أبدت عدة أطراف بالمغرب استياءها إزاء التكلفة الباهظة التي تدفعها فئات من الشعب المغربي اجتماعيا و اقتصاديا، جراء الاداء السلبي لحكومة عزيز أخنوش التي يعاب عليها "ضعف الحضور السياسي" و افتقارها لتصورات حقيقية لحلحلة الوضع وتخلفها عن التفاعل الجدي مع مطالب المغاربة، "مما ينذر بالأسوأ". وتتعالى الأصوات بالمغرب محذرة من الغليان الشعبي والاحتقان الاجتماعي القابل للانفجار في أية لحظة بعد أن تبين للجميع حجم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية وعمقها، وذلك استنادا للحقائق والمعطيات بشأن الوضع الاقتصادي الصعب وتداعيات الجفاف في ظل انعدام رؤى استشرافية حقيقية للحكومة لمجابهته. ولازالت مواضيع الزيادة الصاروخية في الأسعار، سواء تعلق الأمر بالمواد الغذائية أو المحروقات، وندرة المياه، تهيمن على حديث الشارع المغربي ومواقع التواصل الاجتماعي وعلى مستوى الهيئات الحقوقية والحزبية بالمملكة، الى جانب التوتر القائم في العديد من القطاعات على غرار التعليم والصحة والنقل. ونقلت مواقع اخبارية عن نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب "التقدم والاشتراكية"، إن الظرفية الصعبة التي يمر بها المغرب "تحتاج إلى حكومة قوية، وليس حكومة ضعيفة الحضور السياسي". وأشار بن عبد الله في لقاء نظم بالرباط، أن الحكومة الحالية لا تملك أي تصورات حقيقية، متسائلا عن "الدولة الاجتماعية" التي بشرت بها حكومة أخنوش، والتي "لا يظهر لها أي أثر إذا استثنينا مشروع تعميم التغطية الاجتماعية". وأكد ذات المتحدث على أن "ما يحتاجه المغاربة هو قرارات و إجراءات للحفاظ على الاستقرار، وليس مجرد شعارات مثل الدولة الاجتماعية التي هي في الأساس منطلقات وبرامج وليس إجراءات تقنية معزولة ومفصولة عن الواقع"، مشددا على أنه "لا يمكن لأي نموذج تنموي أن ينجح دون فضاء سياسي داعم للحقوق والحريات". من جهتها، عبرت الجبهة الاجتماعية المغربية، في بيان أعقب "ملتقاها الوطني"، عن قلقها من الغلاء الفاحش الذي مس كل المواد الغذائية كالزيت والدقيق والقمح والخضر والمحروقات، مشيرة إلى أن الظاهرة "هي في الحقيقة ناتجة عن اختيارات تم تجريبها لعقود وترسيخها في إطار ما يسمى بالنموذج التنموي الجديد"، والذي اعتبرت الجبهة أنه يأتي في إطار "التبعية والريع والاحتكار والاستبداد الراعي للفساد" و الذين أدوا إلى "غياب شامل للأمن الغذائي والطاقوي والاعتماد الكلي أو شبه الكلي على الخارج". و ادان البيان ايضا تمادي النظام المغربي "في خنق الحريات الذي اتخذ أشكالا لا تعد ولا تحصى من ضرب لحرية الرأي والتعبير والتنظيم والعمل النقابي والمحاكمات غير العادلة والمسيسة، والتي كان آخرها الأحكام الصادرة في حق المدونين والصحفيين والأساتذة المتعاقدين بالإضافة الى الامعان في اعتقال قادة حراك الريف". وبخصوص معضلة المياه بالمغرب، و اكتفاء وزير التجهيز والماء، نزار بركة، بالتبرير والتحذير منها بدل تصور الحل ومحاولة معالجة الإشكالية بنظرة استشرافية، قال جمال العسري، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، ان "هذه الحكومة بأحزابها الثلاثة مسؤولة عن إيجاد الحلول للمشاكل التي قد يتعرض لها الوطن، فالمغرب اليوم يعاني من مشكل تراجع الموارد المائية، وهذا المشكل أفرز عددا من الإشكالات الكبرى". وأكد ان المواطنين يسائلون وزير القطاع عن التدابير التي اتخذها لمواجهة خطر الجفاف، وهو الذي كان مسؤولا عن الفلاحة والماء لمدة تزيد عن عقد من الزمن. وأضاف : "في الوقت الذي كان الجميع ينتظر من أمين عام أحد أقدم الأحزاب السياسية المغربية، التدخل لطرح مبادرات ومشاريع و أفكار لمساعدة المواطنين على مواجهة أزمة الماء، اكتفى الوزير نزار بركة بالملاحظة وبرفع بصره للسماء والدعاء في انتظار ما ستجود به السماء من أمطار، متناسيا أنه وزير عليه التخطيط لكل الظروف". وارجع جمال العسري هذا الصمت الى "طبيعة الحكم بالمملكة"، موضحا انه "رغم ما يقال عن الإنتخابات المغربية، وما يقال عن التناوبات الحكومية، وما يقال عن البرامج الحزبية، فالحقيقة أن ما نتوفر عليه بالمغرب، في ظل الدستور الذي يحكمنا، هي حكومات تدبير و تصريف الأعمال، وزراؤها أقرب إلى صفة الموظفين الكبار من صفة الوزراء". ومن هذا المنطلق - يضيف المتحدث - يمكن النظر إلى "عجز" نزار بركة وزير التجهيز و الماء، فهو بهذا المنصب بمثابة موظف كبير ينتظر التوجيهات.