انتهت التكهنات حول مصير الانتخابات في ليبيا, حيث تقدمت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات اليوم الأربعاء باقتراح إلى مجلس النواب بتأجيل الرئاسيات إلى 24 يناير 2022 بدلا من موعدها المقرر الجمعة المقبل, بسبب صعوبات وتحديات فنية وقانونية, وسط دعوات دولية لمعالجة جميع العقبات بغرض تمكين الليبيين من اختيار مستقبل بلدهم. وتزامن اقتراح المفوضية مع إعلان لجنة نيابية استحالة إجراء الانتخابات الرئاسية في الوقت الحالي, بسبب ظروف مرتبطة بتقارير فنية وقضائية و أخرى أمنية. وتحدثت المفوضية عن "صعوبات وتحديات فنية وقانونية" واجهتها منذ استلامها للقوانين الانتخابية, معتبرة مرحلة الطعون, المنعطف الخطير على مسار العملية الانتخابية و مشيرة الى انها كانت بمثابة المحطة التي توقفت عندها مساعي الجميع لإنجاز هذا الاستحقاق التاريخي المسؤول لاعتبارات "لم تكن في متناول القائمين عليها", على حد قولها. و من أبرز هذه الاعتبارات -بحسب المفوضية-, "قصور التشريعات الانتخابية فيما يتعلق بدور القضاء في الطعون والنزاعات الانتخابية حيث انعكس الأمر سلبا على حق المفوضية في الدفاع عن قراراتها و أوجد حالة من عدم اليقين من أن قرارات المفوضية جانبها الصواب فيما يتعلق باستبعادها لعدد من المترشحين الذين لا تنطبق عليهم الشروط". و في نفس السياق, اكدت المفوضية على ان التداخل القائم بين المعطيات السياسية والأحكام القضائية الصادرة "دفع بقرار الإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين إلى ما يعرف بحالة القوة القاهرة", التي أفضت إلى "عدم تمكن المفوضية من الإعلان عنها ومن ثم عدم قدرتها على تحديد يوم 24 ديسمبر يوما للاقتراع". وعلى خلفية هذه التطورات المتسارعة, أصدر رئيس مجلس المفوضية الوطنية الليبية العليا للانتخابات, عماد السايح, تعميما يحث مسؤولي المفوضية "حل اللجان الانتخابية في مكاتب الإدارة الانتخابية المشكلة بموجب القرار رقم 65 لسنة 2021, وإنهاء أعمالها وتقديم تقاريرها بالخصوص", في تأكيد ضمني على تأجيل موعد الانتخابات. وتوقعت اوساط سياسية أن تتكفل الدبلوماسية الأمريكية, المبعوثة السابقة للأمم المتحدة التي عينها الأمين العام للأمم المتحدة مؤخرا كمستشارة خاصة لليبيا, ستيفاني ويليامز, بدور الوساطة بين جميع الأطراف لحل الازمة في البلاد, "حيث ستعمل على تمهيد الطريق لوضع اتفاق سياسي خلال الفترة التي ستؤجل فيها الانتخابات", حسب الصحافة الليبية. و في مساعي سياسية لاحتواء الوضع, التقى رئيس المجلس الرئاسي الليبي, محمد المنفي, اليوم الأربعاء السيدة ويليامز, لمناقشة آخر تطورات العملية السياسية في البلاد. وتم في الاجتماع, "استعراض مشاورات مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة مع الأطراف السياسية المختلفة, بهدف إزالة العقبات للوصول إلى الاستحقاق الانتخابي, ومناقشة الخيارات المختلفة لإنجاح العملية السياسية, والمحافظة على المسار التوافقي بالبلاد", حسب بيان المجلس الرئاسي. و بهذا الخصوص, أكد المنفي على "حيادية المجلس الرئاسي ووقوفه على مسافة واحدة من جميع الأطراف السياسية, والعمل على إنجاح العملية السياسية, للوصول إلى الاستحقاقات الانتخابية التي يتطلع إليها كل الشعب الليبي, مشيدا في ذات الوقت بجهود الأممالمتحدة في دعم المسار السياسي الليبي". وتوالت ردود الفعل الدولية عقب الاعلان عن تأجيل موعد الانتخابات الليبية, حيث أكد السفير الإيطالي لدى ليبيا, جوزيبي بوتشينو غريمالدي قائلا : "لقد تغير الوضع في ليبيا اليوم كثيرا مقارنة بعام 2011 : هناك عملية سياسية جارية, وهناك دعم دولي لهذه العملية". من جهتها, اعربت واشنطن عن قلقها إزاء "خيبة أمل" الليبيين بتأخر الانتخابات, مطالبة بالتعجيل في معالجة العقبات القانونية أمامها. و أضافت : "يتعين على القادة الليبيين نيابة عن الشعب التعجيل بمعالجة جميع العقبات القانونية والسياسية لإجراء الانتخابات, بما في ذلك وضع اللمسات الأخيرة على قوائم المرشحين للانتخابات الرئاسية". كما دعا المبعوث الأمريكي الخاص, سفير الولاياتالمتحدة إلى ليبيا, ريتشارد نورلاند, القادة الليبيين إلى التعجيل بمعالجة جميع العقبات القانونية والسياسية لإجراء الانتخابات بما في ذلك وضع اللمسات الأخيرة على قوائم المرشحين للرئاسيات. وكان وزير الخارجية الإيطالي, لويجي دي مايو, قد طالب جميع الأطراف الليبية بما وصفه ب"الالتزام البناء", لإنجاح الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة.