كشفت المنظمة العالمية للنزاهة المالية، "غلوبال فينانسيال انتيغريتي"، في آخر تقاريرها، عن تهريب 600 مليار درهم (حوالي 57 مليار يورو) من المغرب خلال عشرية (2009-2018) عبر "فواتير وهمية"، ما يعكس حجم الفساد الذي ينخر الدولة المخزنية في وقت يعاني فيه الشعب المغربي الفقر المدقع. و وصف رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، في منشور على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، ما تضمنه تقرير المنظمة الدولية غير الحكومية، التي يقع مقرها بواشنطن، ب"الخطير"، حيث شمل تهريب 600 مليار درهم من قبل "تجار مغاربة كبار فاعلين في التصدير والاستيراد"، لتفقد خزينة المملكة كل سنة 60 مليار درهم على مدار عشر سنوات. و أوضح أن "هذا النزيف يعود إلى استعمال الفواتير المزورة والتلاعب في قيمة السلع المصرح بها، ويحدث ذلك بطريقتين إما المبالغة في قيمة السلع أو التقليل من قيمتها"، مضيفا : "التجار الكبار يعمدون إلى التهرب من أداء الرسوم الجمركية وتمويه أنظمة مراقبة الصرف، حتى يتأتى لهم تحويل الأموال بشكل غير مشروع عبر الحدود الدولية، عن طريق إخفائها في مدفوعات و أداءات منتظمة للتجارة ضمن نظام التجارة الدولية". ولفت المتحدث ذاته الانتباه إلى أن "مثل هذه التقارير التي تكشف بعضا من أوجه الفساد بالمغرب، تشكل ناقوسا للمسؤولين و امتحانا حقيقيا لكل المؤسسات الرقابية وتلك المكلفة بإنفاذ القانون"، وهي تقارير "ستكون لها تكلفة على مستوى الاستثمار الأجنبي وتضع صورة البلد وكل الشعارات حول الحكامة والشفافية على المحك". وشدد على أنه "لا يجب الاستهانة بهذه التقارير أو الإسراع إلى تسفيهها وكيل الاتهامات لمسؤوليها، بل يتطلب مواجهة الواقع.. واقع الفساد والريع وسياسة الإفلات من العقاب بكل حزم وشجاعة"، ويتطلب ذلك، حسبه، "فتح تحقيق معمق وشامل حول ما ورد في التقرير وربط المسؤولية بالمحاسبة على ضوء ذلك". وخلص في الاخير إلى أن "ازدياد حجم تهريب الأموال يعود إلى استمرار نزيف الفساد وسيادة الإفلات من العقاب وعجز آليات الرقابة والقانون عن ملاحقة المهربين الكبار، الذين يتمتعون بنفوذ كبير". و اللافت انه رغم المبلغ المالي الكبير المهرب، فقد التزمت وسائل الاعلام المغربية الصمت حيال "الفضيحة المالية"، كما تلتزم الصمت حيال الاحتجاجات الشعبية الناقمة على الوضع المعيشي في المملكة، والمناهضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل. وليس تهريب الاموال الى الخارج عبر تضخيم الفواتير، الوجه الوحيد للفساد الذي ينخر اقتصاد الدولة المخزنية، بل يتفنن النظام الملكي و حاشيته في نهب أموال الشعب. و في هذا الاطار، تناول الصحفي المغربي، حميد المهداوي، فضيحة الاموال الطائلة التي كان رئيس الحكومة المغربية، عزيز اخنوش، يعتزم انفاقها في محطة للتزلج بفرنسا، والتي قدرت ب"300 مليون" درهم (حوالي 5ر28 مليون يورو)، الا أن جائحة كورونا حالت دون ذلك. و أكد المهداوي في فيديو مصور بث على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الفضائح التي طالت عزيز أخنوش "لو أنها جرت في أي بلد في العالم لما ظل هذا الشخص في منصبه ليوم اضافي واحد".