حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من إستخدام السلطات المغربية، في السنوات الماضية، تضييقا كبيرا على حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة في البلاد من خلال أساليب غير قانونية لاحتجاز وملاحقة النشطاء والصحفيين والتشهير بهم. وذكر المرصد الأورومتوسطي ومقره جنيف، في تقرير مفصل أصدره اليوم الإثنين، أن السلطات المغربية ما تزال تحتجز أو تحاكم 21 صحفيا وناشطًا مدنيا وحقوقيا بسبب تعبيرهم عن آرائهم عبر وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي. وأبرز التقرير محاكمة الصحفيين والنشطاء المعارضين بتهم لا تبدو عادلة، إذ أصدرت المحاكم المغربية أحكاما اعتبرت "قاسية" بحق صحفيين ونشطاء معارضين، كان أحدثها الحكم على الصحفي "سليمان الريسوني" في 9 يوليو الجاري بالحبس خمس سنوات بزعم تورطه في إرتكاب "اعتداء جنسي". واستعرض تقرير الأورومتوسطي، مظاهر الضغوط التي تمارسها السلطات على النشطاء الإعلاميين والمدنيين، خاصةً الضغوط القضائية التي تستخدمها لإسكاتهم وتغييبهم، إذ انهالت خلال العامين الماضيين والعام الحالي،المتابعات القضائية على الصحفيين والناشطين، وصدر بحق البعض منهم أحكاما قاسية جعلتهم حتى هذه اللحظة يقبعون في سجون المملكة. ولفت الأورومتوسطي، إلى أن غياب الضمانات الدستورية والقانونية الكافية لحماية الحق الأساسي في حرية الرأي التعبير والعمل الصحفي أدى إلى تفاقم الانتهاكات والتجاوزات الرسمية تجاه ممارسة هذه الحريات. وإرتكز تقرير المرصد الأورومتوسطي والذي جاء بعنوان "المغرب.. خنق الرأي الآخر"، على إفادات ل15 صحفيا وناشطا مغربيا أو ذويهم، تعرضوا للملاحقة والاحتجاز أو التشويه والتشهير، على خلفية نشاطاتهم الصحفية والسياسية، وتعبيرهم عن آرائهم في عدد من الحوادث التي شهدتها المغرب. وأبرز التقرير "تصاعد ظاهرة التشهير بالمعارضين والصحفيين من خلال وسائل إعلام وشخصيات مقربة من الدولة، إذ يتم استهداف المعارضين والصحفيين بحملات تشهير وتشويه في وسائل الإعلام المرئية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية، لثنيهم عن انتقاد سياسات المملكة". وبين أن المواد الإعلامية الهادفة إلى التشهير والقذف غالبا ما تكون على شكل "إهانات بذيئة أو معلومات خاصة عن الضحية"، مثل كشف مستندات بنكية أو مستندات ملكية، أو تسريب رسائل بريد إلكتروني خاصة، ومزاعم عن علاقات جنسية وغيرها. وذكر المرصد أن المغرب يحتل المرتبة 136 ضمن 180 دولة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود لعام 2021، وهو ما يعكس الانتهاكات الكبيرة والممارسات التقييدية التي تنتهجها السلطات المغربية ضد الصحفيين ووسائل الإعلام في البلاد. ولفت تقرير المرصد الأورومتوسطي إلى أنه على الرغم من إقرار البرلمان المغربي عام 2016 قانون الصحافة والنشر رقم (88.13) والذي يعد أول قانون للصحافة في المغرب لا يتضمن أحكاما بالسجن كعقوبات على التعبير السلمي، إلا أن السلطات ما تزال تحاكم المتهمين على خلفية قضايا التعبير السلمي بأحكام تتضمن عقوبات بالسجن استنادًا للقانون الجنائي عوضا عن الاستناد لقانون (88.13) واجب التطبيق في هذه القضايا. بدوره، قال المستشار القانوني في المرصد الأورومتوسطي طارق حجار، إن ممارسات السلطات المغربية الهادفة إلى تقويض الحق في إبداء الرأي والتعبير تنطوي على جملة من الانتهاكات التي حظرتها كل من القوانين المحلية المغربية، والقوانين والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة. واستشهد في هذا المقام بما تضمنه الدستور المغربي لسنة 2011 الذي اورد مجموعة من المواد تكفل شكليا حرية الرأي والتعبير، إذ جاء في الفصول (25) و(28) على التوالي أن "حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها"، و"حرية الصحافة مضمونة ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية". وأضاف أن المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي صدّقت عليه المغرب نصت على أنه "لكل إنسان حق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود." غير ان كل هذه القوانين تبقى حبرا على ورق يستخدمها المغرب من أجل التغطية على انتهاكاته لحرية التعبير والصحافة ، حيث أوصى تقرير المرصد الأورومتوسطي السلطات المغربية بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية الرأي والتعبير، ووقف سياسة ملاحقة واحتجاز النشطاء والصحفيين وتقييد عملهم المشروع. وحث المرصد الأورومتوسطي القضاء المغربي على ضرورة الاضطلاع بدوره في حماية حرية الصحافة والنشاط السلمي من قرارات الملاحقة والاحتجاز التعسفي، وحملات التشويه والتشهير.