توالت الانتقادات الموجهة للحكومة المغربية برئاسة، عزيز خنوش، التي تصر على التزام الصمت أمام تفشي معضلات الفساد وهدر المال والرشوة بالمملكة، وفي ظل تنامي المؤشرات السلبية المعاكسة لتطلعات المجتمع في محاربة هذه الآفات وضعف المنظومة القانونية والمؤسساتية ذات الصلة وإفلات المتورطين من العقاب. وعبرت اللجنة الإدارية للجمعية المغربية لحماية المال العام، في بيان عقب اجتماعها بالدار البيضاء أول أمس، عن "قلقها وانشغالها بخصوص رغبة وإرادة الحكومة في محاربة الفساد وتخليق الحياة العامة". ونبه البيان إلى "خلو الخطاب الحكومي المتواتر من أي إشارة لمعضلة الفساد رغم الإقرار الرسمي بخطورته على الوضع الاقتصادي والاجتماعي، والتراجع عن تجريم الإثراء غير المشروع، فضلا عن سحب قانون الاحتلال المؤقت للملك العمومي، وكذا سحب القانون المتعلق باستغلال المناجم، إضافة إلى تصريحات وزير العدل التي تضرب المكتسبات الدستورية في مجال أدوار المجتمع المدني". وكشفت الجمعية المغربية لحماية المال العام، في تقييمها للخطط الحكومية لمكافحة الفساد وتخليق الحياة العامة، أن "الاستراتيجية الوطنية ظلت دون أجرأة وتنفيذ بنودها وأهدافها"، مسجلة باستياء "التأخر والتردد الملحوظ في تحريك المتابعات القضائية بخصوص ملفات الفساد ونهب المال العام التي عمرت طويلا أمام البحث التمهيدي". كما أعربت عن قلقها إزاء "ضعف المنظومة القانونية والمؤسساتية ذات الصلة بمكافحة الفساد والرشوة ونظام الريع والامتيازات، التي أصبحت تشكل خطورة على كل البرامج العمومية الموجهة لخدمة التنمية وتساهم في تفاقم الشعور بالظلم و+الحكرة+". == وزير العدل يتستر على الفساد والمفسدين == ونبهت الهيئة الحقوقية إلى أن كل ذلك يحدث في ظل ارتفاع أسعار العديد من المواد وضعف المراقبة والبرامج الاجتماعية، وفي ظل ضعف آليات مراقبة السوق، فضلا عن تداعيات أزمة كورونا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مقابل ارتفاع وتزايد ثروات البعض دون أن يتأثر بأي أزمة بسبب استمرار الفساد وسياسة الريع وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة". واستنكرت الجمعية المغربية في بيانها تصريحات وزير العدل بخصوص تقييد أدوار المجتمع المدني وحقه في اللجوء إلى القضاء بخصوص شبهة فساد بعض المسؤولين، معتبرة إياها انتهاكا صارخا للدستور وتدخلا سافرا في استقلال السلطة القضائية، فضلا عن كونها تصريحات توفر غطاء سياسيا للفساد والمفسدين وناهبي المال العام وتنتهك مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة". وإلى جانب الفساد والرشوة وهدر المال العام التي زادت من الاحتقان المجتمعي بالمغرب، تواجه حكومة أخنوش، مزيدا من الضغوطات جراء ضعف أدائها في محاربة الفقر والبطالة والأمية والحد من الفوارق الطبقية والاجتماعية والمجالية. وفي هذا الإطار سجلت "المنظمة الديمقراطية للشغل" بالمغرب في بيان لها "استمرار انتشار الفساد المالي والإداري وارتفاع الأسعار والاحتكار وزيادة التضخم والتملص الضريبي، وتسببه في تحجيم الاقتصاد الوطني، واستمرار انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي وثقل المديونية وفوائدها". وأرجعت المنظمة تدني القدرة الشرائية للمواطنين بالمغرب، ل"استمرار الارتفاع القياسي لأسعار المحروقات، والمواد الغذائية الأساسية والخدمات الاجتماعية، وفتح المجال أمام تجار الأزمات للاغتناء اللامشروع". وكان رئيس المجلس الوطني لحزب "العدالة والتنمية" المغربي، إدريس الأزمي الإدريسي، انتقد من جانبه "سياسة الهروب من المواجهة" التي ينتهجها رئيس الحكومة والتزامه الصمت أمام غضب الشارع بسب ارتفاع الاسعار. واتهم الإدريسي، خلال كلمة له في اجتماع اللجنة المركزية لشبيبة العدالة والتنمية، بالرباط، الحكومة بسحب القوانين التي تحارب الفساد، وفرض سرية اللجان البرلمانية التي يفتح فيها نقاشات حول قضايا الشأن العام.