تجتمع دول عدم الانحياز يومي الاثنين و الثلاثاء ببلغراد لإحياء ذكرى انعقاد مؤتمرها الأول في 1961 بالعاصمة الصربية، في الوقت الذي تبحث فيه الحركة عن انطلاقة جديدة و بعيدا عن بلوغ أهدافها في تحقيق نظام عالمي عادل و سلمي. رغم الوضع الوبائي السائد في العالم من المنتظر مشاركة 35 رئيس دولة و حكومة و أكثر من 120 وزيرا للشؤون الخارجية في هذه الندوة، حسبما جاء في تصريح لرئيس دبلوماسية صربيا نيكولا سيلاكوفيتش نهاية أغسطس المنصرم. وأوضح السيد سيلاكوفيتش أن أغلبية الدول الافريقية الأعضاء في الحركة قبلت دعوة حكومة صربيا. و ستحظى صربيا على مدار يومين "بفرصة التحول إلى مركز العالم". وستكون الجزائر ممثلة خلال هذه القمة من قبل الوزير الأول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، ممثلا لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون. وكان اجتماع بلغراد المنعقد من الفاتح إلى الرابع سبتمبر 1961 قد شهد ميلاد حركة بلدان عدم الانحياز التي جاءت ثمرة الندوة الأولى المنعقدة في 1955 بباندونغ والتي توجت هي الأخرى تقاربا دبلوماسيا بين الدول الآسيوية و الدول الافريقية تمحور حول ثلاثة مطالب كبرى تدعم تصفية الاستعمار و ادماج بلدانهم في النظام المتعدد الأطراف و التنمية الاقتصادية. وسبق اجتماع بلغراد عقد اجتماع تحضيري بمصر يضم حوالي عشرين بلدا لتحديد الشروط التي ستفرض على الأعضاء الجدد في هذا التحالف. وأعلن الاجتماع عن الأسس الخمسة الرئيسية لعدم الانحياز: رفض اتخاذ موقف في المواجهة بين الشرق و الغرب، دعم دون تحفظ لحركات التحرر الوطنية و رفض أي تحالف ثنائي مع قوة عظمى و رفض احتضان قواعد عسكرية لقوة عظمى. وكانت قمة بلغراد "قد افتتحت في مناخ ساده توتر دولي كبير: مواجهات بين القوتين العظيمتين الولاياتالمتحدة و الاتحاد السوفياتي سابقا و بناء جدار برلين و تجربة القنبلة النووية بموسكو. بعد مضي ستين سنة تعتزم الدول الأعضاء في المنظمة اعادة احياء روح المؤسسين الذين كانوا يسعون لإرساء عالم أفضل حيث يمكن للدول العيش في انسجام. == قمة الجزائر لدول عدم الانحياز تعتبر نقطة تحول == وبالرغم من ان الظروف التي ادت الى انشاء منظمة دول عدم الانحياز (الحرب الباردة) قد اختفت الا ان اعضاءها قرروا المحافظة على المبادئ الاساسية. في سنة 1996، اي بضعة سنوات بعد سقوط جدار برلين و نهاية الحرب الباردة و الابارتايد في جنوب افريقيا، دافعت الاممالمتحدة على ولادة جديدة "لعدم الانحياز". ومن وجهة نظرها، فانه بالرغم من ان العالم قد تغير منذ بروز فكرة عدم الانحياز فان "المبادئ التي ترتكز عليها ظلت قائمة". وكان الامين العام السابق للأمم المتحدة، بطرس بطرس غالي، قد اكد بمناسبة الذكرى ال35 للحركة سنة 1996، انه سيكون من المناسب، في الحين و على المدى الطويل، ان ترفض كل الدول ان يتأسس النظام الدولي على القوة العسكرية. وحسب ذات المتحدث، يجب على هذه البلدان التأكيد ان العلاقات الدولية يجب ان تستند الى مبادئ الاستقلال و المساواة السيادية، كما يجب ان تعترف ان التنمية تعتبر مطلب عالمي و الربط بين نزع السلاح و التنمية. وبالنسبة للأمم المتحدة، يجب على دول عدم الانحياز الالتزام بحل القضايا العالمية على المستوى متعدد الاطراف و بوساطة من منظمة الاممالمتحدة و كذا ان تعبر عن تمسكها بتضامن يتجاوز الاختلافات. وعلاوة على عدم الانحياز الايديولوجي، تدعو الحركة منذ العديد من العقود الى عدم الانحياز الاقتصادي. و في هذا الصدد، شكلت القمة الرابعة لرؤساء الدول و الحكومات، التي نظمت من 5 الى 9 سبتمبر 1973، نقطة تحول في تاريخ الحركة حيث كان الامر يتعلق بالدفاع عن نظام اقتصادي دولي جديد. وكان الرئيس السابق، هواري بومدين، الذي كان يولي اهتماما كبيرا لهذه القمة، قد طالب، بضعة اشهر من بعد، بانعقاد دورة استثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة والتي دافع من خلالها على التوصيات المنبثقة خلال اللقاء الذي جرى بالجزائر العاصمة. وكان الامر يتعلق بالدفاع عن نظام اقتصادي عالمي من شأنه ان يحل محل نظام ذو طابع استعماري و امبريالي يعطي الاولوية للبلدان الغنية على حساب الفقيرة. وكانت المساواة و الاهتمام المشترك لكل البلدان و كذا حق بلدان العالم الثالث في ممارسة سيادتهم على ثرواتهم الطبيعية تندرج ضمن التوصيات الرئيسية لقمة الجزائر العاصمة. ومن جهة اخرى، كان مقترحو دبلوماسية حرب الجزائر، و هما حسين ايت احمد و امحمد يزيد، قد شاركا في الدورة الاولى للمؤتمر الاسيوي-الافريقي الذي جرى من 18 الى 24 ابريل 1955 بباندونغ و هو الحدث الذي ادى الى ظهور حركة عدم الانحياز التي لعبت فيها الجزائر دورا هاما.