أكد المجلس الوطني لحقوق الانسان، اليوم الأحد، أن مجازر 17 أكتوبر1961 نجحت في نقل الثورة إلى عقر أرض العدو وكشفت للصحافة الأجنبية مدى فظاعة الاستعمار الفرنسي في التفنن في عمليات التعذيب والتنكيل بالجزائريين، ضاربا عرض الحائط المبادئ السامية لحقوق الإنسان والديمقراطية التي طالما تغنى بها الساسة الفرنسيون. وأوضح المجلس في بيان أصدره بمناسبة إحياء الذكرى ال60 لمجازر17 أكتوبر 1961، أن هذه الاحداث "كان لها دور كبير في جعل الرئيس الفرنسي شارل ديغول يرضخ لإرادة قيادة الثورة في الجلوس إلى طاولة المفاوضات في 28 أكتوبر 1961". وذكر أن هذه الاحداث جاءت بعد خروج الجزائريين للتظاهر سلميا بالعاصمة الفرنسية "تنديدا بحظر التجول التمييزي الذي فرضه عليهم رئيس شرطة باريس آنذاك، موريس بابون، بأوامر عليا، حيث قوبلوا بالاستعمال المفرط للقوة وبالتقتيل رميا بالرصاص ورمي البعض منهم أحياء في نهر السين بعد تكبيلهم ومنهم من تعرض للضرب حتى الموت ومنهم من تم شنقه في غابة فانسان، حسب شهادات عناصر سابقين في الشرطة الفرنسية، ومنهم مفقودون إلى يومنا هذا". وفي هذا السياق، اشار المجلس الوطني لحقوق الانسان الى ان "عدد الجزائريين المتظاهرين وصل، حسب فدرالية جبهة التحرير بفرنسا، الى 8000 متظاهر بشوارع باريس وضواحيها"، مضيفا أنه "تم اعتقال أزيد من 15 ألف جزائري خلال أيام المظاهرات وتحويلهم إلى قصر الرياضات وحديقة المعارض وملعب كوبيرتين، حيث تعرضوا للضرب المبرح وبقوا لمدة طويلة دون علاج وبدون أكل وشرب". وعن عدد الضحايا، فإن فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا ترجح أن عددهم يصل إلى "أزيد من 400 ضحية، في حين بلغت التعزيزات الأمنية الفرنسية لمواجهة مظاهرات جاليتنا إلى حوالي 8 آلاف شرطي و1500 دركي، بالإضافة إلى جلب 500 حركي من الجزائر خصيصا لهذه العملية". إقرأ أيضا: كتابة التاريخ الوطني والتعريف به مهمة الجميع وبعد مضي 60 سنة عن هذه المجازر، فأن فرنسا --حسب المجلس الوطني لحقوق الانسان-- "لا تزال ترفض الاعتذار والاعتراف رسميا بهذه المجازر كجريمة ضد الإنسانية وبالتجارب النووية التي راح ضحيتها المئات من الجزائريين، وذلك رغم إصدار العدالة الفرنسية في حق موريس بابون حكما ب 10 سنوات حبسا بتهمة المشاركة في جريمة ضد الإنسانية". واعتبر المجلس أن ما قامت به الشرطة الفرنسية في 17 أكتوبر 1961 والأيام التي تلته "جريمة ضد الإنسانية متكاملة الأركان وإبادة جماعية وجريمة دولة ممنهجة". وبشأن التصريحات الاخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أوضح المجلس أنها "خطيرة ومزيفة للحقائق التاريخية الثابتة وتأتي في سياق حملة انتخابية شرسة في فرنسا لاجتذاب أصوات الناخبين بمن فيهم المهاجرين الجزائريين مزدوجي الجنسية والفرنسيين من أصول جزائرية" مثمنا بالمناسبة "موقف السلطات الجزائرية من تلك التصريحات غير المسؤولة". وخلص البيان الى دعوة كافة الشعب الجزائري إلى "مزيد من التلاحم والتضامن لغلق الطريق على أعداء الجزائر وخاصة في هذه الظروف بالذات".