بانقلاب عسكري- , وتم تنصيب داودا مالام وانكي رئيسا و انتهى بمقتل مناصرة في ظروف غامضة. اقرأ أيضا : الجزائر تندد "بشدة" بمحاولة الانقلاب بالنيجر وجاء الانقلاب على ماينصارة بعد ثلاث سنوات من الانقلاب الذي قاده هو نفسه في 27 يناير 1996، و الذي أطاح بأول رئيس منتخب ديمقراطيا في النيجر, وهو ماهامان عثمان بعد نحو 3 سنوات قضاها في السلطة, وقد اعتقل رئيس الوزراء هاما أمادو في الانقلاب, وقتل عدة جنود وأفراد من حرس الرئاسة في اشتباكات. تحديات عديدة في انتظار الرئيس المنتخب و لا يزال المرشح -الرئيس السابق ماهامان عثمان -الذي جاء بالمركز الثاني في الاقتراع- يرفض الاعتراف بالنتائج التي أعلنتها المحكمة الدستورية في النيجر, و التي أشاد بها المراقبون الدوليون, داعيا أنصاره إلى التظاهر في جميع أنحاء البلاد و الطعن في النتائج زاعما حدوث "تزوير", وهو ما أدى إلى احتجاجات عنيفة لقي خلالها العديد من الأشخاص حتفهم, غير أن بازوم وصف الاشتباكات الدامية بأنها "مصطنعة" و"عابرة". و في سياق التوترات السياسية التي تشهدها البلاد, كانت السلطات قد اعلنت الحداد الوطني في أعقاب مصرع 137 شخصا في هجمات استهدفت الاثنين الماضي قرى قرب الحدود بين النيجر ومالي, وهي منطقة الحدود الثلاثة التي تعرف بتعرضها لهجمات ارهابية. وتأتي هذه الهجمات بعد مصرع 60 قرويا في منطقة "تيلابيري "القريبة من الحدود المالية. و أفادت السلطات المحلية, بأن مسلحين" وصلوا على متن دراجات نارية وأطلقوا النار على كل شيء يتحرك, وهاجموا إنتازاين وبكواراتي وويستاني والمناطق المحيطة, كما داهموا ثلاث قرى بمنطقة /تاهوا/ المتاخمة لمالي". وأفاد تقرير لمنظمات إنسانية تابعة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ,أن الهجمات "قد تكون انتقاما لعمليات اعتقال جرت في الآونة الأخيرة لأشخاص يُشتبه في انتمائهم لجماعات مسلحة بالمنطقة". وتندرج أعمال العنف, في إطار أزمة أمنية أوسع نطاقا في منطقة الساحل بغرب أفريقيا تغذيها أيضا عمليات ارهابية على صلة بتنظيم القاعدة وميليشيات عرقية. و ينتظر الرئيس الجديد ذو الاصول العربية, اذ ينحدر من قبلية بني سليمان, جملة من للتحديات الامنية في ظل تمدد نشاطات الجماعات الارهابية في منطقة الساحل و غرب افريقيا و بحيرة تشاد, علاوة على الملفات الاقتصادية و التعليم ومحاربة الفساد والبنية التحتية. ونجاح بازوم في مواجهة تلك التحديات يتطلب خبرة في التعاطي مع قلاقل الداخل وهواجس الخارج معا, لكنه يرى أنها ليست جديدة عليه, وخصوصا أنه سبق أن شغل منصب وزير الخارجية ثم وزيرا للداخلية. و يقول المتتبعون للشأن النيجيري, أن بازوم صاحب الخبرة السياسية و الحنكة ورث عن الرئيس السابق ايسوفو تحدي كبح الهجمات الارهابية التي أوقعت مئات القتلى منذ عام 2010 و نزوح 500 ألف شخصا, حسب الاممالمتحدة. و سيتم الاعلان عن رئيس الوزراء الجديد يوم 4 ابريل الجاري, فيما سيكشف عن أعضاء الحكومة في اليوم الموالي, حسبما ذكرته وسائل اعلامية.