نظم المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر، اليوم الثلاثاء، بالجزائر العاصمة يوما تكريميا على شرف عميد الفن التشكيلي الجزائري بشير يلس الذي يعتبر أيقونة حية ورمزا للإبداع الفني الجزائري وذلك في إطار فعاليات إحياء شهر التراث (18 أبريل – 18 مايو). وتميز الحفل التكريمي الذي احتضنه المتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط بقصر مصطفى باشا بالقصبة السفلى، بتقديم شهادات حية من تلامذة الرسام الكبير بشير يلس حول أهم مساراته وإسهاماته، بحضور عائلته ونخبة من تلامذته الذين سجلوا بحضورهم تقديرهم الكبير للقيمة الفنية النادرة وللموهبة الفريدة لهذا الفنان الذي وهب حياته للفن الذي مارسه بشغف إلى يومنا هذا على مدار أكثر من 70 سنة من السخاء الفني. وفي شهادته أشاد الفنان والنحات مصطفى عدان، وهو من زملاء وأصدقاء الفنان التشكيلي بشير يلس المقربين ب"الرسام الكبير بشير يلس الذي قدم الكثير خدمة للفن والثقافة الجزائرية الأصيلة وسعيه الدؤوب لابراز الخصوصيات المحلية بعناصرها الجمالية والتقنية الثرية وكذا جهوده البيداغوجية كمدير للمدرسة الوطنية للفنون الجميلة والهندسة بعد الإستقلال مباشرة إلى جانب تأسيسه وتسييره للاتحاد الوطني للفنون التشكيلية عام 1963الذي شكل فضاءا للإبداع أعطى دفعا ودينامية لمجال الفن التشكيلي الوطني". واعتبر التشكيلي و النحات،عدان مصطفى في كلمته أن " بشير يلس يعد رمزا حيا للفن الجزائري و قدم إسهاما كبيرا في إثراء الثقافة وتشجيع البحث في تاريخ الجزائر والتراث لتوظيفه في مختلف الأعمال الفنية كما أنه نموذج بيداغوجي نادر أعطى نفسا جديدا للممارسة الفنية بالجزائر من خلال وضعه لمناهج جديدة للتدريس الفني خارج النموذج الكولونيالي". كما تطرق ذات المتحدث إلى جوانب من الخصال الإنسانية والأخلاقية العالية لبشير يلس، أول مدير للمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية و الفنون الجميلة ما بين (1962-1988) وكذا مصمم النصب التذكاري لشهداء الجزائر (مقام الشهيد) و العديد من الجداريات و الطوابع البريدية. بدوره، تناول الفنان التشكيلي زرقة أمقران ، جوانب أهم مسارات أستاذه منذ إلتحاقه بمدرسة الفنون الوطنية للفنون الجميلة سنة 1968 في تخصص السيراميك والديكور الداخلي، حيث أبرز صرامته العلمية البيداغوجيا و العاطفة الأبوية التي تحلى بها أستاذه وحسن معاملته لطلبة المدرسة، معتبرا إياه "فنانا شاملا وبمثابة الوالد الذي لايبخل في تقديم النصائح لتلامذته". ومن جهته ثمن الخطاط عبد القادر بومالة مبادرة تكريم أستاذه بشير يلس، باعتباره رائدا للفن التشكيلي الجزائري وقامة فنية قدمت الكثير للحركة التشكيلية، معرجا على جوانب من إسهامه النوعي في تكوين جيل من الفنانين التشكيليين والنحاتين والخطاطين الجزائريين ممن حافظوا إلى اليوم على تقاليده وإرثه الفني. كما استعرض تجربة تعاونه معه في مشروع تصميم اعمال الزخرفة الخطية بقبة سرداب مقام الشهيد برياض الفتح والمتحف المركزي للجيش، داعيا إلى ضرورة "تكريمه والإحتفاء به بصورة أوسع والتعريف به للأجيال القادمة في المناهج التربوية". وفي ذات الصدد، تحدث الخطاط طاهر بوكروي عن جوانب من شخصية استاذه و مواقف أبرزت خصاله الإنسانية العالية و تعامله الراقي مع طلبته في المدرسة، معتبرا إياه "بمثابة الوالد وأيضا البيداغوجي الذي تحمل مسؤولية جيل كامل". مذكرا بانه " قام بإرساله في بعثة دراسية إلى إيران لتعزيز معارفه في مجال المنمنمات". وبالمناسبة، استحسن عبد الكريم يلس، نجل الرسام بشير يلس، "الالتفاتة التي سمحت باسترجاع "مسار والده الفني" مشيرا إلى تعذر مشاركة والده الذي تجاوز عمره ال 100 سنة في اللقاء بسبب "حالته الصحية". ولد الفنان التشكيلي بشير يلس بتلمسان يوم 12 سبتمبر سنة 1921، بعد دراسته الثانوية بها التحق في 1943 بمدرسة الفنون الجميلة بالجزائر العاصمة حيث شارك بعجد سنة في اول معرض للرسم و المنمنمات، وتحصل على الجائزة الفخرية للفنون الجميلة سنة 1947. كما نظم اول معرض شخصي له سنة 1948 بتلمسان و تحصل الفنان في 1958 على دبلوم الفنون الجميلة بباريس. بعد استرجاع السيادة الوطنية، شارك بشير يلس سنة 1962 في أول معرض بعد الاستقلال و تولى ادارة المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية و الفنون الجميلة، كما تراس في السنة الموالية الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية، و هو احد مؤسسيه، ليعين مديرا للمتحف الوطني للفنون الجميلة سنة 1975. وحاز الرسام يلس على تكريمات عديدة منها سنة 2007 من قبل الاتحاد الوطني للفنون الثقافية ثم بالمدرسة العليا للفنون الجميلة سنة 2014 ، و في سنة 2021 من طرف تلامذته القدامى من خلال معرض جماعي بمناسبة إحياء مئوية ميلاده بالمتحف الوطني للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة.