ترى منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) أن الأسعار الفورية للغاز الطبيعي في السوق الأوروبية لن تتراجع عن ذروتها الحالية قبل بداية العام القادم، ويمكن أن تشهد موجة جديدة من الارتفاعات مع دخول موسم الشتاء، خاصة إذا جاء أكثر برودة عن المعتاد، حسبما جاء في بيان للمنظمة. وأوضحت الأمانة العامة للمنظمة أنه بالنظر إلى التطورات التي تشهدها الأسواق العالمية للغاز الطبيعي الذي سجل قفزة نسبتها 350% عن السعر المسجل في بداية العام الجاري ووضع الإمدادات من مختلف الدول المصدرة، فإنه من غير المتوقع أن تتراجع الأسعار العالمية في السوق الفورية عن ذروتها الحالية قبل بداية العام القادم 2022، بل قد تشهد موجة جديدة من الارتفاعات مع دخول موسم الشتاء، خاصة إذا جاء أكثر برودة عن المعتاد. وجاء في البيان أن الأمانة العامة لمنظمة "أوابك" تراقب باهتمام كبير، التطورات التي تشهدها الأسواق العالمية للغاز الطبيعي، والمستويات الجديدة التي اخترقتها الأسعار الفورية في السوق الأوروبي حسب مؤشر TTF (المؤشر الرئيسي لأسعار الغاز الطبيعي في السوق الأوروبي) والذي سجل 1031 دولار لكل 1000 متر مكعب (أي ما يتخطى نحو 29 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية) لمبيعات شهر أكتوبر. إقرأ أيضا: نفط: منظمة "أوابك" توقع مذكرة تفاهم مع معهد الكويت للأبحاث و يأتي هذا المستوى القياسي الجديد بسبب جملة من العوامل منها انتعاش الطلب مجدداً على الغاز الطبيعي مع بداية مرحلة التعافي من جائحة كوفيد-19، وتراجع مخزونات الغاز في السوق الأوروبي إلى أقل مستوى لها خلال عقد كامل في نفس الفترة من العام، الأمر الذي زاد المخاوف بخصوص الاستعدادات لفصل الشتاء المقبل. كما شكل وضع الإمدادات الإضافية من الغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب من روسيا إلى السوق الأوروبي، وتنامي الطلب الآسيوي على شحنات الغاز الطبيعي المسال في السوق الفورية، الذي تلجأ إليه أوروبا لتعويض نقص الإمدادات، عاملاً قوياً دفع الأسعار إلى الصعود إلى هذه المستويات القياسية. و أشارت المنظمة الى طبيعة التعاقدات التي يفضلها السوق الأوروبي في شراء إمدادات الغاز الطبيعي التي تعتمد بنسبة 80 بالمئة على العقود قصيرة الأمد، وباستخدام التسعير في السوق الفوري القائم على أساسيات السوق حسب العرض والطلب. وهو مسار انتهجه السوق الأوروبي منذ أكثر من عقد لكنه يعرَض المستهلكين لتقلبات الأسعار مع أي ديناميكية تشهدها الأسواق، تشير المنظمة. و في المقابل، ذكرت المنظمة في بيانها أن نظام التسعير القائم على الربط بأسعار النفط (الربط مع خام برنت) وبعقود طويلة الأمد، "يضمن استقرار أسعار الغاز والحد من تقلباتها، وتوفير الإمدادات بشكل آمن وموثوق ومستدام إلى المستهلكين". فالسعر الحالي لشحنات الغاز الطبيعي المسال في العقود طويلة الأمد يتراوح بين 10-11 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، أي نحو 35% من السعر الفوري الحالي للغاز في السوق الأوروبي، مع ضمان الحصول على الإمدادات في موعدها ضمن شروط التعاقد. وهو التسعير الذي تتبعه الدول العربية المصدرة للغاز الطبيعي المسال في أغلب تعاقداتها التصديرية، و"تحظى من خلاله بشراكة اقتصادية راسخة مع عملائها في مختلف الأسواق، وتوفر الحماية للمستهلكين من التقلبات المفاجئة في الأسعار"، يضيف البيان. وأكدت المنظمة، من جهة أخرى،على ضرورة الاستمرار في ضخ الاستثمارات في قطاع الغاز الطبيعي لرفع مستويات الإنتاج، بما يضمن توازن العرض والطلب في المدى المتوسط والمدى الطويل، لضمان استقرار السوق العالمية للغاز الطبيعي، الذي بات أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد العالمي، وعنصرا رئيسيا في عملية تحول الطاقة.