بعد مضي 57 سنة، لا تزال فرنسا ترفض الاعتراف رسميا بمجازر 17 أكتوبر 1961 بباريس كجريمة دولة راح ضحيتها المئات من الجزائريين و هذا بالرغم من اجتماع أركان جريمة دولة في تلك المجازر، حسبما أكده مؤرخون و قانونيون، داعيين في هذا السياق الدولة الفرنسية إلى الاعتراف بمسؤوليتها إزاء تلك الجرائم مثلما قامت به بخصوص قضية موريس اودان. ففي ليلة 17 أكتوبر 1961، تم تقتيل المئات من الجزائريين و الجزائريات الذين نظموا مظاهرة سلمية بالعاصمة الفرنسية للتنديد بحظر التجول التمييزي الذي فرضه عليهم رئيس الشرطة آنذاك موريس بابون بأبشع الطرق فهناك من تم قتلهم رميا بالرصاص وهناك من تم إلقاؤهم في نهر السين و منهم من تعرضوا للضرب حتى الموت أو تم شنقهم في غابة فانسان، حسب شهادات عناصر سابقين في الشرطة الفرنسية. وكان موريس بابون قد شارك، خلال احتلال فرنسا من قبل القوات النازية حين كان أمينا عاما لمحافظة لا جيروند ما بين 1942 و 1944، في توقيف اليهود بمنطقة بوردو وترحيلهم إلى معسكرات الإبادة بأوشويتز. و بالرغم من أن العدالة الفرنسية أصدرت في حقه حكما ب10 سنوات حبس بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الانسانية إلا أنه لم يكن محل متابعات، من قبل نفس الجهات القضائية، بشأن المجازر التي استهدفت الجزائريينبباريس. وقال محمد غفير، مسؤول سابق في جبهة التحرير الوطني في منطقة شمال باريس إبان حرب التحرير، أن ما يقارب ألف جزائري راحوا ضحية القمع الدموي الذي مارسته الشرطة الفرنسية خلال مظاهرات أكتوبر 1961. وأضاف السيد غراندميزون أن "هذا الوصف لم يستعمل حتى لا يثير غضب الجيش و اليمين و اليمين المتطرف و مجموعة من ناخبيه و ربما ليتحاشى اجراء قضائيا رغم انه وصف دقيق لما قام به الجيش الفرنسي أثناء حرب الجزائر و فيما بعد بداية من مجازر 08 مايو 1945 بسطيف و قالمة و خراطة". وذكر الباحث الفرنسي بوعد الرئيس ماكرون بفتح الأرشيف و هو حسبه تصريح يكتنفه الغموض موضحا في هذا الشأن "إما ان يكون تصريح ماكرون متعلقا فقط بقضية اودان أو انه يتعلق بمجمل الارشيف المتعلق بحرب الجزائر". "بالمقارنة مع بلدان أخرى مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية و بريطانيا فإن التشريع الفرنسي واحد من اشد التشريعات تقييدا فيما يخص الحصول على الأرشيف"، يضيف الباحث. وأشار في هذا الصدد إلى ان رئيس الجمهورية الفرنسي يحاول أن يوهمنا بانه مستعد للاعتراف بالماضي الإجرامي لفرنسا في الجزائر، متحديا إياه ان "يدلي بتصريح دقيق حول الأحداث التي جرت في باريس و الضاحية الباريسية في أكتوبر 1961". من جهته اكد المؤرخ جيل مونسيرون انه "أهم ما في الأمر الآن هو أن "نوضح من خلال الاعتراف بمسؤولية الدولة الفرنسية في اغتيال موريس أودان أن آلاف الجزائريين لاقوا نفس المصير.